طالبت مجموعة من المنظمات والجمعيات الحقوقية الناشطة في مجال الهجرة بوقف ما تتعرّض له السلطات التونسية من ضغوط وصفتها بـ«غير المحتملة» من جانب إيطاليا وألمانيا، لدفعها إلى قبول إعادة المهاجرين غير الشرعيين واللاجئين الذين يتم طردهم من ألمانيا وبعض الدول الأوروبية.
وطالبت هذه المنظمات الاتحاد الأوروبي وجميع البلدان الأعضاء في الاتحاد بإبداء التزام حقيقي باستقبال المهاجرين واللاجئين على أراضيها، وبدعم تونس دعما فعليا في تعزيز سيادة القانون ومكافحة الإرهاب، دون السعي إلى فرض مقايضة في هذا المجال.
وأشار «المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية» و«الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان» و«مركز تونس للهجرة واللجوء»، و«الجمعية الأوروبية للدفاع عن حقوق الإنسان»، إلى جانب عدد من الجمعيات الحقوقية، إلى أن إرغام تونس على استقبال الأشخاص الذين يعترضهم خفر السواحل الإيطالية داخل أراضيها، كما جاء في مقال صحافي إيطالي، مقابل تقديم الدعم لها في مجال مكافحة الإرهاب، هو بمثابة «انتهاك فاضح لالتزامات الاتحاد الأوروبي وكذلك إيطاليا، التي سبق أن أدانتها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان عام 2012 بسبب إعادة ترحيلها طالبي اللجوء السياسي نحو ليبيا».
وعبرت تونس خلال الأسبوع الماضي عن رفضها القاطع لاقتراح المسؤولين الألمان والإيطاليين، الذين كانوا يعتزمون إعادة المهاجرين واللاجئين إلى أراضيها، وفكرة بناء مركز لإيوائهم على الأراضي التونسية.
وتفاوض الحكومة الألمانية السلطات التونسية لقبول نحو ألف و500 مهاجر تونسي غير شرعي، بينهم مجموعة وصفت بالخطيرة، إلا أن نتائج تلك المفاوضات بقيت مبهمة. وفي هذا الشأن قال عبد الرحمان الهذيلي، رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، في تصريح إعلامي، إن تونس وغيرها من بلدان الضفة الجنوبية للمتوسط لا تمتلك القدرة على استقبال الأشخاص الذين يحتاجون إلى حماية دولية، مؤكدا عدم وجود ضمانات كفيلة بحمايتهم من العقاب ضد «الهجرة غير المصرّح بها»، وهو ما يشكّل انتهاكا للحق الأساسي في مغادرة أي بلد والحق في التنقل.
وأضاف الهذلي أن تونس لا تملك الضمانات القانونية حيال الأشخاص الذين لا يرغبون في طلب اللجوء، والذين قد يتعرضون لخطر الاحتجاز والطرد في ظروف غير إنسانية.
وحول ما يتعلق بالهجرة غير الشرعية، قال الهذلي إن «جريمة الهجرة غير المصرح بها» أدرجت في القانون التونسي سنة 2004، وجاءت كنتيجة مباشرة للضغوط التي مارسها الاتحاد الأوروبي على النظام السابق، مثلما هو الشأن لبلدان أخرى مثل الجزائر والمغرب والسنغال.
وكانت الحكومة الألمانية قد اعتبرت المغرب والجزائر وتونس «دولا آمنة»، بنية ترحيل اللاجئين إلى بلدانهم الأصلية بشكل أسرع، علما بأن السلطات الألمانية كانت تشترط لقبول طلبات اللجوء من مهاجري المغرب والجزائر وتونس تقديم أدلة تؤكد ما يعانونه من اضطهاد أو مخاطر أخرى، ويعد تصنيف هذه الدول ضمن خانة الدول الآمنة بمثابة انتهاء مرحلة قبول مهاجرين على أراضيها.
وكشف بحث ميداني، أجراه المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أن نحو 45 في المائة من الشباب التونسي له استعداد للهجرة، حتى لو كانت هجرة غير نظامية أو غير شرعية، وأن 81 في المائة منهم مستعدون لتمويل الهجرة غير النظامية. وأكد المنتدى ثبوت فشل المنوال التنموي في تونس، ومن تجليات هذا الفشل ارتفاع ظاهرة الهجرة غير النظامية، إذ إن نحو 25 ألف شاب غادروا البلاد بطرق غير شرعية في فترة أحداث ثورة 2011.
من جهة ثانية، أعلنت «المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب» (غير حكومية) أمس تسجيل 153 «انتهاكا»، تراوحت بين «التعذيب والعنف وسوء المعاملة» داخل السجون ومراكز التوقيف التونسية في 2016.
ونشرت المنظمة أمس تقريرها السنوي حول انتهاكات حقوق الإنسان المسجلة في السجون ومراكز التوقيف خلال الفترة ما بين الأول من يناير (كانون الثاني) ونهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2016.
ووفق التقرير «سجلت المنظمة 153 حالة تتوزع بين التعذيب والعنف وسوء المعاملة حسب المعايير المعتمدة لديها في تصنيف الانتهاكات» في 2016، مشيرة إلى أن العدد كان 250 في العام الفائت. وتمثلت أغلب هذه الانتهاكات في الاعتقال التسعفي (59 في المائة من الحالات) وسوء المعاملة (33 في المائة) والتعذيب» (4 في المائة)، والموت المستراب (2 في المائة)، والتهديد (بالاغتصاب) أو محاولة الاغتصاب (2%).
وتتصدر الشرطة قائمة السلطات الأمنية التي ترتكب انتهاكات في حق المحتفظ بهم والمقبوض عليهم، بنسبة 62 في المائة، يليها حراس السجون (24 في المائة)، ثم الحرس الوطني (الدرك) بنسبة 14 في المائة، حسب التقرير.
وأوضحت مؤسسة المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب، راضية النصراوي، أن تراجع عدد الانتهاكات في 2016 مرده إلى تعديل قانون الإجراءات الجزائية الذي بات يسمح للمحامي بمرافقة موكله بعد توقيفه. لكن المنظمة طالبت اليوم بإصلاحات جديدة على القانون.
وجاء في التقرير أيضا أنه «لم يتم إلى اليوم إصلاح حقيقي وملموس للمؤسستين الأمنية والسجنية بدليل أن القوانين القديمة التي تنظم عملها لا تزال سارية. ويؤدي التأخير في الإصلاح إلى تواصل ارتفاع معدلات الانتهاكات وكذلك تواصل ظاهرة الإفلات من العقاب».
وأبدى مقرر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب بن إيمرسون، في ختام زيارة إلى تونس في مطلع فبراير (شباط) الحالي، قلقه إزاء ظروف الاعتقال في السجون التونسية.
جمعيات تنتقد ألمانيا وإيطاليا لمحاولة إرغام تونس على قبول مهاجريها
تسجيل 153 انتهاكًا في السجون ومراكز التوقيف خلال 2016
جمعيات تنتقد ألمانيا وإيطاليا لمحاولة إرغام تونس على قبول مهاجريها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة