أثار تمديد اللاعب عوض خميس مع ناديه النصر، بعد أيام من توقيعه للغريم المنافس الهلال، تساؤلات عدة في الوسط الرياضي حول قوة ومتانة المنظومة الاحترافية والتزام الوسط الرياضي بلوائحها وقوانينها في ظل أن هذه الحادثة ليست الأولى على مستوى الكرة السعودية.
وستكون إدارة شؤون الاحتراف التي يتولى إدارتها المهندس طارق التويجري المعين مؤخرا والمنبثقة من إدارة عمليات كرة القدم التي يترأسها الدكتور خالد المقرن، معنية بالفصل في القضية.
وطالب المستشار القانوني جابر سعد المهتم بلوائح وأنظمة كرة القدم بإيقاع أقصى العقوبات في مثل هذه الحالات، وذلك من أجل ردع جميع التجاوزات التي باتت السمة الأبرز في الوسط الرياضي السعودي، مشيرا إلى أن منسوبي هذه الأندية بحاجة لمزيد من التوعية ونشر الثقافة الاحترافية.
وقال جابر سعد في حديثه «لـ«الشرق الأوسط»» إن الإشكالية التي تحدث حاليا هو أمر في اعتقادي سببه ضعف الثقافة القانونية لدى جميع المنتمين للوسط الرياضي، هناك أشخاص لديهم اطلاع واسع ولكن النسبة الأغلب لديهم ضعف، خصوصا في لوائح الانتقال والمواد والنصوص التي تنظمها، أيضا هناك إشكالية أخرى في اعتقادي كانت نتيجة أحداث تراكمية فهناك تصور عام وفهم بدأ بالانتشار وهو أن التحايل على قوانين ولوائح الاحتراف لا يوقع أي عقوبة على النادي، بمعنى إذا كنت في حالة قانونية وبدأت تبحث عن ثغرة أو مخرج من خلال هذه اللائحة من أجل الالتفاف على المادة الملزمة التي تمنعك من إتمام هذه الصفقة مثلا، فيصبح الجميع حاليا يبحث عن مخرج إذا تعرض لمأزق معين وأظهر بنتيجة مخالفة للأمر في حال تم بصورة نظامية.
مضيفا بهذا الشأن: «هذا حصل بداية في عملية تحول اللاعبين المحترفين إلى هواة من أجل تسجيلهم خارج فترة التسجيل، والتصور العام أن هذا تحايل على لجنة الاحتراف ولكن تعامل اللجنة أو العقوبات المنصوص عليها في لائحة الاحتراف لم تكن رادعة أو لها أثر في إيقاف مثل هذه التجاوزات».
وعن تكرار الحالات المشابهة لحالة اللاعب عوض خميس، قال جابر سعد: «ارتكاب مخالفات لأحكام التفاوض والانتقال كان التعامل معه بشيء من المرونة، فجميع القضايا المشابهة لم تصدر فيها لجنة الانضباط عقوبات رادعة للشخص نفسه وللشارع العام، بمعنى لم تصدر عقوبة قوية».
وأوضح في الجانب نفسه: «جميع القضايا السابقة لم يكن فيها عقوبة رادعة، كانت بين إنذار وغرامة مالية ونحن نعرف أن كثيرا من الأندية لا تبالي بالأمور المالية، وبخاصة في مثل هذه القضايا، فمثلا، لاعب عقده يبلغ حاجز العشرين مليون لا يضيره إيقاع عقوبة عليه بمبلغ 500 ألف ويتمم الأمر الذي يريده».
وفيما يخص حالة اللاعب، عوض خميس، قال المستشار القانوني جابر سعد: «توقيع اللاعب عقدين لأندية مختلفة تغطي الفترة نفسها، هذه تعتبر مخالفة توجب العقوبة بحسب المادة 49 الفقرة 1 - 5». وهنا لا يشترط سريان العقد الجديد لأنه يبدأ بعد ستة أشهر، فلو لاحظت نص المادة، فإن المخالفة تتحقق في حال وجود عقدين للفترة ذاتها، فهذا بلا شك يعتبر مخالفة صريحة تستوجب مخالفة.
وعن العقوبات المتوقع إيقاعها على اللاعب عوض خميس، قال جابر سعد: «بالطبع العقوبات بهذه المخالفة تبدأ بالإنذار الخطي وتمر بالغرامة المالية التي لا تتجاوز 300 ألف ريال وتنتهي بالإيقاف لفترة لا تتجاوز ستة أشهر، واللجنة هنا تراعي مبدأ تدرج العقوبات ولكن فقط في الحالات التي تستوجب التدرج، بمعنى ربما تحدث المخالفة للمرة الأولى، ولكن يمكن إيقاع الحد الأقصى من العقوبة إذا ما تبين لها من خلال ملابسات القضية وظروفها أن الأمر يتطلب التشديد، وأيضا يحق لها الجمع بين الغرامة والإيقاف بمعنى: يمكن أن تصدر عقوبة 300 ألف وإيقاف لستة أشهر».
وفيما يخص نادي النصر، وهل ستطاله عقوبات بهذا الشأن، قال المستشار القانوني: «لا بد أن نحرر المخالفة، وما المخالفة المرتكبة، وبالتأكيد أن اللاعب لم يوقع عقدين للفترة ذاتها ويخالف اللائحة ما لم يتم التفاوض معه وإقناعه والتوقيع معه بعقد آخر يجعل اللاعب في موضع المخالف لأحكام اللائحة، وهنا يمكن أن تكون المخالفة التي ترى اللجنة بأن النادي الذي جدد مع اللاعب وقع فيها هي تحريض اللاعب على الإخلال بعقده وهنا العقوبات تكون بحسب المادة 51 في فقرتها الثانية، تبدأ من الإنذار وتمر بغرامة لا تتجاوز 500 ألف وبالحرمان من تسجيل اللاعب لفترة لا تتجاوز فترتين، وأيضا يحق للجنة الجمع بين عقوبتين في حال تبين لها أن المخالفة تتطلب الجمع بين العقوبات».
وأشار إلى أن نادي الهلال قد يحصل على تعويض مالي نظير ما حدث، موضحا: «في حال تبين للجنة الاحتراف أو غرفة فض المنازعات في حال نظرت للقضية على أن اللاعب خرق عقده، ولأسباب غير مشروعة هنا يحق للهلال المطالبة بالتعويض من خلال قيمة العقد والرواتب، وهنا يمكن أن يتحصل على تعويض مالي، إضافة إلى قيمة عقده الذي سلم للاعب بشيك مصدق حسبما أعلن النادي».
وأوضح جابر سعد أن اللاعب عوض خميس قد يكون قادرا على تجنيب نفسه وناديه العقوبة، مشيرا إلى أنه «إذا كانت هناك أسباب مشروعة لخرق عقده الجديد بعدما جدد مع ناديه السابق، وهنا غرفة فض المنازعات هي المعنية بتحديد إذا كانت الأسباب مشروعة أو لا، ومن المفترض من اللاعب إذا كان لديه سبب مشروع أن يتقدم لغرفة فض المنازعات ويطلب فسخ عقده».
واختتم المستشار القانوني جابر سعد حديثه بهذا الشأن: «أعتقد أن الأمر يتطلب بشكل عاجل نشر ثقافة الاحتراف وتكثيف ورشات العمل للأندية واللاعبين والوسطاء، حيث يتم فهم اللائحة والنصوص الواردة فيها، أيضا التوعية وحدها ليست كافية فيجب أن تطبق الأنظمة بشكل صحيح وصارم مع مراعاة تناسب العقوبة مع المخالفة، فالوعي مع الصرامة في تطبيق اللائحة سيحد من هذه التجاوزات القانونية».
ومن جهته، طالب المحامي خالد أبو راشد من الاتحاد السعودي لكرة القدم بتشديد العقوبات في لائحة انتقالات اللاعبين الذين يدخلون فترة الـ6 أشهر التي تسمح لهم بتوقيع العقود مع ناد آخر، وتسمى الفترة الحرة التي تجيز للاعب الانتقال إلى أي ناد دون الرجوع إلى ناديه الأصلي بسبب عدم اتفاق الطرفين، اللاعب والنادي، على قيمة العقد؛ حيث أصبحت هذه القضية ظاهرة قابلة للانتشار في الأندية السعودية حتى أصبحت تشكل خطرا على الكرة السعودية.
وقال أبو راشد إن هذه الظاهرة انتشرت بين الأندية السعودية نتيجة للمزايدة وكان آخرها مع اللاعب عوض خميس، فعندما وقع عقدا مع نادي الهلال، تراجع وعاد ووقع مع ناديه النصر بمعنى توقيع عقد على عقد، وهذا يؤكد عدم وجود الثقافة الاحترافية التي يفترض على كل لاعب أن يعرف ما له وما عليه في مثل هذه الأمور، لكون اللاعب معرضا للعقوبات المالية وعدم مشاركة ناديه.
وأضاف: «ستفرض على اللاعب عقوبة مالية قد تصل إلى 300 ألف ريال وعقوبة إيقاف تتراوح من 4 إلى 6 أشهر من بعد نهاية عقده الذي ينتهي في شهر يونيو (حزيران) المقبل وفق نص لائحة الاحتراف في توقيع العقود للمادة 15 ويتوقع أن يشارك اللاعب رسميا مع ناديه في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) في حال كانت مدة العقوبة لا تتجاوز 4 أشهر، وفي حين وثق نادي الهلال عقد اللاعب عوض خميس وتم اعتماده في لجنة الاحتراف فالعقوبة ستطال نادي النصر، فالنظام يؤكد حرمانه من التسجيل فترتين، إضافة إلى عقوبة مالية تصل إلى 500 ألف ريال ولكن نادي الهلال لم يوثق العقد لكون فترة التسجيل الأخيرة انتهت وسيتم البث في هذه القضية عن طريق غرفة فض المنازعات ومركز التحكيم الرياضي، ولن يتم رفعها للفيفا لكون اللاعب سعوديا».
قانونيان: غرامة الـ300 ألف والإيقاف بانتظار «لاعب العقدين»
جابر سعد وأبو راشد يطالبان بترسيخ الثقافة القانونية في الوسط الرياضي
قانونيان: غرامة الـ300 ألف والإيقاف بانتظار «لاعب العقدين»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة