20 كلم تفصل النظام السوري عن ربط مناطق {الإدارة الذاتية الكردية}

الأكراد يؤكدون تنسيقهم مع موسكو ومطمئنون للانتشار الأميركي في منبج

20 كلم تفصل النظام السوري عن ربط مناطق {الإدارة الذاتية الكردية}
TT

20 كلم تفصل النظام السوري عن ربط مناطق {الإدارة الذاتية الكردية}

20 كلم تفصل النظام السوري عن ربط مناطق {الإدارة الذاتية الكردية}

قالت مصادر ميدانية إن 20 كيلومترا فقط باتت تفصل قوات النظام السوري وحلفائه عن وصل محافظتي الحسكة وحلب وبالتالي ربط مناطق الإدارة الذاتية الكردية بعضها ببعض، وهو ما دفع عددا من الخبراء للتأكيد على وجود «تحالف أمر واقع» بين النظام السوري وقوات الحماية الشعبية الكردية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي (ب ي د)، لا يزال الطرفان ينكرانه رغم إقرارهما بقطع طريق قوات «درع الفرات» المدعومة من أنقرة من خلال تحقيق تماس بينهما في منبج يمنع هذه القوات من التقدم نحو ريف حلب الشرقي.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» يوم أمس، بتوسيع قوات النظام مدعومة بقوات نخبة من «حزب الله»، نطاق سيطرتها في ريف حلب الشمالي الشرقي، من خلال دخوله خلال أسبوعين إلى عشرات البلدات والقرى الواقعة جنوب مدينة الباب بمساحة إجمالية تتجاوز 600 كيلومتر مربع، موضحا أن تقدم النظام بمساحة نحو 20 كلم بموازاة حدود سيطرة مجلس منبج العسكري (تسيطر عليه قوات سوريا الديمقراطية ذات الغالبية الكردية)، سيعيد بعد أكثر من عامين العمل بين طرق محافظتي الحسكة وحلب وبالتالي سيؤدي لتواصل مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» و«الإدارات الذاتية» في كل من عفرين وكوباني والجزيرة، عبر مناطق سيطرة النظام في ريف الباب. بالمقابل، أكدت مصادر قيادية كردية أن «الطريق بين المقاطعات الـ3 سوف يفتح قريباً»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «النظام سيستفيد بالدرجة الأولى، ولكن نحن أيضا بحاجة ماسة إلى هذا الطريق من أجل الأهالي وكسر حصار مفروض من قبل تركيا وإقليم كردستان (العراقي)». وأضافت: «هذا لا يعني أننا في حلف مع النظام، فهو أصلا لا كلمة له على الأرض. نحن على علاقات مع موسكو التي تمسك وإيران زمام الميدان». وأشارت المصادر إلى أن «الاشتباكات العنيفة التي وقعت الثلاثاء بين قوات مجلس منبج العسكري وقوات النظام بمحيط الخفسة، دليل واضح على أن ما بيننا ليس تحالفا على الإطلاق».
هذا وقد نفى المرصد السوري لحقوق الإنسان علمه بحصول اشتباكات مماثلة في الخفسة بين الطرفين. ولطالما شكلت علاقة النظام والأكراد محط متابعة نظرا لكم التناقضات التي تحيط بها، خاصة أنهم (أي الأكراد) عانوا على مدى عقود من سياسة تهميش، قبل أن يتصاعد نفوذهم مع اتساع رقعة النزاع في سوريا عام 2012 ومن ثم انسحاب قوات النظام تدريجيا من المناطق ذات الغالبية الكردية.
ويقول رئيس تحرير صحيفة «الوطن» السورية القريبة من النظام وضاح عبد ربه لوكالة «الصحافة الفرنسية» أنه «بالنسبة إلى الحكومة السورية كما الأكراد، (الرئيس رجب طيب) إردوغان هو العدو. يتعلق الأمر بالتصدي لمشروع غزوه للمناطق الحدودية». ويضيف: «من الطبيعي جداً أن تتحالف القوات الموجودة على الأرض لصد أي تقدم تركي داخل الأراضي السورية»، متابعا: «حالياً باتت القوات التركية محاصرة من الجهات كافة».
من جهته، يرى الباحث والخبير في الجغرافيا السورية فابريس بالانش، أن «النظام يعارض الحكم الذاتي للأكراد، لكن في الوقت ذاته لا يملك الوسائل لاستعادة الأراضي التي يسيطرون عليها» في شمال وشمال شرقي سوريا. أما مستشار القيادة العامة لقوات سوريا الديمقراطية، ناصر حاج منصور، فيؤكد أن «النظام ما زال نفسه ولم يتغير، وكلما سمحت له الظروف سيهاجم مناطقنا لكن الظروف الدولية أو المحلية لا تسمح له بذلك»، معتبرا أنه «إذا كان ما من اشتباكات بيننا وبين النظام، فهذا لا يعني أن هناك اتفاقاً أو تعاوناً لأن الحكومة السورية تعارض مشروع الفيدرالية» الكردي.
ويسعى الأكراد (حزب ب ي د) الذين أعلنوا إقامة إدارة ذاتية مؤقتة في شمال البلاد، إلى ربط مقاطعاتهم الثلاث، الجزيرة (الحسكة) وعفرين (ريف حلب الغربي) وكوباني (ريف حلب الشمالي)، من أجل إنشاء حكم ذاتي فيها على غرار كردستان العراق. ولم يتلق أكراد سوريا حتى الساعة أي وعود من أي طرف إقليمي أو دولي بالموافقة على إقامة فدرالية كردية في شمال البلاد. إلا أنهم يبدون مطمئنين أكثر من أي وقت مضى لموقع الإدارة الأميركية الجديدة في الملف السوري، وهو ما لمّح إليه نواف خليل، رئيس المركز الكردي للدراسات، معتبرا أن نشر واشنطن قواتها في منبج في الساعات الماضية بمثابة «رسالة واضحة للأتراك، ورفع كارت أحمر بوجهها يمنعها منعا باتا الدخول إلى المناطق التي حررتها قوات سوريا الديمقراطية بالتنسيق مع التحالف الدولي». وقال خليل لـ«الشرق الأوسط»: «هذا يعني أيضا قطع الطريق تماما أمام أي نية بالتوجه إلى الرقة. تركيا أصبح عمليا خارج المعركة».
ويُعتبر الأتراك وفصائل درع الفرات، بحسب رامي عبد الرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، ميدانياً «مطوقون من الجهات كافة: الأكراد من الجهة الشرقية والجنوبية الشرقية والغربية وقوات النظام السوري من جهة الجنوب، فهم غير قادرين على الوصول إلى الرقة دون المرور في المناطق تحت سيطرة الأكراد أو قوات النظام»، ويضيف: «إذا رغبوا بذلك، أمامهم خياران لا ثالث لهما: إما الدخول في مواجهة عسكرية مع الطرفين أو التوصل إلى اتفاق مع أحدهما للسماح بمرورهم».
وفي هذا السياق، يقول رئيس مركز الاقتصاد والسياسة الخارجية في إسطنبول سنان أولغن لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «هناك بالتأكيد خطر مواجهة. ولكن إذا توجه الجيش التركي إلى الرقة فسيحصل ذلك بناء على اتفاق مع الولايات المتحدة». ويرى أولغن أن «مهاجمة الجيش التركي سواء من قوات سوريا الديمقراطية أو من جيش النظام السوري يعني الهجوم على قوة مناوئة لتنظيم داعش، وسيكون لذلك تأثيره على ما هو أبعد من العلاقات مع تركيا ذاتها».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».