مسؤول ألماني: البرنامج النووي الإيراني يهدد الاستقرار الإقليمي والعالمي

كامب أكد أن السعودية من أهم الشركاء في الحرب ضد الإرهاب

الدكتور كارل هاينس كامب رئيس الأكاديمية الفيدرالية الألمانية لسياسة الأمن (تصوير: بشير صالح)
الدكتور كارل هاينس كامب رئيس الأكاديمية الفيدرالية الألمانية لسياسة الأمن (تصوير: بشير صالح)
TT

مسؤول ألماني: البرنامج النووي الإيراني يهدد الاستقرار الإقليمي والعالمي

الدكتور كارل هاينس كامب رئيس الأكاديمية الفيدرالية الألمانية لسياسة الأمن (تصوير: بشير صالح)
الدكتور كارل هاينس كامب رئيس الأكاديمية الفيدرالية الألمانية لسياسة الأمن (تصوير: بشير صالح)

أكد الدكتور كارل هاينس كامب، رئيس الأكاديمية الفيدرالية الألمانية لسياسة الأمن، أن جهود إيران لامتلاك أسلحة نووية تشكل تهديدًا كبيرًا للاستقرار الإقليمي والعالمي، داعيًا طهران إلى إدراك أن التعامل معها وفق خطة العمل المشتركة الشاملة (JCPOA) له حد زمني.
وكشف كامب في حوار مع «الشرق الأوسط» في الرياض، أمس، عن حجم القلق الذي يساوره بشأن الأزمة السورية، مشيرًا إلى أن العنف في سوريا سيستمر سنوات كثيرة، مع سعي الأسد للسيطرة على البلد بأكمله، ووجود مجموعات فردية في البلاد تتلقى الدعم من دول أخرى.
ولفت إلى أن الدعم العسكري السعودي للحكومة اليمنية مبرر للتأكد من أن تبقى الخسائر في صفوف المدنيين والأضرار الجانبية قليلة قدر الإمكان، في ظل صعوبة الوضع، مع إخفاء المتمردين الحوثيين قدراتهم العسكرية من الأسلحة والذخائر في المواقع المدنية، خصوصًا المستشفيات أو دور الحضانة من أجل إلقاء اللوم على المهاجمين.
وأضاف كامب أن الولايات المتحدة صديق وشريك لألمانيا وأهم عضو في حلف شمال الأطلسي، إضافة إلى وجود علاقات وثيقة أيضًا بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لافتًا إلى أن الأوروبيين يتوقعون التزامات قوية من الجانب الأميركي.
وأشار إلى أن السعودية من أهم الشركاء في الحرب الدولية ضد الإرهاب، مشيرًا إلى استفادة ألمانيا من تجربة المملكة في مكافحة الإرهاب، مبديا إعجابه بالتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC)... وفيما يلي نص الحوار:
> ما تقييمكم للمخاطر التي تسببها إيران للأمن والاستقرار في المنطقة، وإلى أي مدى يشكل برنامجها النووي تحديا للأمن العالمي؟
- بالنسبة لألمانيا، فإن جهود إيران لامتلاك أسلحة نووية تشكل تهديدا كبيرا للاستقرار الإقليمي والعالمي. وأظهرت تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن هذا يشكل خطرًا حقيقيًا، ولدينا الآن اتفاق دولي يتعامل مع هذا التهديد، وتدعى هذه الاتفاقية خطة العمل المشتركة الشاملة (JCPOA) التي تمثل حلاً وسطًا، وهو ما يعني أنه لا يمكن أبدا أن تُرضي جميع الأطراف بنسبة مائة في المائة. وما زلنا ننظر إلى ذلك باعتباره اتفاقا جيدًا مما يحسّن من الأمن ويتعامل مع المشكلة بكفاءة.
علينا أن نضع في اعتبارنا أن هناك حدًا زمنيًا لـ«JCPOA»، وعلينا أن نبدأ المفاوضات في الوقت المناسب.
> ما تقييمك للوضع في سوريا واليمن وتأثيراتها على أمن المنطقة؟
- في اليمن هناك حكومة شرعية طلبت الدعم، وقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي يطالب بإعادة الحكومة الشرعية. وبالتالي، فإن كل أولئك الذين يدعمون الحكومة الشرعية والمشروعة على حق. في الوقت نفسه، فإنه رغم صعوبة الوضع، مع إخفاء المتمردين الحوثيين قدراتهم العسكرية من الأسلحة والذخائر في المواقع المدنية خصوصًا المستشفيات أو دور الحضانة من أجل إلقاء اللوم على المهاجمين، فإن الدعم العسكري السعودي للحكومة اليمنية مبرر للتأكد من أن تبقى الخسائر في صفوف المدنيين، والأضرار الجانبية قليلة قدر الإمكان.
> وكيف تقيمون وضع الأزمة السورية؟
- الوضع السوري أصعب بكثير مقارنة بالوضع في اليمن، وذلك بسبب تدخل عدد كبير من الأطراف في سوريا، بعضها بشكل مباشر، وبعضها بشكل غير مباشر، ولكن قلقي هو أن العنف في سوريا سيستمر سنوات كثيرة، في ظل سعي تسيّد بشّار الأسد على البلد بأكمله مع وجود كثير من الدول التي تدعم مجموعات فردية في البلاد.
