تركيا: «نموذج الموصل» الأنسب للرقة ومشاركة قواتنا البرية ليست «خطاً أحمر»

عززت قواتها على حدود سوريا وأكدت أن «المنطقة الآمنة» لن تسلم للأكراد

تركيا: «نموذج الموصل» الأنسب للرقة ومشاركة قواتنا البرية ليست «خطاً أحمر»
TT

تركيا: «نموذج الموصل» الأنسب للرقة ومشاركة قواتنا البرية ليست «خطاً أحمر»

تركيا: «نموذج الموصل» الأنسب للرقة ومشاركة قواتنا البرية ليست «خطاً أحمر»

عزز الجيش التركي قواته على الحدود مع سوريا بعد انتهاء معارك الباب وبدأ التمهيد لعودة سكانها من اللاجئين، وفي الوقت نفسه كشف وزير الدفاع التركي فكري إيشيك عن أن أنقرة طرحت «نموذج الموصل» لتطبيقه في العملية المرتقبة لتحرير مدينة الرقة، معقل تنظيم داعش الإرهابي في سوريا.
في تصريحات نقلتها وسائل إعلام تركية أمس السبت قال إيشيك إن «مدينة الموصل العراقية مدينة عربية، وكذلك الرقة. ولذلك فإنه يجب الاعتماد على قوات عربية في تحرير الرقة كما اتبع في الموصل». وأضاف إيشيك: «90 في المائة من سكان الرقة عرب، وإذا جرى تبديل تنظيم إرهابي بآخر فإن ذلك سيؤدي إلى انعدام الاستقرار (في إشارة ضمنية إلى ميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية التي لا ترغب تركيا مشاركتها في عملية الرقة)». ولفت إلى أن ثمة مشاورات مكثفة بين أنقرة وواشنطن مستمرة على مدى الأسابيع الأخيرة وحتى الآن، عبر قيادتي جيشي البلدين، «ولدينا تصوّر لمجمل المنطقة (شمال سوريا) وليس فقط للرقة، ونعتبر أن الاعتماد على الميليشيات الكردية في عملية الرقة سيؤدي إلى عدم ارتياح السكان المحليين وقد يؤدي إلى زيادة الدعم المقدم لداعش».
وأكد إيشيك أن «المنطقة الآمنة» التي قامت تركيا وعناصر الجيش السوري الحر في شمال سوريا لن تُترَك للميليشيات الكردية، لافتًا إلى وجود عناصر من هذه الميليشيات في مدينة منبج حتى الآن. كذلك ألمح إيشيك إلى أن تركيا قد تدفع بقواتها البرية في عملية الرقة إذا رأت أن المعارك تتطلب ذلك، موضحاً أن «فكرتنا من البداية كانت الاعتماد على قوات محدودة، لكننا سنجلس ونقيم حسب التطورات على الأرض، ولن نقول إن قواتنا البرية خط أحمر». في غضون ذلك دفع الجيش التركي بتعزيزات لقواته الموجودة في محافظة كيليس الحدودية مع سوريا شملت ناقلات جند مدرعة وشاحنات محملة بحواجز خرسانية وجرافات. وقالت مصادر عسكرية إن التعزيزات تهدف لدعم الوحدات العسكرية التركية المتمركزة على الحدود مع سوريا. كذلك أرسل الجيش التركي أمس السبت، كاسحتي ألغام إلى مدينة الباب بمحافظة حلب السورية التي تمّ تطهيرها وتحريرها من قبضة تنظيم داعش الإرهابي، الخميس الماضي. ولفتت مصادر عسكرية تركية إلى كثرة الألغام والمتفجرات التي خلفها «داعش» أثناء طرده من المدينة من قِبل قوات الجيش السوري الحر المدعومة من قوات المهام الخاصة التركية. وبالتوازي مع وصول كاسحتي الألغام إلى المدينة المذكورة، فإنّ فرق تفكيك المتفجرات التركية تتابع عملها في الباب وتقوم بتفكيك الألغام والمتفجرات المزروعة داخل المنازل وعلى أطراف الطرق.
وحول وضع الباب، قال رئيس أركان الجيش التركي الجنرال خلوصي أكار، الذي تفقد القوات على حدود سوريا، الجمعة، إن أنقرة ستقدم خلال المرحلة المقبلة جميع أشكال الدعم لتأمين عودة الأهالي السوريين إلى منازلهم وعودة الحياة إلى طبيعتها في مدينة الباب. وتابع أكار خلال زيارته مركز إدارة عملية «درع الفرات» في ولاية كيليس (جنوب تركيا) في بيان صادر عن هيئة الأركان إن الجنود الأتراك كافحوا بكل بطولة داخل الحدود وخارجها دون التهرب من التضحية حتى بأرواحهم، من أجل صون أمن تراب الوطن، ولقد رافقه في هذه الزيارة قائد القوات البرية صالح زكي تشولاك وقائد القوات البحرية بولنت بستان أوغلو وقائد القوات الجوية عابدين أونال، وذلك بعد إجرائهم جولة تفقدية للوحدات العسكرية في كل من ولايتي غازي عنتاب وكيليس الحدوديتين.
من ناحية أخرى، أشار أكار إلى أن عملية «درع الفرات» انطلقت في 24 أغسطس (آب) الماضي «في إطار الحق المشروع للدفاع عن النفس من أجل القضاء على التهديد الذي تشكله المنظمات الإرهابية، وضمان أمن الشعب والحدود، ومنع بقاء الإرهاب في المنطقة بشكل دائم، وإرسال الاستقرار في المنطقة». وذكر أن «المرحلة الأولى من العملية تمثلت في تطهير كل من مناطق جرابلس والراعي ودابق وصوران من التنظيمات الإرهابية والسيطرة عليها، وضمان عودة السوريين إلى أراضيهم بعد اضطرارهم لمغادرتها، لتتجه بعدها نحو مدينة الباب». وأكد «أنه تم إظهار أقصى درجات الحرص من أجل عدم إلحاق أضرار بالمدنيين والتراث التاريخي والثقافي في الباب خلال محاربة تنظيم داعش الإرهابي الذي لا يعرف أي قواعد»، منوهاً بقوات الجيش السوري الحر التي ساهمت بشكل كبير في نجاح العملية. من جانبه أحمد عثمان، قائد «لواء السلطان مراد»، وهو من فصائل «الجيش السوري الحر» المشاركة في عملية «درع الفرات»، قال في تصريح لوكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية إن تطهير مدينة الباب من «داعش»: «سيقوي موقف المعارضة في مفاوضات جنيف الحالية الرامية إلى التوصل لحل للأزمة السورية».
وأشار عثمان إلى أن المعارضة المسلحة تشارك لأول مرة بنسبة 50 في المائة في وفد المفاوضات، والقرارات ستتخذ بشكل مشترك من قبل المعارضة السياسية والعسكرية، معتبرا ذلك «مهماً لمستقبل سوريا». واستطرد أن «نظام الأسد يدعم (داعش) و(ميليشيا) وحدات حماية الشعب الكردية... وكلما حققنا نجاحاً، وخصوصاً في مدينة الباب كان النظام يدعم الوحدات الكردية ليتحرك نحو منطقة إعزاز، كما قدم النظام الدعم لـ(داعش) في مناطق أخرى ضدنا». وأوضح أن قوات الجيش الحر، استعادت السيطرة على الباب بدعم من القوات التركية، وأنه قد تم تطهير 90 في المائة من محافظة حلب من التنظيم المتطرف.
أيضاً، شدد عثمان على أن هدف «الجيش الحر» هو طرد التنظيم المتطرف من سوريا، مبيناً أنهم يتحرّكون بشكل مشترك مع المسؤولين الأتراك، وأن ثمة تنسيقاً قوياً، وأنهم يُجرون تحضيرات لاستعادة مدينة منبج بعد الباب، مؤكداً أن منبج مهمة بقدر أهمية مدينتي جرابلس والباب.
أما حول الموقف التركي من موضوع الرقة، فأكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو جاهزية بلاده للمشاركة في عملية تحرير مدينة الرقة وأراضي سوريا كافة من مسلحي «داعش».
وقال جاويش أوغلو إنّ أنقرة «بحثت خطوات مقبلة في سوريا، وفي مدينة الرقة بالتحديد، مع فرنسا وألمانيا وبريطانيا»، مضيفاً: «بمشاركة القوات المحلية والتخطيط الصائب، بإمكاننا تحرير أراضي سوريا من مسلحي (داعش) بسهولة». وبشأن استمرار عملية «درع الفرات» أشار جاويش أوغلو في تصريحات أدلى بها في مدينة انطاليا (بجنوب تركيا) إلى ضرورة تحرير مدينة منبج، حيث تنشط ميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية، وأوضح: «نتوقع من واشنطن خطوات ترمي إلى إخراج وحدات حماية الشعب الكردية من منبج. وسنخطط لاحقا لعملية الرقة». وأشار إلى «أن عدد السوريين الذين عادوا إلى بلادهم بعد أن بدأت عملية «درع الفرات» بلغ 50 ألف سوري، وهذا ما أردنا شرحه لأميركا وللأوروبيين منذ البداية وهو أن تطهير المدن السورية من الإرهاب يُعد مساعدة لهم». أما بالنسبة إلى مدينة منبج فقال الوزير التركي إن تركيا والولايات المتحدة أرسلتا وفدا مشتركا إلى المدينة، لافتا إلى أن «الوفد التركي خلص إلى نتيجة تفيد بأن السكان الحقيقيين للمدينة لا يرغبون بأي وجود للعناصر الغريبة»، في إشارة منهم إلى حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي.
وتابع في الإطار نفسه «هذا ما نسعى لأن نوصله لأصدقائنا الأميركيين، ونذكّرهم على الدوام بوعدهم لنا، ونقول لهم: عليكم أن تتذكروا بأنكم وعدتمونا بأن عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي ستنسحب إلى شرقي الفرات».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.