عرب النقب وأعضاء في الكنيست يطالبون باستقالة نتنياهو والمفتش العام للشرطة

التحقيق يكشف خيوط مقتل أبو القيعان وأنه لم يكن «داعشيًا»

عرب النقب وأعضاء في الكنيست يطالبون باستقالة نتنياهو والمفتش العام للشرطة
TT

عرب النقب وأعضاء في الكنيست يطالبون باستقالة نتنياهو والمفتش العام للشرطة

عرب النقب وأعضاء في الكنيست يطالبون باستقالة نتنياهو والمفتش العام للشرطة

بين تسريب أجزاء من التحقيق في مقتل المربي يعقوب أبو القيعان، أنه لم يكن من رجال «داعش»، ولم يدهس شرطيا إسرائيليا، على عكس ادعاء عدد من المسؤولين الحكوميين. وعلى الفور، تعالت أصوات في أوساط عرب النقب وأعضاء الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) من «القائمة المشتركة»، مطالبة بمحاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن الداخلي غلعاد أردان، والمفتش العام، والشرطي روني الشيخ، وإرغامهم على تقديم الاستقالة، بسبب تصريحاتهم وتحريضهم الشديد على العرب فلسطينيي 48.
ويدور الحديث عن الأحداث المأساوية التي وقعت في بلدة أم الحيران في النقب، قبل نحو الشهر، عندما حضرت إلى المنطقة، قوات ضخمة من الشرطة لهدم بيوت القرية، بحجة البناء من دون ترخيص. في حينه، تم هدم 12 بيتا و9 براكيات. وقد اشتبكت قوات الشرطة مع المواطنين، وتم الاعتداء على العشرات منهم، وكذلك على النائب في الكنيست، أسامة السعدي، وتم إطلاق رصاصتين أسفنجيتين على ظهر وجبين النائب أيمن عودة، رئيس القائمة المشتركة، وعندها قرر المربي يعقوب أبو القيعان، مغادرة المكان، حتى لا يشاهد بيته الحجري الجميل يهدم أمام عينيه. ركب الرجل سيارته الجيب وغادر مسرعا، فأطلق رجال الشرطة الرصاص عليه، وأصابوه بجراح بليغة، يبدو أنه أغمي عليه على أثرها، وفقد السيطرة على المقود، فتدهورت سيارته في طريق ترابي وصدمت أحد رجال الشرطة.
في حينه، سارع وزير الأمن الداخلي، غلعاد أردان، إلى الإعلان أن القيعان هو من رجال «داعش»، وأنه دهس رجل الشرطة وقتله متعمدا. ثم ألقى نتنياهو والشيخ والكثير من الوزراء ورئيس الدولة، رؤوبين رفلين، تصريحات تدين المرحوم وتتهمه بالإرهاب. لكن أهالي النقب نفوا التهمة عن القيعان، وطالبوا بإقامة لجنة تحقيق رسمية. رفضت الشرطة ذلك، واكتفت بالتحقيق الذي بدأت بإجرائه «دائرة التحقيق مع مخالفات رجال الشرطة في وزارة القضاء» (وتدعى بالعبرية «ماحش»).
وقد بدأت تتسرب معلومات من داخل التحقيق، إلى وسائل الإعلام الإسرائيلية، مفادها أن كل الدلائل تشير إلى أن المسؤولين الإسرائيليين تسرعوا في الحكم على الراحل. فلا هو «داعش» ولا هو داهس متعمد. وأنه قُتل بدم بارد، بلا ذنب.
وقد تعززت هذه الحقيقة بالتغيير الذي حصل في لهجة الوزير أردان. فقد أشار، أمس، إلى الحادث في أم الحيران، وخلافا لتحديده في السابق بأن العملية إرهابية نفذها مخرب، استخدم أردان لغة جديدة. وقال خلال لقاء مع شرطة بئر السبع: «كان لدينا حادث صعب ومؤسف قبل عدة أسابيع في أم الحيران. يحظر السماح لأحد بأخذ حدث موضعي، قتل خلاله للأسف شرطي ومواطن، وتطبيقه على كل العلاقات بين الجمهور البدوي وشرطة إسرائيل». وأضاف: «يجب علينا استخلاص الدروس، بعد أن يتضح ما حدث هناك وتنهي (ماحش) التحقيق، والمواصلة من هناك قدما من أجل تدعيم هذه العلاقة، وتعزيز خدمات الشرطة، وتطبيق القانون ضد المشاغبين، الذين يمسون أولا، بالجمهور البدوي الذي نريد مواصلة التعايش معه هنا في النقب».
ثم وبعد لقاء منحه لراديو الجنوب في اليوم نفسه، لمح أردان للمرة الأولى، إلى إمكانية أن تكون الشرطة قد تصرفت «بشكل غير مناسب»، وقال: «بعد انتهاء التحقيق، إذا اتضح أن الشرطة لم تكن على ما يرام، أنا أيضا سأطالبها بتوضيحات. ولكن أن نعرض الأمر وكأنه توجد هنا رواية أمام رواية حين يقتل شرطي في عملية، أعتقد أن هذا ليس صحيحا وليس مناسبا».
وقد أثارت تصريحات أردان، ذوي «الشهيد» أبو القيعان، الذين طالبوا بتشكيل لجنة تحقيق رسمية وإقالة الوزير أردان من منصبه. وقالت ابنة «الشهيد»، نسرين يعقوب أبو القيعان (23 عاما)، وهي طالبة جامعية تدرس الرياضيات، إن الشرطة قتلت والدي بدم بارد. وطالبت أبو القيعان بـ«إقالة رئيس الحكومة نتنياهو، والوزير أردان، من منصبيهما، على الرغم من أن هذا أيضا، لن يعيد لنا والدي، لكنه، على الأقل، يثبت عدوانيتهم، فقد قتلوا والدي وشهروا به، وخطفوا كل أحلامنا».
وتبنى هذا المطلب أيضا، النائب يوسف جبارين من القائمة المشتركة، وقال إن القيادات الإسرائيلية تتصرف بتسرع وصبيانية، لأنها تجيز لنفسها كل شيء ضد العرب.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».