انتقاد أممي لحكم إسرائيلي على جندي قتل جريحًا فلسطينيًا

انتقاد أممي لحكم إسرائيلي على جندي قتل جريحًا فلسطينيًا
TT

انتقاد أممي لحكم إسرائيلي على جندي قتل جريحًا فلسطينيًا

انتقاد أممي لحكم إسرائيلي على جندي قتل جريحًا فلسطينيًا

انتقد مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، أمس، الحكم الصادر بسجن الجندي الإسرائيلي القاتل إليئور أزاريا، 18 شهرًا، لقتله شابًا فلسطينيًا جريحًا. واعتبره «حكمًا مخففًا بشدة... وغير معقول وغير مقبول».
وقالت الناطقة باسم المكتب، رافينا شمدساني، في تصريحات للصحافة الفلسطينية والإسرائيلية من جنيف: «نحن منزعجون للغاية إزاء العقوبة المخففة التي أصدرتها المحكمة العسكرية في تل أبيب قبل أيام، على جندي إسرائيلي أدين بقتل مصاب فلسطيني بشكل غير قانوني».
واعتبرت الأمر «إعدامًا خارج نطاق القانون بشكل واضح لرجل أعزل... فمن المؤكد أنه لم يكن يشكل خطرًا وشيكًا». ولفتت إلى أن القتل غير العمد تصل عقوبته القصوى في إسرائيل إلى السجن 20 عامًا. ورأت أن «هذه القضية تخاطر بتقويض الثقة في النظام القضائي وترسيخ ثقافة الإفلات من العقاب. نحن نتحدث عن ثقافة مزمنة من الإفلات من العقاب».
وذكرت بأن أكثر من مائتي فلسطيني قتلوا على يد قوات الاحتلال منذ بداية الهبة الشعبية الفلسطينية، في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) 2015، وأن أزاريا هو الجندي الوحيد في قوات الأمن الإسرائيلية الذي قدم للمحاكمة عن مثل هذا القتل.
ورد وزير المعارف عضو المجلس الوزاري المصغر في الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بنيت، باستخفاف وغرور على هذا الانتقاد، فقال: «لا ينقصنا إلا أن نتبع معايير هذا التنظيم المعادي لإسرائيل». ورد القيادي في المعارضة وزير المالية السابق، يائير لبيد، على هذا الانتقاد، قائلاً إن «مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لا ينبس ببنت شفة إزاء الملايين من البشر الذين يذبحون في سوريا، ولا ينتابه القلق إزاء ما يجري في إيران من إعدام للمثليين، ولا يقول شيئا عندما يتباهى الإعلام في غزة بأن القائد الجديد لحركة حماس، يحيى السنوار، قتل بيديه شخصيًا خصومه. كل ما يقلقهم هو الحكم على أزاريا. هذا دليل آخر على أن هذا المجلس عنصري ويكره اليهود بشكل لا يطاق».
المعروف أن النيابة العسكرية، التي تمثل الجيش الإسرائيلي، كانت أيضا قد انتقدت الحكم على أزاريا واعتبرته «مخففًا»، وأعلنت أنها تدرس إمكانية الاستئناف عليه للمطالبة بتشديد العقوبة. والمحكمة العسكرية كانت قد أدانت الجندي بالقتل ووجهت إليه انتقادات لاذعة. لكنها أصدرت حكمًا خفيفًا لدرجة أنه أثار الاستهجان، حتى في الجيش، حيث يخشون من أن يكون القضاة قد ارتدعوا من جراء الهجوم اليميني عليهم وتهديد رئيسة المحكمة بالقتل.
وقال خبراء في القانون، إن المحكمة العسكرية نفسها كانت قد أصدرت أحكامًا بالسجن لسنوات طويلة على جنود ارتكبوا مخالفات بسيطة بالمقارنة مع القتل. فحكمت، على سبيل المثال، على جندي اقتحم مستودعات عسكرية وأخرج كثيرًا من قطع السلاح (10 صواريخ لاو، و34 قنبلة دخان، ونحو 80 عبوة وآلاف العيارات) وتاجر بها، بالسجن الفعلي لمدة 15 سنة، بينما حكمت على شريكه بالسجن لمدة 9 سنوات.
ومع ذلك، فقد باشر اليمين الإسرائيلي، بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حملة لإصدار عفو عام، بحيث لا يقبع أزاريا في السجن يومًا واحدًا. وقد اعتبر الفلسطينيون المحاكمة «مجرد تمثيلية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».