الحمد الله أمام بدو الخان الأحمر: الاستيطان يقضي على الحلم بدولة متواصلة

إسرائيل تطرح مشروع قانون ضم «معاليه أدوميم» للنقاش الأحد المقبل

منظر عام لتجمع بدو خان الأحمر (إ.ب.أ)
منظر عام لتجمع بدو خان الأحمر (إ.ب.أ)
TT

الحمد الله أمام بدو الخان الأحمر: الاستيطان يقضي على الحلم بدولة متواصلة

منظر عام لتجمع بدو خان الأحمر (إ.ب.أ)
منظر عام لتجمع بدو خان الأحمر (إ.ب.أ)

يجتذب تجمع البدو في منطقة الخان الأحمر، شرق القدس المحتلة، على الطريق السريع إلى أريحا، اهتماما دوليا وفلسطينيا وإسرائيليا متزايدا، منذ قررت السلطات الإسرائيلية ترحيل جميع سكانه، ضمن مخطط معروف باسم «إي 1»، وطالما كان عامل توتر دولي اختلفت بسببه الولايات المتحدة وإسرائيل، وأدانه الأوروبيون بشدة، وحذر منه الفلسطينيون لأنه يعني نهاية عملية السلام.
وزار رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، أمس، البدو المهددين بالترحيل في رسالة دعم رسمية، قائلا: «باسم القيادة الفلسطينية والحكومة وأبناء شعبنا، سنواجه مع أهلنا في تجمع الخان الأحمر، ويلات الاحتلال، التي كان آخرها إخطارات هدم بحق المدرسة هناك و42 منشأة».
وزار الحمد الله البدو في خيامهم وجلس معهم وتحدث إليهم وسمع منهم وطمأنهم. كما عرج على المدرسة الوحيدة في التجمع والتقى طلبتها الصغار، مطالبا الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن، بالعمل العاجل لوقف عمليات الهدم التي من الممكن أن تجري في أقرب وقت، وتوفير الحماية الدولية العاجلة لبدو الخان الأحمر.
ووعد الحمد الله بتوفير كل الإمكانات لتعزيز صمود البدو في المنطقة المصنفة وفق اتفاقات أوسلو بالمنطقة «ج»، وهو ما يعني عمليا سيطرة أمنية وإدارية لإسرائيل.
وعادة ما تدعم السلطة تجمعات في هذه المناطق عبر البناء فيها، بعد أن تكون إسرائيل قد قامت بهدم وتشريد العائلات هناك.
ويوجد 46 مجتمعا بدويا في الضفة الغربية، يسكنها نحو 7 آلاف فلسطيني، 70 في المائة منهم من اللاجئين الفلسطينيين، وكلها مهددة بالهدم. لكن منطقة الخان الأحمر تعد استثناء بسبب الموقع الجغرافي الذي يعطيه الفلسطينيون والإسرائيليون أهمية خاصة للغاية.
وتقع المنطقة شرق القدس بالقرب من مستوطنة معاليه أدوميم، بل يعدها الإسرائيليون جزءا غير مبني من المستوطنة. وتسعى الحكومة الإسرائيلية إلى ضمها. وعلى الرغم من تخوفها من ردود الفعل الأوروبية والأميركية من قرار كهذا، فقد رضخ رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، أمس، لضغوط القيادات الاستيطانية، ووافق على طرح مشروع قانون ضم المستوطنة التي تعد إحدى أكبر المستوطنات، إلى إسرائيل، للنقاش في اللجنة الوزارية لشؤون القانون، يوم الأحد المقبل.
وحسب مشروع القانون، يجري فرض القانون الإسرائيلي على منطقة (إي - 1) التي تم ضمها في السابق إلى منطقة نفوذ المستوطنة، وهي التي بقيت منفذا وحيدا للتواصل الجغرافي بين جنوب الضفة الغربية وشمالها. وتبلغ مساحة المنطقة نحو 12 كلم مربعا، وتمتد شمال مستوطنة معاليه أدوميم وغربها. وحسب منتقدي ضمها، فإن البناء الاستيطاني فيها سيفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها، وسيصعب إقامة دولة فلسطينية متواصلة. وكانت نية إسرائيل البناء في هذه المنطقة قد أثارت انتقادات دولية صارمة، وعارضتها بشكل خاص الإدارات الأميركية، بما في ذلك إدارة باراك أوباما. ولأسباب سياسية تم تعليق كل مخططات البناء فيها منذ عام 2005.
في السياق ذاته، أطلق رئيس بلدية معاليه أدوميم، بيني كشرئيل، أمس، حملة للضغط على الوزراء من أجل دعم الضم. وفي هذا الإطار قام بتوزيع أرقام هواتف أعضاء اللجنة الوزارية لشؤون القانون، على عابري السبيل، وحثهم على بث رسائل إلى الوزراء تتضمن طلبا شخصيا بالتصويت «من أجل السيادة في معاليه أدوميم». وقال كشرئيل: «لا يوجد شيء اسمه توقيت مناسب، وأنا أتوقع من رئيس الحكومة والوزراء المصادقة على القانون يوم الأحد».
من جانبه، حذر الحمد الله من ترحيل بدو الخان الأحمر، وضم مناطقهم واعتبر ذلك «تجاوزا لكل الخطوط الحمر. إذا حدث أي شيء في هذه المنطقة من استيطان، فهذا سيكون نهاية حل الدولتين، ولن نستطيع الحديث عن دولة متواصلة جغرافيا».
وأضاف: «لن نقبل بفلسطين إلا كدولة مستقلة كاملة السيادة قابلة للحياة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وإذا ما استمرت إسرائيل في استيطانها في منطقة إي 1. فسيتم عزل القدس وتقسيم الضفة الغربية إلى قسمين، ولن تكون هناك دولة فلسطينية مستقلة ومتواصلة».
وهذه ليست المرة الأولى التي يحذر فيها الفلسطينيون من تنفيذ مشروع «إي 1» الذي فجر خلافا سابقا بين إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية، وجمده الإسرائيليون بسبب ذلك، لكن إعلان إسرائيل الشهر الماضي أنها «منطقة عسكرية مغلقة»، بعد محاصرة بدو الخان وتوزيع إخطارات خطية عليهم بضرورة مغادرة المكان، دق ناقوس الخطر مجددا في رام الله.
وتقول إسرائيل إن البدو يسكنون في المنطقة في منازل بلا تصاريح، على الرغم من أن الحديث يدور عن هياكل مصنوعة من الطين وإطارات السيارات، وبنيت بدعم من الجهات المانحة.
ورد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة -أوتشا، بأن الحصول على التصاريح يستحيل إلى حد كبير في المنطقة، وفي أكثر من 60 في المائة من الضفة الغربية المعروفة باسم المنطقة «ج»، وذلك بسبب التخطيط التمييزي ونظام تقسيم المناطق الذي تفرضه إسرائيل.
ويفترض أن تبت المحاكم الإسرائيلية خلال الشهر الحالي، في القضية المنظورة أمامها منذ وقت طويل.
وأجلت محكمة نهاية فبراير (شباط) الماضي، البت في قضية هدم 40 منزلاً ومنشأة في الخان الأحمر، بما في ذلك المدرسة الوحيدة في المنطقة.
ويعيش في التجمع البدوي هناك نحو 33 عائلة لديها مرافق ومدرسة ومسجد صغير وحظائر أغنام.
وزار مسؤولون أمميون المنطقة محذرين من ترحيل البدو.
وقال منسق المساعدات الإنسانية والأنشطة الإنمائية للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية، روبرت بيبر، عندما زار المنطقة الأسبوع الماضي: «إنه واحد من التجمعات الأكثر ضعفا في الضفة الغربية، الناس هنا يكافحون من أجل الحد الأدنى من مستوى المعيشة... نقل الناس بالقوة مرفوض ويجب أن ينتهي».
وبحسب إحصاءات رسمية، فإن تنفيذ إسرائيل لأوامر طرد البدو في المنطقة، سيطال 140 لاجئا فلسطينيا، نصفهم من الأطفال.
وقالت الأمم المتحدة إن فرض النقل المقترح للتجمعات يصل إلى حد التهجير القسري والطرد، ويخالف التزامات إسرائيل كقوة محتلة.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.