يعتبر مسؤولون عراقيون وكثير من الخبراء الدوليين، أن معركة طويلة الأمد تلوح في الأفق لإصلاح الأضرار التي ألحقها تنظيم داعش بالمواقع الأثرية في العراق.
ومنذ بضعة أشهر، تتيح استعادة الجيش العراقي مساحات شاسعة من الأراضي، معرفة حجم الأضرار «التي تفوق ما كنا نتخوف منه»، كما ذكرت منظمة اليونيسكو. وفي ذروة عهد «الخلافة» التي أعلنها تنظيم داعش في 2014 في كل من العراق وسوريا، كان أكثر من 4000 موقع أثري تحت سيطرة هذا التنظيم.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية، عن نائب وزير الثقافة العراقي قيس رشيد في مؤتمر نظمته اليونيسكو في نهاية الأسبوع في باريس حول إعادة تأهيل التراث الثقافي العراقي في المناطق المحررة، أن «66 موقعا أثريا على الأقل» في منطقة الموصل وحدها، شمال العراق: «قد تعرضت للتدمير وتحول بعض منها مرائب، كما طال التخريب أماكن عبادة مسيحية ومسلمة، واختفت آلاف المخطوطات». وذكر أن التدمير شمل 80 في المائة من مدينة نيمرود الأشورية القديمة التي تعرضت للتخريب بالجرافات والمتفجرات.
وفي الموصل نفسها، يتعين الانتظار حتى انتهاء المعارك لإعداد جرد بالأضرار التي لحقت بمجموعات متحف ثاني مدينة في العراق. وفي 2014 عمد المتطرفون لدى وصولهم إليها إلى تدمير قطع ثمينة ترقى إلى الحقبتين الأشورية والهللينية، معتبرين أنها آثار وثنية.
ومع كل تقدم للقوات العراقية داخل الموصل تتضح ضخامة الأضرار. وأكد سليم خلف من وزارة الثقافة أن قبر النبي يونس الذي استعيد في منتصف يناير (كانون الثاني)، ويعد واحدا من أهم المقدسات في العراق: «قد لحقت به أضرار فاقت كل توقعاتنا». وأضاف أن هذا الموقع الذي يكرمه المسلمون واليهود والمسيحيون «مهدد بالانهيار بسبب أنفاق حفرها الإرهابيون للاختباء، ونتيجة حفريات أجروها أيضا في المكان». وقال إن أكثر من 700 قطعة أثرية قد أخرجت من هذا الموقع لبيعها في السوق السوداء.
وتقول السلطات العراقية أن تنظيم داعش باع من جهة أخرى تراخيص لحفريات غير قانونية في الأراضي التي كان يسيطر عليها، فغذى بذلك تجارة الممتلكات الثقافية العراقية. وقال محمد إقبال عمر، وزير الثقافة العراقي: «يتعين علينا وقف الاتجار بالآثار العراقية، والالتزام بقرار مجلس الأمن 2199 (الذي يحظر أي اتجار بالممتلكات الثقافية الآتية من العراق وسوريا) وتجفيف أموال (داعش)».
وقال فرنس ديماريه، من المجلس الدولي للمتاحف إن «الاتجار بالقطع المستخرجة من حفريات غير قانونية لم يبدأ أمس. لكن الحروب المتتالية في العراق منذ 2003 أوجدت فرصا إضافية».
وينبه الخبراء إلى أن إعادة تأهيل التراث العراقي مهمة كبيرة ويمكن أن تستمر عشرات السنوات. وأكدوا على ضرورة تأمين سلامة المواقع ومراقبتها، وإحصاء التحف المدمرة أو المسروقة، وترميم المخطوطات التي أنقذت وترقيمها، واستحداث نسخ للتحف الناقصة.
واعتبرت إيرينا بوكوفا المديرة العامة لليونيسكو أن «الشعب ينهض في كل مكان تعلو فيه قيمة الثقافة». ويشاطرها هذا الرأي نجيب ميكايل. فهذا الأخ الدومينيكاني العراقي، أخرج مئات المخطوطات التي ترقى إلى القرنين الثالث عشر والرابع عشر إلى كردستان، قبيل تمدد تنظيم داعش في سهل نينوى. وقال هذا الأخ الدومينيكاني: «يجب أن نؤمن الحماية الفعلية للإنسان والثقافة. لا يمكن أن ننقذ الشجرة من دون إنقاذ جذورها».
بعد الموصل... معركة إنقاذ التراث العراقي
خبراء يتوقعون مهمة كبيرة قد تستمر 10 سنوات
بعد الموصل... معركة إنقاذ التراث العراقي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة