اعتصام في المصرف المركزي بطرابلس للمطالبة بإقالة محافظه

أفكار جزائرية لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين

جنود ليبيون يحتفلون بعد استعادة منطقة قنفودة في مدينة بنغازي من أيدي «داعش» (رويترز)
جنود ليبيون يحتفلون بعد استعادة منطقة قنفودة في مدينة بنغازي من أيدي «داعش» (رويترز)
TT

اعتصام في المصرف المركزي بطرابلس للمطالبة بإقالة محافظه

جنود ليبيون يحتفلون بعد استعادة منطقة قنفودة في مدينة بنغازي من أيدي «داعش» (رويترز)
جنود ليبيون يحتفلون بعد استعادة منطقة قنفودة في مدينة بنغازي من أيدي «داعش» (رويترز)

تضاربت المعلومات أمس بشأن اعتقال اثنين من موظفي مصرف ليبيا المركزي بمقره في العاصمة الليبية طرابلس، إثر اعتصام نفذه موظفو المصرف للمطالبة بإقالة محافظه الصديق الكبير. وبينما نفى الموقع الإلكتروني للمصرف صحة هذه المعلومات، أكد في بيان نشرته صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أنه يدين اعتقال الموظفين اللذين شاركا في اعتصام سلمي للمطالبة بإقالة الكبير، المُقال أساسا بقرار من مجلس النواب ويمارس مهامه من طرابلس بسلطة الأمر الواقع.
واعتبر المصرف أن الاعتصام السلمي حق مشروع كفله الإعلان الدستوري، مؤكدا أنه «سيظل موحداً يقدم خدماته لكافة أبناء ليبيا الحبيبة، وأن المخالفين للقانون سيعاقبون طال الزمان أم قصر»، داعيا الجهات الأمنية في طرابلس للإفراج الفوري عن الموظفين المعتقلين، كما طالب كافة الليبيين بالامتثال إلى قرارات السلطة التشريعية التي أقالت المحافظ من منصبه، والمؤيدة بحكم من محكمة استئناف طرابلس «الدائرة الإدارية»، بشأن رفض الطعن الذي تقدم به المحافظ المقال ضد قرار السلطة التشريعية، وتعتبر كافة القرارات التي تصدر عنه غير قانونية.
وكانت «كتيبة النواصي»، التي تسيطر على محيط مصرف ليبيا المركزي في طرابلس، قد أعلنت الطوارئ بعد اعتصام الموظفين الذين يطالبون بتنفيذ قرار مجلس النواب بشأن إقالة المحافظ وبطلان كل قراراته. كما أعلنت الإدارة العامة للأمن المركزي فرع شمال طرابلس حالة الطوارئ ودعت جميع عناصرها للتوجه إلى مقرات العمل، وقالت في بيان لها إنها تطمئن المواطنين بأنّ الإعلان عن حالة الطوارئ يأتي في إطار مساعي حفظ الأمن بالعاصمة.
واعتصم موظفو المصرف أمام مقره في طرابلس، قبل أن يُفض اعتصامهم بالقوة من قبل مجموعة مسلحة مكلفة بحماية المحافظ الصديق الكبير، الذي هدد في المقابل باعتقال أي موظف يغادر المصرف الذي لوح موظفوه بإيقاف العمليات المصرفية والدخول في اعتصام مفتوح.
من جهة ثانية، أكد ديمتري بيسكوف الناطق باسم الكرملين، أن جدول أعمال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يتضمن أي لقاء مع فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية، الذي بدأ أمس زيارة إلى العاصمة الروسية موسكو تلبية لدعوة من وزير الخارجية سيرغي لافروف.
وقال بيسكوف إن موسكو «تريد تشكيل حكومة مستقرة في ليبيا، يمكنها إطلاق عملية إعادة البناء، ونحن مهتمون في ليبيا بإقامة سلطة قوية في أقرب وقت ممكن». وكان السراج أعلن عن رغبته في قيام روسيا بوساطة للجمع بينه وبين المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، بعد إخفاق مساعٍ مصرية في عقد لقاء مباشر بينهما في القاهرة مؤخرا. وقد زار حفتر موسكو عدة مرات العام المنصرم، كما زارت حاملة طائرات روسية المنطقة الخاضعة لسيطرته في شرق ليبيا، لكن روسيا ما زالت في المقابل تعلن التزامها بالحظر الذي يفرضه مجلس الأمن الدولي على تصدير السلاح إلى ليبيا منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011.
إلى ذلك، أعلن مارتن كوبلر، رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، أنه يتابع ببالغ القلق التقارير المستمرة بشأن المدنيين العالقين وسط منطقة الاقتتال في بنغازي دون التمكن من الحصول على الغذاء والماء. ولفت كوبلر في بيان له إلى أن البعثة الأممية دعت بشكل مستمر، ولا تزال، مجلس شورى ثوار بنغازي والجيش الوطني الليبي إلى توفير ممر آمن للمدنيين العالقين في قنفودة.
وحث كوبلر الأطراف على توفير ممر آمن للمدنيين للسماح بإخلائهم إلى منطقة آمنة على نحو يصون كرامتهم وحماية المدنيين والمقاتلين من المرضى، أو الجرحى الذين قد ألقوا بأسلحتهم وكذلك المقاتلين الذين يسلمون أنفسهم. كما طالب بمنع وقوع هجمات على المدنيين من أي نوع، واستخدام المدنيين كدروع بشرية وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين العالقين على وجه السرعة، بالإضافة إلى معالجة المدنيين المحتجزين مع مراعاة حفظ كرامتهم، والسماح بالزيارات العائلية والتمثيل القانوني والزيارات القنصلية للمحتجزين من الجنسيات الأجنبية.
ولفت كوبلر أطراف النزاع إلى أن المحكمة الجنائية الدولية تتابع عن كثب تطورات الأوضاع في بنغازي، مؤكدا استعداد الأمم المتحدة، من خلال العمل مع الجهات الفاعلة الإنسانية لتقديم المساعدة الإنسانية بما يتماشى مع المبادئ الإنسانية القائمة على الحيادية.
إلى ذلك، أعلنت الحكومة الانتقالية التي يترأسها عبد الله الثني، الموالية لمجلس النواب في شرق ليبيا، قبولها استقالة الناطق الرسمي باسمها عبد الحكيم معتوق. لكن لم توضح الحكومة مبررات القرار المفاجئ، لكنها عبرت عن شكرها لما قدمه معتوق خلال فترة عمله.
إلى ذلك، يقوم وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية الجزائري عبد القادر مساهل قريبا بزيارة إلى عدة مناطق في ليبيا حاملا معه أفكارا من شأنها أن تساعد على تقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين، وفق تصريحات إذاعية له أمس.
وقال مساهل في برنامج للإذاعة الحكومية الجزائرية، إن ذلك يأتي ردا على الزيارات الكثيرة لمسؤولين ليبيين إلى الجزائر.
وتستعد الجزائر لاستضافة اجتماع بمشاركة وزيري خارجية مصر سامح شكري، وتونس خميس الجهيناوي من أجل بحث التسوية السياسية الشاملة للأزمة الليبية.
وربط مساهل موعد الاجتماع المقبل لدول جوار ليبيا بتعيين الأمين العام للأمم المتحدة لمبعوث جديد إلى ليبيا، أو تجديد الثقة في الألماني مارتن كوبلر، ملمحا إلى أن الاجتماع سيكون في نهاية مارس (آذار) المقبل.
وجدد مساهل مبدأ الجزائر القاضي بعدم التدخل في شؤون الدول، لافتا النظر إلى أن بلاده تسعى بكل ما تملك لدفع الليبيين إلى إجراء حوار مباشر يشارك فيه الجميع دون إقصاء، باستثناء الجماعات المصنفة من قبل الأمم المتحدة على أنها إرهابية، وقال: إن «الجزائر هي بلا شك الدولة الأولى التي نادت بالحل السياسي في ليبيا، فهي لا تملك مجلسا عسكريا في ليبيا ولم تدخل أي رصاصة منها إلى هذا البلد، وليس لدينا شركات ترعى مصالحنا الاقتصادية في ليبيا، وكل ما نقوم به هو تقديم مساعدات إنسانية خاصة للسكان على الحدود بين البلدين».
ودعا مساهل الجميع خاصة الدول الغربية إلى توافق في الرؤى من أجل التوصل إلى حل سياسي في ليبيا، وفق الاتفاق السياسي الذي تم بين مختلف الأطراف الليبية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.