ليبيا: حكومة السراج توقف الناطق باسمها بسب مزحة

رئيس أركان الجيش يحظر سفر المرأة دون محرم... والأمم المتحدة تنتقد محاكمة سيف الإسلام القذافي

المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر يتحدث إلى مجموعة من المهاجرين غير الشرعيين بأحد مراكز الاحتجاز في طرابلس أمس (أ.ف.ب)
المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر يتحدث إلى مجموعة من المهاجرين غير الشرعيين بأحد مراكز الاحتجاز في طرابلس أمس (أ.ف.ب)
TT

ليبيا: حكومة السراج توقف الناطق باسمها بسب مزحة

المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر يتحدث إلى مجموعة من المهاجرين غير الشرعيين بأحد مراكز الاحتجاز في طرابلس أمس (أ.ف.ب)
المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر يتحدث إلى مجموعة من المهاجرين غير الشرعيين بأحد مراكز الاحتجاز في طرابلس أمس (أ.ف.ب)

في تطور مفاجئ، قرر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج في ليبيا، أمس، إيقاف الناطق الرسمي باسمه أشرف الثلثي عن العمل بسبب مزحة تلفزيونية، وذلك بعد ساعات فقط من تضارب تصريحات حول حقيقة تعرض موكب السراج، أول من أمس، لإطلاق نار خلال مروره في العاصمة طرابلس.
ووزع المكتب الإعلامي لحكومة السراج، التي تدعمها بعثة الأم المتحدة، نص قرار إيقاف الثلثي، لكنه لم يقدم أي تبريرات رسمية لهذه الإقالة المفاجئة، مكتفيا بالقول إنه «بناء على أحكام هذا القرار يوقف الناطق الرسمي باسم المجلس أشرف الثلثي عن العمل». ولم يوضح القرار أي أسباب تتعلق بهذا الوقف، وما إذا كان مؤقتا أو دائما، لكن الثلثي لمح في المقابل إلى أن السبب على ما يبدو هو مقابلة أجراها مع محطة «فرانس 24» مساء أول من أمس. وأعرب في تصريحات نشرتها وكالة الأنباء الليبية عن أسفه على محاولة بعض صفحات التواصل الاجتماعي استغلال هذه المقابلة وتأويلها، موضحا أن قوله إن المجلس الرئاسي يستطيع أن يصدر مذكرة توقيف لأحد ضيوف البرنامج كان على سبيل المزاح وغير وارد التطبيق، وجاء لكثرة الطعن في شرعية المجلس من قبل الضيف وفي أكثر من مرة، معتبرا أن تطرقه لهذا المثال «مذكرة التوقيف» كان على سبيل المزاح ولا يعبر عن وجهة نظر المجلس الرئاسي لحكومة السراج أو أنه سيقوم بذلك بالفعل.
إلى ذلك، أعلن رئيس مجلس النواب الليبي، المستشار عقيلة صالح، أمس، أن تسمية أعضاء لجنة الحوار والتعديلات المطلوبة على الاتفاق السياسي، الموقع في الصخيرات بالمغرب نهاية العام قبل الماضي برعاية أممية، ستكون الأسبوع المقبل. وطالب عقيلة أعضاء المجلس بتحمل مسؤولياتهم التاريخية والاصطفاف والاتفاق على الخروج من الأزمة السياسية والجمود السياسي الذي تعيشه البلاد، بما يحقق الوفاق الحقيقي ومصلحة الشعب الليبي ووحدة تراب الوطن واستقلاله.
وخلال جلسة للبرلمان المعترف به دوليا بمقره في مدينة طبرق، دعا عقيلة النواب إلى اتخاذ موقف بتحديد ما يريدون تعديله من الاتفاق السياسي، وتسمية لجنة لإنجاز ذلك مع اللجنة المصرية المكلفة بحل الأزمة الليبية.
في غضون ذلك، أثار قرار أصدره رئيس أركان الجيش الوطني الليبي اللواء عبد الرزاق الناظوري، حالة من الجدل بين الليبيين، بعدما أمر بمنع النساء دون 60 عاما من السفر إلى الخارج من دون محرم. وقال الناظوري، الحاكم العسكري للمنطقة الممتدة من درنة شرقا إلى بن جواد غربا، معللا ذلك بقوله: «اكتشفنا قضايا لعدة سيدات ليبيات يتعاملن مع أجهزة مخابرات أجنبية... نحن نحترم المرأة الليبية، وما دامت داخل بلادها فهي حرة، أما عندما تخرج خارج ليبيا فستبقى عيوننا عليها».
لكن بعد ساعات من صدور هذا التصريح عمت ردود الفعل الغاضبة جميع أنحاء البلاد، واعتبرها الليبيون إهانة للمرأة الليبية وتقليلا من شأنها.
ميدانيا، قتل في مدينة بنغازي 3 من جنود الجيش الوطني الليبي، وأصيب سبعة آخرون خلال الاشتباكات في محور عمارات الـ12 غرب المدينة، ضد فلول الجماعات الإرهابية المتحصنة في المنطقة. وقال المتحدث الرسمي باسم القوات الخاصة، العقيد ميلود الزوي، إنها مستمرة في حربها على الإرهاب، لافتًا إلى أن هذا المحور سيكون خلال اليومين المقبلين تحت قبضة قوات الجيش، التي قال إنها تحاصر المتطرفين فيما وصفه بدائرة مغلقة.
في غضون ذلك، اعتبر تقرير للأمم المتحدة أن محاكمة سيف الإسلام، النجل الثاني للعقيد الراحل معمر القذافي، مع 36 آخرين من أفراد نظامه في ليبيا، مثلت جهدًا كبيرًا من جانب القضاء الليبي لمحاسبة الأشخاص على الجرائم التي ارتكبوها، غير أنها أخفقت في نهاية المطاف في تلبية المعايير الدولية للمحاكمة العادلة.
وقال التقرير إن «الحكومة الليبية غير قادرة على ضمان اعتقال وتسليم (سيف الإسلام) الذي ما زال في الزنتان ويُعتبر خارج سيطرة السلطات الليبية المعترف بها دوليا»، واعترف بالتحدي المتمثل في محاكمة أعضاء النظام السابق في ظل النزاع المسلح والتجاذب السياسي، لكنه لفت في المقابل إلى أن سير المحاكمة يثير عدة شواغل يتعين على السلطات الليبية معالجتها، كما رصد التقرير مخالفات جادة للإجراءات القانونية الواجبة، بما في ذلك فترات الحبس الانفرادي المطولة للمتهمين، وسط مزاعم بالتعذيب لم يتم التحقيق فيها بشكل سليم، بينما يشتكي المحامون بشكل متكرر من مواجهة صعوبات في الالتقاء بالمتهمين على انفراد والوصول إلى الوثائق.
ومن جهته، اعتبر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان الأمير زيد رعد الحسين، في بيان، أن «هذه المحاكمة كانت فرصة ضائعة لتحقيق العدالة وإتاحة فرصة للشعب الليبي لمواجهة تصرفات النظام السابق والتفكير فيها».
وحث معدو التقرير بعثة محكمة النقض على الأخذ في كامل اعتبارها المخالفات التي شابت الإجراءات القانونية الواجب اتباعها، التي تم تحديدها في التقرير، وعلى توفير الإجراءات التصحيحية الفعالة، إلى أن يتم اعتماد الإصلاحات المطلوبة لتصبح المحاكمات الليبية متوافقة بصورة تامة مع المعايير الدولية، مضيفا أنه «يتعين على السلطات الليبية ضمان تسليم سيف الإسلام القذافي إلى المحكمة الجنائية الدولية، امتثالاً لالتزامات ليبيا الدولية».
ويحتجز سيف الإسلام في منطقة الزنتان الجبلية الغربية الليبية لدى أحد الفصائل التي تتنازع على السلطة، علما بأن قوات الزنتان رفضت تسليمه قائلة إنها غير واثقة من ضمان طرابلس عدم هروبه. من جهة أخرى، أعلن الهلال الأحمر الليبي الثلاثاء عثوره على جثث 74 مهاجرا على شاطئ غرب طرابلس، لقوا حتفهم بعد غرق المركب الذي كانوا يحاولون العبور فيه إلى أوروبا. وقال الهلال على صفحته الرسمية عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» إنه «بناء على نداء إنساني وجه إلى فرعنا من قبل السكان المحليين توجهت فرق المتطوعين إلى شواطئ مدينة الزاوية، حيث قام الشباب بانتشال 74 جثمانا».
وأضاف الهلال الأحمر الذي نشر صور الجثث مسجاة في أكياس الموتى على طول الشاطئ، أن «الأهالي وجدوا قاربا للمهاجرين كان قد رمته الأمواج على شواطئ المدينة حاويا على متنه جثامين تعود لمهاجرين غير نظاميين كانوا قد شقوا البحر بحثا عن لقمة عيشهم»، موضحا أن «الشباب بإمكاناتهم البسيطة جدا أو المعدومة قاموا بانتشال 74 جثمانا وحفظهم في الأكياس المخصصة للجثث حفاظا على كرامتهم الإنسانية وحرمتهم».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».