تعرف على خريطة الأشباح في دلهي

سياحة غريبة يضعها المغامرون على قائمة رحلاتهم إلى الهند

داخل «فيروز شاه» - سياحة يعشقها المغامرون - من الأماكن المصنفة ضمن لائحة المعالم المسكونة من قبل الجهات السياحية الرسمية - كثيرة هي الأشياء التي تذكر السياح في دلهي بعالم الغيب والأرواح - حكايات عديدة تتحدث عن رؤية شبح على شكل امرأة في طريق فرعي
داخل «فيروز شاه» - سياحة يعشقها المغامرون - من الأماكن المصنفة ضمن لائحة المعالم المسكونة من قبل الجهات السياحية الرسمية - كثيرة هي الأشياء التي تذكر السياح في دلهي بعالم الغيب والأرواح - حكايات عديدة تتحدث عن رؤية شبح على شكل امرأة في طريق فرعي
TT

تعرف على خريطة الأشباح في دلهي

داخل «فيروز شاه» - سياحة يعشقها المغامرون - من الأماكن المصنفة ضمن لائحة المعالم المسكونة من قبل الجهات السياحية الرسمية - كثيرة هي الأشياء التي تذكر السياح في دلهي بعالم الغيب والأرواح - حكايات عديدة تتحدث عن رؤية شبح على شكل امرأة في طريق فرعي
داخل «فيروز شاه» - سياحة يعشقها المغامرون - من الأماكن المصنفة ضمن لائحة المعالم المسكونة من قبل الجهات السياحية الرسمية - كثيرة هي الأشياء التي تذكر السياح في دلهي بعالم الغيب والأرواح - حكايات عديدة تتحدث عن رؤية شبح على شكل امرأة في طريق فرعي

العاصمة الهندية هي مدينة قامت وتهدمت، ثم قامت وتهدمت على مدى قرون. لذا تمثل دلهي تاريخًا لا يضاهيه سوى تاريخ مدن قليلة في العالم، وتعد دلهي من المدن التي ينبغي أن يضعها السائح على قائمة المدن التي يزورها في الهند، لكن مع الأسف يكتفي كثيرون بالجانب العصري من الهند، في حين يهتم آخرون بالجانب التاريخي.
ماذا عن زيارة دلهي لمشاهدة الجانب الخفي منها؟ نحن لا نريد في هذا المقام أن نخبر قراءنا بأن عليهم الاعتقاد بالأشباح والجن، لكن تقوم حكومة دلهي رسميًا بالترويج للأماكن التي يسكنها الأشباح في المدينة، لجذب السائحين من محبي المغامرات. بالنسبة إلى من يسعون وراء الإثارة أو الرعب، خصصت وزارة السياحة الهندي جزءا من المنشورات الدعائية السنوية للمواقع المسكونة بالأشباح، والجن الغاضب، والصرخات المرعبة، والصفعات العشوائية المفاجئة التي قد تتعرض لها عند زيارتك لهذه الأماكن.
الصفحات، التي تسلط الضوء على الجانب المخيف من المدينة، مطبوعة باللونين الأزرق والأسود، وتذكر الآثار والمواقع التاريخية التي قد تقدم للزائرين تجربة ما ورائية خارقة للطبيعة.
في حين أنه من الصعب القطع بصحة القصص، التي تروى عن هذه الأماكن المسكونة بالأشباح في دلهي، لتلك الأماكن تاريخ مذهل. لذا إذا كنت ممن لا يخشون الكائنات الأسطورية كالغول، فيمكنك المجيء، واستكشاف أشباح دلهي، التي لا تقل إثارة عن ماضيها، ومعرفة ما إذا كانت الأطياف، التي يقول الناس إنها تتجول في هذه الأماكن، أمرًا حقيقيًا أم لا. هناك كثير من منظمي الجولات الذين يقدمون فرصة القيام بجولات سواء ليلا أو نهارا في تلك الأماكن، وبالطبع يختلف سعر كل منها عن الآخر. يقول منظمو هذه الجولات في المدينة إن شعبية تلك الأماكن المخيفة قد ازدادت بين السكان المحليين والسائحين، على حد سواء.
رغم إنكار مسؤولي الحكومة أي وجود للأشباح، ويقولون إنهم يفعلون ذلك فقط من أجل جذب السائحين. ويقول ساوميا غوبتا، من شركة «دلهي توريزم آند ترانسبورتيشن ديفيلوبمنت كوربوريشين»: «لقد أضفنا هذا الجزء إلى المنشورات الدعائية لتعريف السائحين بوجود جانب آخر للمدينة يمكنهم استكشافه. نحن لا نقول إن تلك الأماكن مسكونة بالأشباح، بل نقول إن الناس يزعمون ذلك».
يوجد في دلهي أكثر من ألف و300 أثر، بعضها لا يزال يتضمن أسرارًا دفينة، لذا تمالكوا أنفسكم بينما نصحبكم في جولة مع صحيفة «الشرق الأوسط» بين الأماكن الأكثر إثارة للخوف والرهبة في المدينة، إنها «الأماكن المسكونة بالأشباح في دلهي».

* «كنوني دروازه»

إنه واحد من بين أماكن كثيرة ارتبطت بقصص مخيفة عن الأشباح في دلهي؛ هو «كوني دروازه» الذي يعود تاريخ إنشائه إلى القرن الخامس عشر، ويعني اسمه حرفيًا «البوابة الدموية».
يقول المؤرخون إنه شهد كثيرا من المذابح الجماعية بين الملوك وعامة الشعب عند البوابة، وذلك أثناء حقبات مختلفة من حكم أباطرة المغول، وفي فترة لاحقة إبان الاحتلال البريطاني للهند، لكن يعد قطع رأس أبناء آخر إمبراطور للمغول على البوابة على أيدي البريطانيين عام 1875 أحدث واقعة قتل في هذا المكان، حيث قتل جندي بريطاني اسمه كابتن ويليام هادسون ميرزا موغل، وميرزا كيزر سلطان، أبناء الإمبراطور بهادر شاه ظفر، وميرزا أبو بكر حفيده بإطلاق النار عليهم في 22 سبتمبر (أيلول) 1857، ويزعم الناس أنهم يسمعون صرخات، وأصوات صيحات مجهولة المصدر تفطر القلوب. وذهب البعض إلى القول إن سطح «كنوني دروازه» ينزف دمًا في أوقات محددة. لا يمكن للأمور أن تصبح أكثر إثارة للرعب من ذلك. فيما يتعلق بتجارب الزائرين، إنهم لا يزعجون الهنود أو يتسببون في أي ضيق لهم، لكن قد يزعجهم مشاهدة أجنبي بالقرب من البوابة. يوجد كثير من القصص التي تروى عن تعرض سائحين أجانب إلى صفعات أو ركلات أو حتى إلى هجوم من قوى خفية غير مرئية. لذا إذا كنت إنجليزيًا ذا بشرة بيضاء، فينبغي عليك الابتعاد عن ذلك المكان المسكون بالأشباح في دلهي، فالبوابة من الآثار التي تخضع لإشراف المسح الأثري الهندي. ويختفي المكان بين الأشجار، ولا يحرسه سوى حارس واحد، ويحظر دخول الزائرين من البوابات الحديدية.

* «فيروز شاه كوتلا»

مرحبا بكم في موقع حصن «فيروز شاه كوتلا» الأثري، الذي شيده السلطان فيروز شاه تغلق في القرن الرابع عشر، ويقع حاليًا بين استاد الكريكيت، وطريق دلهي الدائري. كانت هذه القلعة، التي تعود إلى حقبة تغلق، تعرف بأنها مسكونة بالأشباح إلى حد جعل المؤرخ الشهير ويليام داريمبل يذكرها في أحد كتبه، زاعمًا أنها مسكونة بعدد كبير من الجن، وإن كان هذا الزعم لا أساس له من الصحة إطلاقًا. يزور السكان المحليون هذا الحصن كل يوم خميس، ويصلون، ويوقدون الشموع، والمصابيح المصنوعة من الفخار، ويضعون عملات معدنية على جدران المسجد، ويقدمون اللبن، والفواكه، واللحم، ويكتبون خطابات إلى الجن، وبمجرد الانتهاء من طقوس الصلاة، وكتابة الأمنيات، يخيم الصمت على الحصن. وهناك اعتقاد شائع بأن الجن يتجولون في هذا المكان بحرية بعد غروب الشمس، ويسيطرون على المكان، ويخيفون أي شخص يريد دخوله. وبسبب هذا الاعتقاد، يتم بناء كل المنازل القريبة من المكان في مواجهة الجانب الآخر وذلك خوفًا من الجن. يقول سليمان، البالغ من العمر 40 عامًا: «أنا آتي إلى هذا المكان طوال عقدين، وأعتقد أن هذه الأرواح الخفية إذا غضبت تستطيع القيام بأمور فظيعة لشخص ما، وأنه يتم تحقيق كثير من الأمنيات المكتوبة، لذا أؤمن بوجود الجن في هذا الحصن».
أكثر الأماكن المسكونة في دلهي

إنها الرقعة الأجمل والأكثر خضرة في دلهي، ويجعلها هذا الأكثر إثارة للرعب. يقول كل سكان دلهي تقريبًا إنك إذا قمت بقيادة السيارة وحدك ليلا على طريق تجمع دلهي، لا تتوقف لتوصل أي امرأة خصوصا إذا كانت ترتدي ساريا أبيض اللون. بحسب كثير من الشهود، هناك شبح سيدة ترتدي فستانًا أبيض اللون، وتطلب أن يوصلها أحد بالسيارة، وبمجرد توقف البعض لتوصيلها، تختفي. أما الذين لا يتوقفون فكانوا يرونها وهي تركض بسرعة أكبر من سرعة السيارة. ويقال إن هذه السيدة كانت مسافرة متطفلة ماتت في حادث سيارة وقع على هذا الطريق. ويعد هذا المكان من الأماكن المختارة من بين تلك المسكونة بالأشباح في دلهي. يوجد خوف كبير من هذا المكان يسكن قلوب الناس الذين يعيشون بالقرب منه، بسبب كثير من المشاهد غير الطبيعية بشكل متكرر، أعلن فريق التحقيق في الظواهر الخارقة للطبيعة أن تجمع دلهي هو أكثر المناطق المسكونة بالأشباح في دلهي.
لساتيش، وهو صحافي زميل، رواية خاصة بشبح السيدة، حيث يقول: «لقد كنت مارًا بالسيارة من تلك المنطقة نحو الساعة الثالثة صباحًا، وكان صوت الموسيقى مرتفعًا، فقد كان يوما طويلا. وكان الهاتف يرنّ كثيرًا، حيث كانت زوجتي تتصل بي. فجأة شعرت بأثر رياح باردة على وجهي، ولم أكن أتصور أن تلك اللحظة المرعبة كانت بانتظاري. رأيت سيدة تقف على الجانب الأيمن من الطريق، وترفع يدها طلبًا لتوصيلها. وحين خفضت سرعة السيارة، وحاولت استيضاح الأمر، تبين لي أنها ترتدي ساريا أبيض، لكن ملامح وجهها لم تكن واضحة. وقلت لنفسي «هذه السيدة؟ الآن؟ لا مستحيل»، وزدت سرعة السيارة، وبعد بضع ثوان، رأيت ما هالني، رغم أنني تركت السيدة ورائي، وجدتها مرة أخرى على الجانب الأيمن من السيارة في الوضع نفسه. إنها تتحرك بسرعة السيارة التي أقودها، وبعد لحظات تبدد الشبح في الظلام».
ويذكر أكثر من مائة شخص أنهم قد رأوا تلك السيدة على ذلك الطريق، وتوفي 10 أو 12 منهم، وتمكن البعض من التقاط صور لها باستخدام الهواتف الخاصة بهم.

