«قوة تدخل» لوقف تدهور الوضع الأمني في عين الحلوة

قتلى وجرحى بعد اضطرابات في المخيم

«قوة تدخل» لوقف تدهور  الوضع الأمني في عين الحلوة
TT

«قوة تدخل» لوقف تدهور الوضع الأمني في عين الحلوة

«قوة تدخل» لوقف تدهور  الوضع الأمني في عين الحلوة

استنفرت القوى اللبنانية والفلسطينية، يوم أمس، لوضع حد للمعارك بين عناصر من حركة فتح ومجموعات متشددة في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، التي استمرت لأيام، واشتدت في الساعات الماضية، مما أدى لوقوع قتلى وجرحى، وحركة نزوح كثيفة، وإخلاء عدد من المدارس المحيطة بالمخيم الواقع في مدينة صيدا، جنوب لبنان، تجنباً لرصاص القنص.
وانتهى الاجتماع الذي عقدته فصائل منظمة التحرير الفلسطينية والقوى الوطنية والإسلامية، في مقر السفارة الفلسطينية في بيروت، بمسعى لاحتواء التطورات المتسارعة في عين الحلوة، إلى اتفاق على وقف إطلاق النار، وإرسال وفد من القيادة السياسية للإشراف على سحب المسلحين من الشوارع، والانطلاق في عملية تشكيل «قوة أمنية مشتركة» تكون بديلاً عن القوة السابقة التي أعلنت حركة فتح، قبل نحو أسبوعين، تعليق مشاركتها فيها، مما أدى تلقائياً إلى انهيارها.
وقالت مصادر فلسطينية رفيعة، لـ«الشرق الأوسط»، إنه تم خلال الاجتماع الاتفاق على تشكيل قوة تضم ما بين 50 و75 عنصراً، تكون «قوة تدخل» ذات مهام تنفيذية، وتتخذ الإجراءات المناسبة لوضع حد لأي اشتباك، وتوقف كل من يعبث بالأمن، على أن تكون مكلفة بالتنسيق على مدار الساعة مع السلطات اللبنانية.
وقال قائد القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة السابقة، منير المقدح، لـ«الشرق الأوسط»، إن القوة الجديدة ستكون مصغرة، بعكس تلك التي كان يقودها، وتضم 281 عنصراً، لافتاً إلى أنه لن يكون بعد اليوم وجود للجنة الأمنية التي كانت تعرقل عمل القوة السابقة. وبدوره، أكد قائد الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان، اللواء صبحي أبو عرب، أن حركة فتح أعطت أوامرها لقواتها المنتشرة في عين الحلوة للالتزام بقرار وقف إطلاق النار مهما كلف الأمر، لافتاً إلى تمسكهم بالتهدئة، وعودة السكان الذين نزحوا من المخيم جراء الاشتباكات الأخيرة.
واعتبر أبو عرب أن ما حصل أخيراً تم بـ«إيعازات خارجية للجماعات المتطرفة، وقد يكون يندرج بإطار تدمير المخيم، وتهجير أهله، وطمس قضية اللاجئين»، لافتاً إلى أن هذه الجماعات حولت بعض الشوارع وأنحاء المخيم لـ«مربعات أمنية» يمنع الدخول إليها، كأحياء الصفصاف وحطين والطيري وغيرها.
وأشار المتحدث باسم حركة حماس في لبنان، رأفت مرة، إلى عقد اجتماعين، يوم أول من أمس، لتحالف القوى الفلسطينية، والثاني في السفارة ضم جميع الفصائل بهدف تطويق أحداث العنف التي شهدها مخيم عين الحلوة، من خلال وقف إطلاق النار، وسحب المسلحين من الشوارع، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن مجموعة قيادية ستُشرف على تطبيق بنود الاتفاق، والشروع بتشكيل قوة أمنية جديدة تكون قادرة وفاعلة.
وأعادت الاشتباكات الأخيرة داخل عين الحلوة، بالتزامن مع زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى بيروت، فتح ملف السلاح الفلسطيني الذي اتفق الفرقاء اللبنانيون في عام 2006 على طاولة الحوار الوطني على سحبه من الفصائل الفلسطينية الموجودة خارج المخيمات، وتنظيمه داخلها، من دون أن يكون هناك أي خطوات تنفيذية في هذا الإطار.
وفيما دعا ناشطون لبنانيون للبناء على الموقف الذي أطلقه عباس قبل أيام من بيروت، لجهة تأكيده أن اللاجئين الفلسطينيين ضيوف، للشروع بضبط «السلاح الفلسطيني المتفلت، وإن أمكن بسط الجيش اللبناني سلطته داخل المخيمات التي تُعتبر جزءاً لا يتجزأ من الأراضي اللبنانية»، أكد مرة أن ملف السلاح الفلسطيني لم يُبحث مع الجهات المعنية الفلسطينية منذ عام 2006، نافياً تماماً ما يُحكى عن «صيغ جديدة» قد يتم اللجوء إليها لضبطه، وهو ما أكد عليه أيضاً المقدح، مشدداً على التزام الفصائل بما اتفق عليه الفرقاء اللبنانيون على طاولة الحوار قبل 11 عاماً.
وأعلنت فعاليات مدينة صيدا الإضراب العام، اليوم الأربعاء، للضغط من أجل «وقف إطلاق النار، وتأكيداً على دعم القضية الفلسطينية، ورفضاً للاقتتال الداخلي»، وأعربت النائبة بهية الحريري عن أسفها «لوصول الأمور في مخيم عين الحلوة إلى ما وصلت إليه»، مشددة في بيان على أن «المطلوب من الجميع في المخيم تغليب العقل، وإيجاد حلول عملية للوضع القائم، وليس حشد المزيد من المقاتلين، لأن ذلك سيؤدي إلى خروج الأمور عن السيطرة، وإلى مزيد من النزف الأمني الذي سيلقي بتداعياته الكارثية المباشرة على المخيم وصيدا، وعلى كل المستويات».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».