إقالة رانييري منطقية رغم النهاية المأساوية للأسطورة

الفوز باللقب مع ليستر الموسم الماضي لا يشفع له وفقاً لمنطق عالم كرة القدم

رانييري متوجا باللقب (رويترز)  -  رانييري يلملم حقائبة مغادراً ليستر سيتي
رانييري متوجا باللقب (رويترز) - رانييري يلملم حقائبة مغادراً ليستر سيتي
TT

إقالة رانييري منطقية رغم النهاية المأساوية للأسطورة

رانييري متوجا باللقب (رويترز)  -  رانييري يلملم حقائبة مغادراً ليستر سيتي
رانييري متوجا باللقب (رويترز) - رانييري يلملم حقائبة مغادراً ليستر سيتي

انتهت قصة فوز ليستر سيتي بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز بشيء من القسوة، مثل كل القصص الخيالية والأساطير، بعدما أعلن النادي يوم الخميس الماضي إقالة المدير الفني الإيطالي كلاوديو رانييري.
وعلى الرغم من أي شيء، سنظل دائما نتذكر الإنجاز الأسطوري الذي حققه رانييري بقيادة ليستر سيتي للصعود لمنصة التتويج كبطل للدوري الإنجليزي الممتاز. ولن ننسى أبدا الأداء الرائع الذي حققه نجوم الفريق، مثل روبرت هوث وهدفه في مرمى توتنهام هوتسبر، وكذلك الأهداف الرائعة للنجم الجزائري رياض محرز التي ساهمت بقوة في حصول فريقه على اللقب، كما لن ننسى مطلقا تلك المؤتمرات الصحافية التي كان يظهر خلالها رانييري ويتحدث بذكاء عن فرص فريقه القليلة في الحصول على لقب الدوري الإنجليزي حتى يبعد الضغوط تماما عن لاعبيه.
وبعد فترة من الآن، لن يتذكر كثيرون كيف أقيل رانييري من منصبه، لكن الشيء المؤكد هو أن الجميع سيتذكرون دائما كيف قاد المدير الفني الإيطالي ليستر سيتي للحصول على لقب الدوري الأكثر إثارة في تاريخ كرة القدم الحديثة.
لقد كانت إقالة رانييري بمثابة النهاية المأساوية لقصة أسطورية وصلت أحداثها للذروة في مايو (أيار) الماضي، عندما صعد ليستر سيتي، الذي كان يصارع من أجل عدم الهبوط لدوري الدرجة الأولى، لمنصة التتويج كبطل للدوري الإنجليزي الممتاز وسط احتفالات صاخبة من جمهور النادي ورعد من السماء التي بدا وكأنها تحتفل هي الأخرى بهذا الحدث التاريخي، ومشاركة رائعة من الفنان والمغني الإيطالي أندريا بوتشيلي.
لقد قوبل تعيين رانييري مديرا فنيا لليستر سيتي بحالة من القلق والشك، لكن المدير الفني المخضرم نجح في قيادة النادي إلى المجد، قبل أن يقال من منصبه بعدما أصبح الفريق على وشك الهبوط لدوري الدرجة الأولى مرة أخرى، وسط تعاطف كبير مع الإيطالي بسبب الإنجاز التاريخي الذي حققه.
ورغم كل ذلك، تبدو إقالة رانييري من منصبه منطقية في عالم كرة القدم. ربما لا يكون هذا هو القرار الأمثل، لكنه قرار طبيعي، لا سيما وأن المدير الفني البالغ من العمر 65 عاما قد أنفق أكثر من 80 مليون جنيه إسترليني لتدعيم صفوف فريقه في نهاية الموسم الماضي، لكنه خرج من كأس الاتحاد الإنجليزي أمام فريق من دوري الدرجة الأولى ويواجه فريقه الآن خطر الهبوط من الدوري الإنجليزي الممتاز.
