«جنيف 4» تنطلق اليوم باجتماع بروتوكولي وسقف توقعات منخفض

موسكو طلبت من النظام وقف القصف الجوي خلال المفاوضات

مارة يجتازون عربات محطات تلفزيونية وأطباق لاقطة عشية انطلاق المحادثات السورية - السورية في جنيف اليوم (أ.ف.ب)
مارة يجتازون عربات محطات تلفزيونية وأطباق لاقطة عشية انطلاق المحادثات السورية - السورية في جنيف اليوم (أ.ف.ب)
TT

«جنيف 4» تنطلق اليوم باجتماع بروتوكولي وسقف توقعات منخفض

مارة يجتازون عربات محطات تلفزيونية وأطباق لاقطة عشية انطلاق المحادثات السورية - السورية في جنيف اليوم (أ.ف.ب)
مارة يجتازون عربات محطات تلفزيونية وأطباق لاقطة عشية انطلاق المحادثات السورية - السورية في جنيف اليوم (أ.ف.ب)

بعد انقطاع تسعة أشهر، عاد ملف الأزمة السورية إلى جنيف في جولة رابعة تنطلق اليوم ولأسبوعين بعد وصول وفود المعارضة «الثلاثة» ووفد النظام أمس إلى المدينة السويسرية وسط مخاوف من عجزها عن تحقيق اختراق جدي.
وكما في الجولات الثلاث السابقة، يعود دور الأمم المتحدة إلى الواجهة بعد أن سرق اجتماعا آستانة في يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الأضواء منها، ليعود التركيز على الحل السياسي. لكن إحدى صعوبات الجولة الجديدة تتمثل في الانتهاكات الواسعة لوقف إطلاق النار الذي أرسي في العاصمة الكازاخستانية وفيما تعتبره المعارضة إخفاقا لروسيا وأنقرة في تنفيذ التعهدات التي التزمت بها، وأولها وقف النار والبحث في ملف السجناء والمخطوفين وإيصال المساعدات الإنسانية.
وفي مؤتمر صحافي حافل عقده المبعوث الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، عصر أمس، برزت وبشكل فاضح الصعوبات التي تحيط بجولة المفاوضات الجديدة حيث تبدى أن الأخير لا يعرف بالتحديد كيف ستجري الأمور اليوم، لا لجهة كيفية حصول أول اجتماع ولا لجهة الوفود التي تمثل المعارضة والتي وجه إليها دعوات رسمية وآخرها لمنصتي القاهرة وموسكو.
وقال المبعوث الخاص للصحافيين: «لا تسألوني عن كيفية تنظيم كل ذلك»، مضيفا أنه سيجتمع ثنائيا صباح اليوم مع الوفود التي وصلت لبحث هذه المواضيع. وفهم منه أن الاجتماع الأول سيكون فقط بروتوكوليا وبحضور ممثلين عن مجموعة الدعم الدولية لسوريا. ووصلت لـ«الشرق الأوسط» في جنيف معلومات تفيد بأن الهيئة العليا للمفاوضات «مستاءة» من دعوة دي ميستورا لوفدين إضافيين، ومنح صفة «وفد معارضة» عليهما بناء على ضغوطات من روسيا. وكان من المنتظر أن يعقد وفد الهيئة العليا وأعضاء منها وصلوا إلى جنيف عصرا اجتماعات تشاورية. كذلك سيبحث هذا الجانب مع دي ميستورا نفسه صباح اليوم.
وكشف المبعوث الأممي أن ممثل روسيا في مجموعة متابعة لوقف إطلاق النار التي التأمت أمس في مقر الأمم المتحدة، أعلن أن موسكو «طلبت رسميا من النظام السوري الامتناع عن عمليات القصف الجوي في المناطق المشمولة بوقف النار وطيلة انعقاد الجولة الراهنة». كذلك أشار إلى أنه طلب من «الأطراف الأخرى المؤثرة» أن تفعل الشيء نفسه من أجل ألا تكون الأعمال العسكرية سببا لانهيار المفاوضات الحالية. إلا أنه استدرك بالإشارة إلى أن وقف النار الذي «يعاني من انتهاكات كثيرة ما زال قائما إلى حد كبير».
وفي إشارة مبطنة ربما إلى النظام السوري أو أطراف أخرى، نبه المبعوث الأممي إلى أنه يمكن أن يتعرض لـ«محاولات تخريب» أو لـ«محاولات استفزازية من أجل دفع طرف ما إلى الانسحاب من المفاوضات». وبرأيه، فإن وقف النار «بحاجة إلى الزخم السياسي» حتى يستمر، ما يعني في نظره أنه لن يستمر إذا ما فشلت جنيف4. كذلك رأى أن العملية السياسية تستفيد كذلك من احترام وقف الأعمال العدائية. ومع ذلك، فإن دي ميستورا نبه إلى أنه يريد أن تستمر المفاوضات وحتى إن لم يحترم وقف النار «لأن ذلك ليس شرطا أساسيا» ما يفسر قوله إنه «سيرفض الشروط المسبقة» التي يمكن أن يطرحها هذا الطرف أو ذاك.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر أوروبية ومن أوساط المعارضة أن اجتماعات تمهيدية حصلت أمس في جنيف من أجل تنسيق المواقف، ومنها اجتماع بين المبعوث الأميركي مايكل راتني ووفد الهيئة العليا للمفاوضات، واجتماعات أخرى مع ممثلين لدول «النواة الصلبة» الداعمة للمعارضة السورية. وبحسب هذه المصادر، فإن الغربيين نصحوا المعارضة بأن «تثابر» على حضور الاجتماعات حتى وإن كانت صعبة و«ألا ترتكب الغلطة التي ارتكبتها في شهر أبريل (نيسان) الماضي عندما انسحبت من المحادثات بسبب التصعيد العسكري الذي لجأ إليه النظام والميليشيات التي تحارب إلى جانبه». وقال عضو من منصة موسكو لـ«الشرق الأوسط»، إن «أفضل هدية نقدمها لبشار الأسد هي الانسحاب من المفاوضات وإعطاؤه حجة هو والإيرانيين من أجل تصعيد العمليات العسكرية والسعي لفرض أمر واقع على الشعب السوري».
