تحرك رسمي لاحتواء أزمة تعديل الحكومة التونسية

الرئيس استقبل الوزير المقال... والأمين العام لـ«اتحاد الشغل» يخفف لهجته

تحرك رسمي لاحتواء أزمة تعديل الحكومة التونسية
TT

تحرك رسمي لاحتواء أزمة تعديل الحكومة التونسية

تحرك رسمي لاحتواء أزمة تعديل الحكومة التونسية

تحركت الأوساط الرسمية في تونس، أمس، لاحتواء التوتر الذي سببه تعديل وزاري جزئي أجراه رئيس الحكومة يوسف الشاهد الأسبوع الماضي، وأثار اعتراضات أحزاب وقوى نقابية.
وقال الأمين العام للاتحاد، نور الدين الطبوبي، عقب لقاء جمعه مع رئيس الوزراء أمس، إن «روح المسؤولية العالية يجب أن تتوافر لدى كل الأطراف». واعتبر أن «تونس لا تتحمل توترات... يجب إعلاء صوت الحكمة والعقل، وصوتهما سيتغلب في النهاية».
وأوحت هذه التصريحات بوجود تفاهمات غير معلنة بين الاتحاد والحكومة. وكان الشاهد أقال وزير الوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد عبيد البريكي، وهو قيادي سابق في «الاتحاد العام للشغل»، أكبر تجمع نقابي في البلاد، وكلّف مكانه خليل الغرياني القيادي في تجمع لرجال الأعمال. كما تجاهل مطالبات تجمعات نقابية بإقالة وزير التربية ناجي جلول، وهو من قيادات حزب «نداء تونس».
وخالف الطبوبي بهذا الموقف مجمل التصريحات التي أدلت بها مجموعة من قيادات الاتحاد، وعبرت في معظمها عن معارضتها التعديل الوزاري الأخير. وأفادت مصادر نقابية بأن الاتحاد طلب من وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي، وهو القيادي الثاني الممثل للاتحاد في الحكومة، الاستقالة من منصبه، على خلفية إقالة البريكي. وفي حال تنفيذ هذه الاستقالة، فإن أبواب المواجهة بين الحكومة ونقابة العمال ستفتح على مصاريعها.
واستقبل الرئيس الباجي قائد السبسي الوزير المقال في قصر قرطاج، أمس. وأكد البريكي عقب اللقاء «وجود تطابق في وجهات النظر مع الرئيس حول إقالتي من الحكومة». وأوضح أنه أبرز للسبسي امتعاضه من طريقة إقالته، فيما أبلغه الرئيس بأن «الوضع في تونس لا يحتمل وقوع أزمات اجتماعية وسياسية»، في إشارة إلى ضرورة تجاوز هذا التعديل المثير للجدل.
وأشارت تقارير إعلامية إلى أن خليل الغرياني الذي اختاره الشاهد لخلافة البريكي، هو «أحد أصهار الرئيس المقربين». وعمل 14 سنة في لجنة الشؤون الاجتماعية التابعة لـ«الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة». كما كان عضوًا في «الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة» بعد 2011.
لكن اتحاد الصناعة والتجارة دافع عن اختيار الغرياني. وقال عضو المكتب التنفيذي للاتحاد البشير بوجدي، إن التعيين «تم على أساس الكفاءة والخبرة وليس على أساس المحاصصة». وأكد أن الاتحاد «لم يقترح اسم الغرياني على رئيس الحكومة، ولم يُستشر قبل التعيين»، مشيرًا إلى أنه «ليس من أهداف مجمع رجال الأعمال الدفع نحو الخصخصة التي تبقى خيارًا حكوميًا بحتًا».
وكان الناطق باسم اتحاد الشغل، سامي الطاهري، اعتبر قبل يومين أن تعيين الغرياني «ضرب مكاسب الوظيفة العمومية وتسريح الأعوان والموظفين، خصوصًا تفتيت الوظيفة العمومية عبر القانون المتعلق بالشراكة بين القطاعين العام والخاص وتوصيات صندوق النقد الدولي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».