«العدالة والتنمية» ينتقد «محاولات للوقيعة» مع العاهل المغربي

وسط اتهامات للحزب بالتلويح بالنزول إلى الشارع ردًا على عرقلة تشكيل الحكومة

العاهل المغربي الملك محمد السادس خلال لقائه رئيس زامبيا إدغار شاغوا لونغو في لوساكا أمس (وكالة الأنباء المغربية)
العاهل المغربي الملك محمد السادس خلال لقائه رئيس زامبيا إدغار شاغوا لونغو في لوساكا أمس (وكالة الأنباء المغربية)
TT

«العدالة والتنمية» ينتقد «محاولات للوقيعة» مع العاهل المغربي

العاهل المغربي الملك محمد السادس خلال لقائه رئيس زامبيا إدغار شاغوا لونغو في لوساكا أمس (وكالة الأنباء المغربية)
العاهل المغربي الملك محمد السادس خلال لقائه رئيس زامبيا إدغار شاغوا لونغو في لوساكا أمس (وكالة الأنباء المغربية)

انتقد قياديون في حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي «محاولات للوقيعة» بين العاهل المغربي الملك محمد السادس ورئيس الحكومة المكلف عبد الإله ابن كيران. واضطر زعيم الحزب أمس إلى توضيح قصد تصريحه بأنه «لا يعقل أن يذهب الملك لتفريج كربات بعض الشعوب الأفريقية، ونهين نحن الشعب المغربي»، بعدما استغل خصومه هذا التصريح ضده.
وقال ابن كيران، على هامش مشاركته في المنتدى الدولي الثاني حول الحوار الاجتماعي الذي نظم أمس في مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان)، إن «الذين حوّروا كلامي مغرضون استغلوه ليحملوه معاني غير صحيحة بالمرة». وأوضح أن ما قصده بكلامه أمام اجتماع الاتحاد الوطني للشغل - وهو اتحاد عمالي تابع لحزبه - هو أن «الملك يقوم بدور مهم في أفريقيا، مكن من عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي، وأرسى استثمارات كبيرة للمغرب ولشعوب أفريقيا خدمة للقارة، ونحن، الأحزاب، لم نتمكن بعد من تشكيل الحكومة، وعلينا التشبث بالديمقراطية لخدمة البلاد».
ونشر عدد من كوادر «العدالة والتنمية» تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي للرد على «من يتربصون» بحزبهم، و«يسعون إلى الوقيعة بين ابن كيران وبين الملك»، عبر اتهامه بـ«قطع شعرة معاوية مع القصر». وقالت لـ«الشرق الأوسط» النائبة آمنة ماء العينين، عضوة الأمانة العامة للحزب، إن «هناك تربصًا بتصريحات ابن كيران لإعطائها أبعادًا غير حقيقية». وأشارت إلى «تعسف في تأويل تلك التصريحات بسبب وجود رغبة في الإيقاع بينه وبين الملك».
ولوحظ أن رئيس الوزراء المكلف عاد إلى استعمال لغة حادة، لا تخلو من تهديد مبطن، في لقاءات مع أعضاء حزبه نهاية الأسبوع الماضي، فبعد مداخلته التي انتقد فيها بشدة عرقلة تشكيل الحكومة، لم يتردد ابن كيران أمام اجتماع للجنة المركزية لمنظمة شباب الحزب باتهام «أطراف في الدولة»، لم يسمها، بأنها لا تريد لحزبه أن يترأس الحكومة المقبلة. وقال: «نحن مسالمون، مرنون، لكن يبدو أن الأطراف الأخرى لا تستقبلنا بالقبول الحسن، فهي لا تريدنا، لأن هدفنا واضح، وهو الاستمرار في الإصلاح». وحذر من أن «التراجع عن الإصلاح خطر على الجميع، والإصلاح أصعب من الثورة».
واعتبر البعض تصريحات ابن كيران تلويحًا بالنزول إلى الشارع إذا ما استمرت أزمة تشكيل الحكومة وعدم تمكينه من رئاستها، أو تخويفًا من اندلاع الاحتجاجات، لا سيما أنها تزامنت مع الذكرى السادسة لانطلاق الاحتجاجات الاجتماعية التي قادتها «حركة 20 فبراير»، والتي ظل ابن كيران يفاخر بكون حزبه لم ينجر إليها لإيمانه بـ«الإصلاح ضمن الاستقرار».
ولوحظ أمس أن الموقع الإلكتروني للحزب نشر أكثر من موضوع عن «حركة 20 فبراير»، ونقل تصريحات نشطاء في الحركة، ومنها تدوينة للناشط اليساري نجيب شوقي، قال فيها إن «ما وقع بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول) يوضح أن هناك إرادة سلطوية لقتل السياسة من جديد، وأن هذه مغامرة لن تكون نتائجها سوى بعث حراك سياسي جديد من الشارع».
واستحضر ابن كيران، أمس، ذكرى انطلاق «حركة 20 فبراير» في مداخلة أمام المنتدى البرلماني الدولي الثاني للعدالة الاجتماعية. وقال إن «الملك محمد السادس تفاعل بشكل رائع مع مطالب» الحركة الاحتجاجية، مضيفًا أن «منطق الكون يقضي بأن الشعوب في النهاية لا بد من أن تحصل على ما تريد، مهما طالها الظلم».
وردًا على سؤال عن الأسباب لجوء ابن كيران إلى لغة حادة في تصريحاته الأخيرة، وما إذا كان يهدد ضمنًا باللجوء إلى الشارع إذا ما استمرت عرقلة مساعيه لتشكيل الحكومة، قالت ماء العينين إن «لغة ابن كيران لم تكن حادة إلا بالقدر الذي يعبر فيه عن وضعية الأزمة السياسية التي يعيشها المغرب اليوم بسبب تعثر تشكيل الحكومة، فهي ليست سوى تعبير عن ملامح هذه الأزمة». وشدد على أنه «لم يهدد نهائيًا بالنزول إلى الشارع، وخطابه لم يتغير». وتساءلت عن أهداف الجهات التي «تقف وراء تأويل» خطاب ابن كيران، مضيفة أن «لا مجال للمزايدة» على زعيم حزبها. ولفتت إلى أنه «ظل وفيًا لاستقرار الدولة والمؤسسات حين كان الشارع يغلي، بينما هرب الذين يزايدون عليه اليوم في انتظار ما ستؤول إليه الأوضاع في البلاد».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».