مفاوضات جنيف تراوح مكانها

مساعي اللحظات الأخيرة تتكثف

بند الإرهاب يفخخ المؤتمر (أ.ف.ب)
بند الإرهاب يفخخ المؤتمر (أ.ف.ب)
TT

مفاوضات جنيف تراوح مكانها

بند الإرهاب يفخخ المؤتمر (أ.ف.ب)
بند الإرهاب يفخخ المؤتمر (أ.ف.ب)

تقترب جولة المفاوضات السورية في جنيف وبعد ثمانية أيام متتالية من الاجتماعات، من الانتهاء من دون تحقيق أي خرق يذكر، إذ ركزت على بحث جدول أعمال يؤسس لجولات أخرى لم يتم الاتفاق عليه بعد بسبب الهوة الواسعة بين وفد النظام السوري ووفد المعارضة.
والتقى وفد النظام برئاسة بشار الجعفري صباح الجمعة، نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف ومجموعة من المسؤولين الروس.
وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» أن «الجانبين أعربا عن ارتياحهما لسير المحادثات في جنيف على الرغم من محاولات البعض إفشاله».
ويلتقي دي ميستورا الجمعة الوفود الأربعة المشاركة في جولة المفاوضات السورية الحالية التي بدأت في 23 فبراير (شباط)، الممثلة للحكومة ولأربعة جهات معارضة، أبرزها وفد الهيئة العليا للمفاوضات برئاسة نصر الحريري.
ويشارك مبعوثون من دول عدة، على رأسها الولايات المتحدة وروسيا، بالإضافة إلى قطر وتركيا وفرنسا، في المحادثات مع الوفود، بعيدا عن الإعلام وقاعات الاجتماعات الرسمية.
وكان ملف الإرهاب أكثر البنود إثارة للجدل خلال المفاوضات، خصوصاً أن النظام يطالب وفق موفده إلى جنيف بشار الجعفري بإضافته إلى العناوين الثلاثة التي اقترحها المبعوث الدولي، على أن تبحث بالتوازي، وهي: الحكم والدستور والانتخابات التي تشكل محاور العملية الانتقالية، فيما ترفض المعارضة ذلك، بما أن هذا الموضوع «لا يحتاج إلى مفاوضات».
وصرح الجعفري الخميس بعد لقاء مع دي ميستورا في مقر الأمم المتحدة بأن النقاش تناول «مسألة مكافحة الإرهاب كسلة على قدم المساواة مع بقية السلات»، متهماً وفد الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لأطياف واسعة من المعارضة السياسية والعسكرية، بأخذ مفاوضات جنيف «رهينة» لرفضها إضافة الإرهاب على جدول الأعمال.
من جهته، خرج وفد الهيئة العليا للمفاوضات من لقاء مع دي ميستورا ليعلن بلسان نصر الحريري أن الاجتماع تركز لليوم الثالث على «الانتقال السياسي، وهذه النقاشات تتطور أكثر كل يوم».
وذكرت مصادر مواكبة للمفاوضات لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن دي ميستورا، وبعد اجتماعات رسمية في مقر الأمم المتحدة الخميس، واصل مباحثاته غير الرسمية مع الأطراف المشاركة حتى وقت متأخر من الليلة الماضية. ولم ينجح حتى الآن في عقد جلسة تفاوض مباشر واحدة. ولم تلتق الوفود وجها لوجه إلا في الجلسة الافتتاحية التي اقتصرت على كلمة ألقاها دي ميستورا وقال فيها إنه لا يتوقع خرقا ولا معجزات. وبحسب المصادر فإن الهيئة العليا للمفاوضات، لا تريد بحث العناوين الثلاثة التي طرحها دي ميستورا بالتوازي، بل تفضل البدء بالانتقال السياسي أولا والتقدم في هذا الملف قبل بحث الدستور والانتخابات، فيما قبول الهيئة بإضافة الإرهاب مرتبط باقترانه ببحث جرائم الحرب والبراميل المتفجرة، ما من شأنه «أن يحرج النظام».
إلى ذلك، نقلت «رويترز» عن دبلوماسيين غربيين توقعهم أن تنتهي المحادثات «بأجندة متفق عليها» وخطة لاستئناف المفاوضات هذا الشهر في جنيف. ولم يتضح ما إذا كانت مسألة مكافحة الإرهاب ستكون جزءا من البنود، خصوصاً أن المعارضة لا تزال تسعى للحصول على تأكيدات بأن النظام لن يستخدم الإرهاب ذريعة لإخراج المحادثات عن مسارها.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.