وفي السياق عينه، رأى مصدر غربي أن المعارضة السورية «أقوى على طاولة المفاوضات مما هي عليه عسكريا وبالتالي يتعين عليها استخدام هذه الورقة واستثمار جنيف من أجل إعادة التركيز على عملية الانتقال السياسي التي يهرب النظام من التطرق إليها». ويضيف هذا المصدر أن موسكو تقول لنا إنها «تريد تحقيق تقدم على طاولة المفاوضات، لذا علينا أن نرى إن كانت جادة وكيف سيترجم ذلك ابتداء من اليوم وأول اختبار لها هو مدى قدرتها على حمل النظام على الدخول في مفاوضات جدية».
يصعب القول إن دي ميستورا بدا متفائلا قبل ساعات قليلة على معاودة المفاوضات. فأكثر من مرة، خفض من سقف التوقعات، وهو وإن كان متيقنا أن الجولة الجديدة ستكون «مفيدة وجدية»، إلا أنه «لا يتوقع اختراقا كبيرا». ورغم أنه «لا توقعات مفرطة» من جنيف 4. إلا أن دي ميستورا «يريد منح الشعب السوري فرصة» لإحلال السلام في بلاده. واستبق المبعوث الأممي انطلاق المحادثات ليعلن أنه ينتظر الخطابات العدائية والتهويل. وردا على سؤال حول ظروف انعقاد الجولة الراهنة مقارنة مع ما حصل العام الماضي، رأى دي ميستورا أن العام 2017 «مختلف عن 2016 من الناحيتين الجيوسياسية والعسكرية»، مدللا على ذلك بأن اتفاقات وقف النار السابقة كانت ثنائية أميركية - روسية بينما العام الحالي تغيرت بتراجع الدور الأميركي ودخول تركيا وإيران إليها.
لكن المبعوث الأممي الذي أدهش المجتمعين في ميونيخ الأسبوع الماضي بتأكيده أنه لا يعرف ما هي السياسة الأميركية الجديدة إزاء الملف السوري، سعى بالأمس للتخفيف من انتقاداته بالقول إن أي إدارة جديدة «تحتاج لشهر من أجل وضع استراتيجية جديدة». لكن هذا لا يعني في نظره أنه يتعين الانتظار حتى تتبلور مواقف واشنطن لأن الخطر هو أن «نفقد الزخم» المتأتي من آستانة. ووصف جولتي المفاوضات في آستانة بأنها كانت «بادرة إيجابية جدا» آملا أن تحصل لقاءات جديدة تتناول الجوانب العسكرية بينما مرجعية المسائل السياسية هي جنيف. ودعا دي ميستورا إلى الصبر وانتظار «نهاية المحادثات» بدل الحكم عليها سلفا.
واستفاد المبعوث الأممي من فرصة المؤتمر الصحافي أمس ليوجه رسائل في أكثر من اتجاه وأولها إلى موسكو وذلك في موضوع بلورة دستور سوري جديد وفق الفصول الثلاثة المنصوص عليها في القرار الدولي رقم 2254 وهي، إلى جانب الدستور، الحوكمة والانتخابات. وفيما يبدو أنه انتقاد لبادرة موسكو ببلورة مسودة دستور جديد، قال دي ميستورا إن صياغة الدستور «امتياز خالص للشعب السوري»، وإنه «ليست هناك دولة سمحت لدولة أخرى أن تضع دستورها». لكن هذا الانتقاد لا ينطبق على الأمم المتحدة التي يمكن أن «تضع خبراتها بتصرف الشعب السوري».
وأمس، كانت صورة الوضع كما تبدو من جنيف «غير مشجعة» لجهة النتائج التي يمكن أن تسفر عنها الجولة الراهنة. فأوساط المعارضة وكذلك مسؤولون غربيون اتصلت بهم «الشرق الأوسط»، أجمعوا على تأكيد أن جدية المفاوضات ستتبدى سريعا جدا ومنذ الاجتماعات الأولى، وأنه لذلك «يتعين الالتفات بشكل خاص لما سيكون عليه الأداء الروسي» ومدى استعداد موسكو لـ«لي ذراع» الأسد وقدرتها على «مواجهة» التأثير الإيراني. كذلك تعرب هذه الأوساط عن قلقها من التأثيرات السلبية للغياب الأميركي عن هذه الجولة رغم أن مايكل راتني، المندوب الأميركي السابق ما زال في موقعه وهو موجود في جنيف.
وفي سياق آخر، عادت الشائعات لتسري مجددا عن احتمال استقالة المبعوث الأممي من مهمته. ولدى سؤاله عن ذلك، رد بقوله إن الإشاعات «لا تزعزعه» وإن القرار في هذا الموضوع هو «بيد الأمين العام للأمم المتحدة» و«زوجة دي ميستورا»، وبيده هو وليس في أي مكان آخر.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.