ودائما ما يتحمل المدير الفني لأي فريق مسؤولية تردي النتائج ويكون هو كبش الفداء لأية إخفاقات، كما يكون قرار الإقالة هو الوسيلة الأفضل لامتصاص غضب الجمهور أو لمحاولة إعادة اللاعبين لمستواهم القوي. ولا تعد إقالة رانييري شيئا غريبا على كرة القدم الإنجليزية ويكفي أن نعرف أن ستان كوليس قد أقيل من تدريب نادي وولفرهامبتون بعد يومين من عودته من فترة نقاهة في مدينة إيستبورن، كما اتخذ قرار إقالة جوني كاري من تدريب إيفرتون في سيارة أجرة في لندن، أما بيتر كورماك فأقيل من تدريب نادي كاودينبيث في سيارة تبيع البرغر على جانب الطريق فوق الجسر الرابع في اسكوتلندا. ولذا ما الغريب في أن يقال مدير فني من منصبه إذا كان النادي الذي يدربه في طريقه للهبوط من الدوري الإنجليزي الممتاز؟.
وإذا كان البعض يعتقد أن الإنجاز الأسطوري الذي حققه رانييري الموسم الماضي يجب أن يشفع له للبقاء لفترة أطول من الوقت أو أن يجعل الجميع يتعاطف معه ويعتقد أنه ما زال أفضل رجل في العالم مناسب لقيادة الفريق، فهذا أمر بعيد عن المنطق تماما في عالم كرة القدم.
ولا يوجد تفسير حتى الآن للأداء القوي والنتائج الرائعة التي حققها ليستر سيتي الموسم الماضي على مدى تسعة أشهر كاملة. فهل كان السبب وراء ذلك هو الدفعة المعنوية الهائلة التي حصل عليها لاعبو الفريق من الموسم السابق، أم هو ارتفاع مستوى اللاعبين الموهوبين في الفريق في آن واحد، أم اتباع الفريق لخطة لعب محكمة من جانب المدير الفني، أم فشل الفرق المنافسة في الدخول في المنافسة في الوقت المناسب، أم كان هناك نوع من السحر، أم هو الحظ! في الحقيقة، لا يمكن لأي شخص أن يفسر ما حدث لليستر سيتي الموسم الماضي.
ولكي نكون منصفين يجب الإشارة إلى أن رانييري كان له الفضل في ما لا يقل عن 50 في المائة من هذا الإنجاز، لأنه تولى قيادة ليستر سيتي خلفا لنيغيل بيرسون بينما كان الفريق يواجه شبح الهبوط لدوري الدرجة الأولى ونجح في قيادته للحصول على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز بنفس اللاعبين، وكانت الإضافة الوحيدة للفريق تتمثل في النجم الفرنسي نغولو كانتي. قد يحكم البعض على الأمور بشيء من القسوة ويقول إن قوام الفريق الذي كونه بيرسون هو الذي فاز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز، بينما الفريق الذي كونه رانييري وأضاف له الكثير من الوجوه الجديدة في نهاية الموسم الماضي يصارع حاليا من أجل البقاء في الدوري الإنجليزي.
هذا ليس صحيحا على الإطلاق، لأن رانييري قد أجرى الكثير من التغييرات على خطة اللعب بالمقارنة بالموسم الماضي، إذ كان يلعب فاردي في مركز قلب الهجوم دائما، بينما كان الفريق يعتمد على الهجمات المرتدة والدفاع القوي بأربعة لاعبين في الخط الخلفي.
لكن هل هذه التغييرات هي التي أدت إلى هذه النتائج المتواضعة؟ لقد عاد لاعبو ليستر سيتي إلى الحالة العادية التي كانوا عليها قبل الموسم الماضي، وعاد رانييري نفسه إلى ما كان عليه كمدير فني مضطرب بالشكل الذي ظهر عليه خلال آخر تجاربه التدريبية مع منتخب اليونان بعدما أدت خططه التدريبية الغريبة إلى إصابة لاعبي المنتخب اليوناني بالارتباك.
وهذه هي طبيعة القصص الخيالية والأساطير والتحولات السحرية، إذ إنها لا تستمر وعادة ما يكون لها آثار مأساوية. لكن الغريب في الأمر هو أن العلاقة التي كانت تتسم بالقوة الشديدة بين رانييري ولاعبيه داخل غرفة خلع الملابس، والتي كان لها الفضل الأكبر في الإنجاز الذي حققه الفريق، هي التي أدت في النهاية إلى إقالة رانييري، حيث أشارت تقارير إلى أن اللاعبين كانوا غير مقتنعين باختيارات المدرب وخططه التكتيكية.
لكن في الحقيقة، قد يكون اللاعبون على حق في هذا الأمر، فاختيارات المدير الفني الإيطالي كانت غريبة في كثير من الأحيان، لكن في مباريات أخرى كان الأمر على ما يرام.
لقد ظهر ليستر سيتي بشكل غريب أمام ميلوال، سواء من حيث التشكيل أو من حيث روح الفريق. أما أمام إشبيلية فقد دفع رانييري بأحمد موسى بدلا من ديماراي غراي، وهو ما كان بمثابة مفاجأة كبيرة للاعبين. لم يكن الفوز بلقب الدوري الممتاز الموسم الماضي له علاقة بأي شيء من هذه الأشياء الغريبة في واقع الأمر، لكن مستوى الفريق من مباراة لأخرى هو الشيء الأساسي في كرة القدم، وكان من الواضح أن مستوى ليستر سيتي في انخفاض مستمر، على الرغم من الأموال الطائلة التي أنفقها النادي لتدعيم صفوفه.
وكان يجب على ليستر سيتي أن يتعلم من كيفية إنفاق توتنهام هوتسبر لقيمة صفقة انتقال لاعبه السابق غاريث بيل إلى ريال مدريد الإسباني، بدلاً من إنفاق أموال طائلة على لاعبين لم يحققوا الأداء المطلوب مثل إسلام سليماني وأحمد موسى ونامباليس ميندي. صحيح أن رانييري كان فردا واحدا فقط في اللجنة المسؤولة عن التعاقد مع لاعبين جدد، لكن الواقع يقول إن الإضافات الجديدة لم تجعل ليستر سيتي بالقوة التي كان عليها من قبل، أليس كذلك؟
وفي الحقيقة، لا يوجد أي مؤشر على أن ليستر سيتي سيتعافى قريبا، بعدما خسر سبع مرات في آخر تسع مباريات، علاوة على أنه سيخوض مواجهات قوية أمام كل من ليفربول وآرسنال وإيفرتون وتوتنهام ومانشستر سيتي، وهي الأندية التي تسعى لرد اعتبارها بعد الهزيمة أمام ليستر سيتي الموسم الماضي.
ويجب أن نشير إلى أن ليستر سيتي يحتل المركز العشرين ضمن قائمة أغنى الأندية في العالم، ويأتي في الترتيب التالي مباشرة لنادي إنترناسيونالي الإيطالي، وقبل موناكو الفرنسي وإشبيلية الإسباني، ولذا من الطبيعي أن يحقق الفريق إنجازات في عالم كرة القدم. ولكن يبدو أن اللاعبين لم يتحملوا حجم النجاح غير المتوقع الذي حققوه، ونتيجة لذلك تشتت ذهنهم ولم يركزوا بصورة كاملة داخل المستطيل الأخضر.
ولم ينجح المدير الفني في إعادة لاعبيه إلى تركيزهم وتحفيزهم للدخول في المنافسة مرة أخرى. لكن نجح ليستر سيتي في الفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي بفضل المجهود الكبير للاعبيه وصفاء أذهانهم وتركيزهم الكامل، لكن يبدو أن رانييري، الذي كان له الفضل الأكبر في إنجاز الموسم الماضي، قد استبدل تلك الصفات الهامة بصفات أخرى جعلت الفريق يخرج عن تركيزه ويواجه شبح الهبوط لدوري الدرجة الأولى.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».