* مسجد جمالي ميرولي

من الأماكن الأخرى المسكونة بالأشباح في دلهي مسجد جمالي كمالي، ويقع مسجد وضريح جمالي كمالي داخل قرية أثرية في منطقة ميرولي في دلهي. ويتكون هذا الكيان الأثري من أثرين يقعان جنبًا إلى جنب، أحدهما مسجد، والآخر ضريح لشخصين يطلق عليهما جمالي وكمالي.
تذكر حكومة دلهي في المنشورات السياحية الدعائية، أنه رغم أن مسجد جمالي كمالي مفتوح للزيارات من الساعة العاشرة صباحًا حتى الساعة السادسة مساء، تمت مشاهدة أضواء كثيرة حتى في الظلام، وكذلك رؤية أطياف، وغيرها من الكيانات الضبابية. كذلك تم سماع كثير من الأصوات مجهولة المصدر مثل أصوات حيوانات، وزئير، ومطاردة، وغيرها من الظواهر الخارقة للطبيعة، إلى جانب معاناة الناس من كوابيس مزعجة. إضافة إلى سماع أصوات صرخات تخرج من القبور، شكا كثير من الزائرين من تلقيهم صفعات «بأيد غير مرئية»، أو أن «رياحا غامضة» كانت تطاردهم. وينصح بعدم التجول في المكان بعد مغيب الشمس رغم أنه من الممكن سماع الصرخات في وضح النهار.

* «سانجاي فان»

تضم «سانجاي فان» غابة كثيفة تمتد على مساحة أكثر من 10 كيلومترات، وتُعرف بأنها رئة دلهي. ويرى كثيرون أن هذا المكان من الأماكن الجديرة بالاستكشاف، فهي في نهاية الأمر غابة في قلب المدينة، وهو أمر له قيمته في مدينة تعد من أكثر المدن تلوثًا في البلاد. مع ذلك يشكو، الذين يقيمون بالقرب من هذه الغابة، من أنها من بين الأماكن المسكونة بالأشباح. وليس هذا السبب الوحيد، الذي يجعلها من المناطق المخيفة، حيث سمع السكان الذين تصادف وجودهم داخل الغابة أصواتًا غريبة تناديهم. كذلك ذكر البعض سماع صرخات أطفال، ومشاهدة امرأة وحيدة تختفي فجأة. يبدو أن القيام بجولة ليلية في هذه الغابة أمر رائع؟ أليس كذلك؟

* مقابر لوزيان

وكأن مجرد فكرة التجول بين المقابر غير مخيفة بالقدر الكافي، لتكون مقابر لوزيان من الأماكن المسكونة بالأشباح في دلهي، بحسب الجمعية الهندية للظواهر الخارقة للطبيعة، التي قامت بكثير من رحلات البحث الروحانية هنا. عند دخول تلك المقابر ستشعر أن الزمان قد عاد بك إلى الوراء، وتحديدًا إلى الزمن الذي كان البريطانيون يملأون الهند. وكان هذا هو المكان الذي تم دفنهم به.
بحسب رواية غير موثقة، قبل إنشاء هذه المقابر المسيحية كانت الأرض مخصصة لدفن المسلمين. وكان المسلمون من الأسر المالكة يدفنون أحباءهم في هذا المكان. وخلال تمرد سيبوي عام 1857 تُوفي كثير من الجنود البريطانيين، وقرر المسؤولون البريطانيون دفن أصدقائهم في مقابر لوزيان، لكن لأنهم استنكروا أن يدفن هندي إلى جوار بريطاني، ارتكبوا فعلة شنعاء، حيث حفروا كل الأماكن، وأخرجوا كل الجثث المدفونة في باطن الأرض. وبعد هذا الفعل الشائن المهين، استمرت أرواح تلك الجثث في التجول في المكان لفترة طويلة.
ومن الأشباح الشهيرة في هذا المكان شبح رأسه مقطوع، وهو شبح لجندي بريطاني اسمه نيكولاس نيكولسون، الذي كان جنديًا شابًا قطع رأسه شخص كان يحب محبوبته الهندية. لذلك يتجول برأس مشوه قبيح، وتكثر رؤيته في الليالي المقمرة وهو يتجول بين المقابر حاملا رأسه بيديه.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».