انتقد قياديون في حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي «محاولات للوقيعة» بين العاهل المغربي الملك محمد السادس ورئيس الحكومة المكلف عبد الإله ابن كيران. واضطر زعيم الحزب أمس إلى توضيح قصد تصريحه بأنه «لا يعقل أن يذهب الملك لتفريج كربات بعض الشعوب الأفريقية، ونهين نحن الشعب المغربي»، بعدما استغل خصومه هذا التصريح ضده.
وقال ابن كيران، على هامش مشاركته في المنتدى الدولي الثاني حول الحوار الاجتماعي الذي نظم أمس في مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان)، إن «الذين حوّروا كلامي مغرضون استغلوه ليحملوه معاني غير صحيحة بالمرة». وأوضح أن ما قصده بكلامه أمام اجتماع الاتحاد الوطني للشغل - وهو اتحاد عمالي تابع لحزبه - هو أن «الملك يقوم بدور مهم في أفريقيا، مكن من عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي، وأرسى استثمارات كبيرة للمغرب ولشعوب أفريقيا خدمة للقارة، ونحن، الأحزاب، لم نتمكن بعد من تشكيل الحكومة، وعلينا التشبث بالديمقراطية لخدمة البلاد».
ونشر عدد من كوادر «العدالة والتنمية» تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي للرد على «من يتربصون» بحزبهم، و«يسعون إلى الوقيعة بين ابن كيران وبين الملك»، عبر اتهامه بـ«قطع شعرة معاوية مع القصر». وقالت لـ«الشرق الأوسط» النائبة آمنة ماء العينين، عضوة الأمانة العامة للحزب، إن «هناك تربصًا بتصريحات ابن كيران لإعطائها أبعادًا غير حقيقية». وأشارت إلى «تعسف في تأويل تلك التصريحات بسبب وجود رغبة في الإيقاع بينه وبين الملك».
ولوحظ أن رئيس الوزراء المكلف عاد إلى استعمال لغة حادة، لا تخلو من تهديد مبطن، في لقاءات مع أعضاء حزبه نهاية الأسبوع الماضي، فبعد مداخلته التي انتقد فيها بشدة عرقلة تشكيل الحكومة، لم يتردد ابن كيران أمام اجتماع للجنة المركزية لمنظمة شباب الحزب باتهام «أطراف في الدولة»، لم يسمها، بأنها لا تريد لحزبه أن يترأس الحكومة المقبلة. وقال: «نحن مسالمون، مرنون، لكن يبدو أن الأطراف الأخرى لا تستقبلنا بالقبول الحسن، فهي لا تريدنا، لأن هدفنا واضح، وهو الاستمرار في الإصلاح». وحذر من أن «التراجع عن الإصلاح خطر على الجميع، والإصلاح أصعب من الثورة».
واعتبر البعض تصريحات ابن كيران تلويحًا بالنزول إلى الشارع إذا ما استمرت أزمة تشكيل الحكومة وعدم تمكينه من رئاستها، أو تخويفًا من اندلاع الاحتجاجات، لا سيما أنها تزامنت مع الذكرى السادسة لانطلاق الاحتجاجات الاجتماعية التي قادتها «حركة 20 فبراير»، والتي ظل ابن كيران يفاخر بكون حزبه لم ينجر إليها لإيمانه بـ«الإصلاح ضمن الاستقرار».
ولوحظ أمس أن الموقع الإلكتروني للحزب نشر أكثر من موضوع عن «حركة 20 فبراير»، ونقل تصريحات نشطاء في الحركة، ومنها تدوينة للناشط اليساري نجيب شوقي، قال فيها إن «ما وقع بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول) يوضح أن هناك إرادة سلطوية لقتل السياسة من جديد، وأن هذه مغامرة لن تكون نتائجها سوى بعث حراك سياسي جديد من الشارع».
واستحضر ابن كيران، أمس، ذكرى انطلاق «حركة 20 فبراير» في مداخلة أمام المنتدى البرلماني الدولي الثاني للعدالة الاجتماعية. وقال إن «الملك محمد السادس تفاعل بشكل رائع مع مطالب» الحركة الاحتجاجية، مضيفًا أن «منطق الكون يقضي بأن الشعوب في النهاية لا بد من أن تحصل على ما تريد، مهما طالها الظلم».
وردًا على سؤال عن الأسباب لجوء ابن كيران إلى لغة حادة في تصريحاته الأخيرة، وما إذا كان يهدد ضمنًا باللجوء إلى الشارع إذا ما استمرت عرقلة مساعيه لتشكيل الحكومة، قالت ماء العينين إن «لغة ابن كيران لم تكن حادة إلا بالقدر الذي يعبر فيه عن وضعية الأزمة السياسية التي يعيشها المغرب اليوم بسبب تعثر تشكيل الحكومة، فهي ليست سوى تعبير عن ملامح هذه الأزمة». وشدد على أنه «لم يهدد نهائيًا بالنزول إلى الشارع، وخطابه لم يتغير». وتساءلت عن أهداف الجهات التي «تقف وراء تأويل» خطاب ابن كيران، مضيفة أن «لا مجال للمزايدة» على زعيم حزبها. ولفتت إلى أنه «ظل وفيًا لاستقرار الدولة والمؤسسات حين كان الشارع يغلي، بينما هرب الذين يزايدون عليه اليوم في انتظار ما ستؤول إليه الأوضاع في البلاد».
«العدالة والتنمية» ينتقد «محاولات للوقيعة» مع العاهل المغربي
وسط اتهامات للحزب بالتلويح بالنزول إلى الشارع ردًا على عرقلة تشكيل الحكومة
«العدالة والتنمية» ينتقد «محاولات للوقيعة» مع العاهل المغربي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة