المحكمة العليا الإسرائيلية تنتخب 4 قضاة محافظين بينهم مستوطن

انقلاب «دستوري» يغير مشهد القضاء ويعزز نفوذ المتطرفين

المحكمة العليا الإسرائيلية تنتخب 4 قضاة محافظين بينهم مستوطن
TT

المحكمة العليا الإسرائيلية تنتخب 4 قضاة محافظين بينهم مستوطن

المحكمة العليا الإسرائيلية تنتخب 4 قضاة محافظين بينهم مستوطن

انتخبت لجنة تعيين القضاة في إسرائيل، الليلة قبل الماضية، أربعة قضاة جديدين للمحكمة العليا، منهم محافظان، والثالث مستوطن في بؤرة استعمارية، تعدّ حسب القانون الدولي، غير قانونية وغير شرعية، في خطوة اعتبرت «انتصارًا لحكومة اليمين المتطرف» و«انقلابًا دستوريًا». والقضاة الأربعة المنتخبون هم: قاضي المحكمة المركزية في القدس ديفيد ميتنس، رئيس المحكمة المركزية في حيفا يوسف الرون، قاضية المحكمة المركزية في حيفا ياعيل فيلنر، وقاضٍ عربي في المحكمة المركزية في تل أبيب - يافا، هو جورج قرا. ويعتبر هذا الانتخاب بمثابة انقلاب في تركيبة المحكمة العليا، حيث يعتبر ثلاثة من هؤلاء القضاة، الرون ومينتس وفيلنر، من المحافظين، بل يتماثل فيلنر مع المتدينين القوميين، وينتسب مينتس إلى جمهور المستوطنين اليميني المتطرف.
وكان القاضي الوحيد الذي صادق عليه القضاة والسياسيون في اللجنة، هو القاضي العربي جورج قرا، الذي انتُخِب على الرغم من معارضة ممثلي نقابة المحامين. وقد تغلب قرا على منافسه القاضي خالد كبوب، على المقعد الذي سيخليه القاضي العربي سليم جبران، عند بلوغه السبعين بعد أربعة أشهر.
وقالت وزيرة العدل، ايليت شكيد في ختام الجلسة: «لقد صنعنا تاريخًا اليوم. تعيين القضاة هذا المساء، يعكس المنطق الإنساني والقضائي الذي كان مطلوبًا لنا كمجتمع، وكان ينقصنا حتى اليوم في الهيئة القضائية العليا». وبعث رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، برسالة تهنئة إلى الوزيرة شكيد من أستراليا التي يزورها، قال فيها، إن هذه الخطوة حيوية لجعل إسرائيل «ديمقراطية متطورة، يعبر فيها الجهاز القضائي عن تركيبة الشعب ولا يكونون في عِليّة مرتفعة عن الشعب».
ولكن هذا التغيير لا يكفي بل يزيد من نهم اليمين المتطرف. وقد أعلن مسؤول ملف القضاء في حركة ديرخ حييم، أوري تسيبوري، أن «تغيير الأشخاص لن يحقق هدفنا الاستراتيجي، لكنه خطوة في الاتجاه الصحيح». وأضاف: «اليوم أيضًا يوجد تنويع لافت في تركيبة المحكمة العليا. لكننا نحتاج إلى ثورة قضائية كاملة تضع حدًا لديكتاتورية المحكمة العليا، وتعيد المفاتيح الدستورية إلى الشعب ومنتخبيه. فالمحكمة العليا سمحت لنفسها بأن تفرض على الشعب سياسة مناقضة لإرادته ويجب وقفها عند حدها بشكل جذري».
وكانت قوى اليسار والوسط الليبرالي، قد اعتبرت هذا التغيير بمثابة «استكمال للانقلاب غير الدستوري الذي تقوده وزيرة القضاء، أييلت شكيد (وهي من حزب المستوطنين؛ البيت اليهودي) ورئيس الحكومة، بحيث تم تصميم المحكمة العليا لتدافع عن السلطات ولا تتدخل في عملها، في حين أن التعيينات كانت لهدف سياسي هو إبقاء الاحتلال وضم الضفة الغربية إلى إسرائيل من دون منح المواطنة للفلسطينيين»، كما كتبت صحيفة «هآرتس». وقال رئيس تحرير الصحيفة، ألوف بن، أمس، إن «تعيين القضاة الأربعة الجدد في المحكمة العليا هو الإنجاز الأهم في الانقلاب السياسي والاجتماعي الذي تقوده الحكومة الحالية لبنيامين نتنياهو. فقد تعهدت وزيرة القضاء بتغيير طابع السلطة القضائية في إسرائيل من الأساس، واستكملت يوم أمس خطوة حاسمة في تنفيذ تعهداتها التي ستؤثر على قرارات المحكمة وعلى الديمقراطية الإسرائيلية لسنوات طويلة في المستقبل».
وأشار «بن» إلى رؤية شاكيد وفق ما قالته في مقال لها نشر قبل نحو أربعة أشهر، بعنوان «سكك حديدية إلى الحكم»، تطلب في نهايته من كل وزير في الحكومة، أن يضع سكة حديد جديدة في كل مكان يجد فيه أن السكة القديمة لا تخدم مصلحة المواطنين الإسرائيليين، وذلك كي تتحرك عليها القطارات في السنوات المقبلة بسهولة وبسرعة. ويضيف الكاتب، إن شاكيد دعت في مقالتها، إلى إلغاء «الثورة الدستورية» التي قادها رئيس المحكمة العليا السابق، أهارون باراك، والانتقال إلى تقليص الحق في تقديم دعوى مجددا إلى المحكمة العليا، وسدّ أبواب المحكمة أمام ملتمسين مثل أعضاء كنيست وجمعيات. وبحسبها، فإنه يجب على القضاة ألا يتدخلوا في الخلافات السياسية أو في وضع سلم أولويات السلطات والميزانيات، وأن دورهم ينحصر في الرد على مشكلات محددة لملتمسين تضرروا من السلطة.
وتساءل وزير القضاء الأسبق، أمنون روبنشتاين: «كيف يمكن للقاضي المستوطن أن يبت الآن في قضايا تتعلق بالاستيطان؟ هل يمكن ضمان العدالة إزاء آرائه التي يرى فيها أن الاستيطان مهمة قومية عليا؟»، وقال: «بحسب نتنياهو وشاكيد وأصدقائهما في اليمين، فإن وظيفة المحكمة هي إعطاء الشرعية القضائية لقرارات الحكومة، وليس إزعاج السلطات بقرارات تحدد قوتها وتحمي حقوق المواطن. ويجب على القضاة توفير الغطاء لرئيس الحكومة والوزراء والموظفين، وشرعنة أعمالهم بقرارات مفسرة ومفصلة. في حين أن التوجه الليبرالي، الذي يرى في المحكمة العليا درعا للمواطنين من التعسف، هو، بنظر الحكومة الحالية، توجه يساري يمثل الخاسرين في الانتخابات، وعليهم أن يخلوا مواقعهم».
يُذكر أن القاضي العربي الذي تم اختياره للمحكمة العليا، جورج قرا، هو في الرابعة والستين من العمر. واشتهر بتشدده مع المدانين في جرائم التحرش الجنسي والسياسيين الذين ارتكبوا مخالفات جنائية. وكانت أشهر القضايا التي بت فيها، إدانة الرئيس الإسرائيلي الأسبق، موشيه قصاب، بتهمة الاغتصاب والاعتداءات الجنسية على موظفاته، عندما كان وزيرًا في عدة وزارات، وأرسله إلى السجن الفعلي سبع سنوات.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.