> وزيرة الدفاع الألمانية حذرت من أي نبرة سلبية للإدارة الأميركية الجديدة تجاه الاتحاد الأوروبي حتى لا يتفكك أو يؤثر على الحلف الأطلسي... ما تعليقك على ذلك؟
- وزيرة الدفاع الألمانية فون دير للاين، ليست في موقع يسمح لها بتحذير الحكومة الأميركية، كما أنها لا تنوي ذلك... فالولايات المتحدة صديق حميم وشريك لألمانيا وأهم عضو في حلف شمال الأطلسي، وهناك أيضا علاقات وثيقة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. ومن هنا، فإن مناقشة القضايا المشتركة تقوم على قاعدة من الثقة والصداقة.
لدى واشنطن الحق إذا كانت تنوي تشجيع حلفائها الأوروبيين على زيادة مساهمتها في الأمن المشترك والدفاع في حلف شمال الأطلسي. والشراكة بدورها جهد متبادل من الجانبين، حيث يتوقع الأوروبيون التزامات قوية من الجانب الأميركي. هذه هي «صفقة» لا بد من مناقشتها مع كل إدارة جديدة في واشنطن، وأنا على ثقة بأن حلف الناتو - كما هو الحال دائما - سوف يجد حلا مشتركا يزيد من قوة وازدهار العلاقات عبر الأطلسي.
> اهتم مؤتمر ميونيخ الذي انعقد مؤخرا في ألمانيا بالأمن العالمي... في رأيك، ما التحديات التي تواجه العالم حاليا؟
- من وجهة النظر الأوروبية، هناك ثلاثة تحديات تعنينا أكثر من غيرها. أولها؛ هو الطبع العدواني الجديد لروسيا في أوروبا والضم غير الشرعي للقرم، وثانيها هي الفوضى في أجزاء من الشرق الأوسط خصوصًا في سوريا والعراق وليبيا، لأن هذا مصدر رئيسي للإرهاب والعنف حتى في أوروبا، وثالثها تساؤلات عن المسار المستقبلي لحكومة الولايات المتحدة الأميركية، الذي أصبح مبهمًا جدًا في عهد الرئيس دونالد ترمب.
> تزايد طلب بعض البريطانيين للجنسية الألمانية، ما السبب في ذلك، وهل لـ«البريكسيت» دور في ذلك، وما تأثير ذلك على الأمن في ألمانيا وأوروبا؟
- كان قرار بريطانيا بشأن ترك الاتحاد الأوروبي (Brexit) خطوة سيادية للشعب البريطاني، وحتى بعد «البريكسيت»، ستبقى بريطانيا بلدًا أوروبيًا مهمًا وشريكًا قويًا في حلف شمال الأطلسي. أما مصدر القلق فيكمن في أن التفاوض على «Brexit» سوف يستهلك كثيرا من الوقت والطاقة السياسيين، اللذين يمكن أن يستخدما بنحو أفضل لمواجهة التحديات المشتركة.
> ألمانيا ترحّل لاجئين متهمين بالإعداد لهجمات إرهابية، هل سيترتب على ذلك ترحيل اللاجئين بشكل عام أو تعثر حق اللجوء؟
- منح اللجوء لمن تتعرض حياتهم للخطر هو التزام دستوري في ألمانيا ولن يتغير؛ هذا هو السبب الذي يدفعنا لتقييم كل من يطلب اللجوء سواء إن قاموا بتبرير طلبهم أو لم يفعلوا. بالنسبة للقادمين من الدول التي نعتبرها «دولاً آمنة»، أي على سبيل المثال، تلك التي لا يوجد فيها تعذيب أو ملاحقة غير قانونية، فسنعيدهم إلى بلدانهم الأصلية. هذا ليس بالأمر السهل لأنه لا بد من تقييم كل حالة بشكل فردي. باختصار، لا يزال الحق الدستوري للحصول على اللجوء على حاله.
> ما الهدف من زيارتك إلى السعودية؟
- الأكاديمية الفيدرالية الألمانية الاتحادية للسياسة الأمنية هي جزء لا يتجزأ من الحكومة الألمانية، والهدف من هذه الزيارة التباحث حول التحديات الأمنية على المستويين الإقليمي والدولي، حيث كنا نظمنا ندوة لصُنّاع القرار رفيعي المستوى من قطاعات السياسة والأعمال والإعلام، وقامت المجموعة برحلة لمدة تسعة أيام إلى إيران، والإمارات العربية المتحدة والسعودية ضمن إطار الندوة، ناقشنا خلالها كل مسائل الأمن الإقليمي والعالمي.
> تلعب السعودية دورا مهما في محاربة الإرهاب... ما تقييمكم لهذا الدور وفاعليته، وهل سيكون تعاون مشترك بين البلدين في هذا المجال؟
- السعودية من أهم الشركاء في الحرب الدولية ضد الإرهاب، لذلك نسعى لتعزيز التعاون في كثير من المجالات، وعلى سبيل المثال، قدمت ألمانيا التقنية لأمن الحدود ودرّب ضباط الشرطة الألمان زملاءهم السعوديين من حرس الحدود، إضافة إلى تدريب وحدات نسائية من قبل موظفات الشرطة الفيدرالية. في المقابل، تستفيد ألمانيا من التجربة السعودية في مكافحة الإرهاب، وفي هذا السياق زرنا مقر التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC) في الرياض، وأعجبنا به كثيرا.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».