استنفار في الجانب الأيسر من الموصل لاستقبال الهاربين من أيمنها

المدنيون محاصرون بين «داعش» ودجلة وصعوبة في تحديد ممرات آمنة

استنفار في الجانب الأيسر من الموصل لاستقبال الهاربين من أيمنها
TT

استنفار في الجانب الأيسر من الموصل لاستقبال الهاربين من أيمنها

استنفار في الجانب الأيسر من الموصل لاستقبال الهاربين من أيمنها

رغم أن اليوم الأول من انطلاقة المرحلة الثالثة من عملية تحرير الموصل الخاصة بتحرير جانبه الأيمن لم تسفر عن أي نزوح للمحاصرين فإن الاستعدادات تتواصل في جنوب وشرق مدينة الموصل لاستقبال مئات الآلاف من سكان الجانب الأيمن الذي يعيشون أوضاعا إنسانية صعبة في ظل سيطرة تنظيم داعش على مناطقهم.
الحكومة المحلية في محافظة نينوى اتخذت وبالتنسيق مع المنظمات الدولية والمحلية عدة إجراءات لاستقبال النازحين. وقال عضو مجلس محافظة نينوى، خلف الحديدي لـ«الشرق الأوسط»: «القرى التي حررتها القوات الأمنية العراقية خلال اليوم الأول من عمليات تحرير الجانب الأيمن خالية من السكان، لأن تنظيم داعش هجر سكانها بشكل كامل قبل انطلاقة العمليات العسكرية باعتبارها خط الصد الأول، لكن القوات الأمنية حطمت هذا الخط». وتابع: «الأهالي متخوفون من ردة فعل التنظيم واستهدافه لهم فيما إذا حاولوا الخروج من مناطقهم، معطيات المعركة هي التي ستحدد النزوح».
القوات الأمنية العراقية لم تكشف بعد عن الممرات التي ستؤمنها لخروج المدنيين لكن الحديدي يوضح بأن تحديد تلك المنافذ غير واضح حتى الآن لا للجيش العراقي ولا للجهات الحكومية الأخرى لأن الأمر مبني على المعركة وفسح المجال من قبل التنظيم لخروج المدنيين، ويرى أن ما جرى في الجانب الأيسر سيتكرر في الجانب الأيمن أيضا، ويضيف: «الأهالي سينزحون باتجاه القوات الأمنية، أما بالنسبة للخطة المدنية المواكبة للعمليات العسكرية فإننا وضعنا في حساباتنا إنشاء مجموعة من المخيمات لاستقبالهم». وتابع: «لدينا نحو 4000 خيمة جاهزة في ناحية حمام العليل جنوب الموصل، وهناك 2000 خيمة أخرى في طور التشييد في منطقة السلامية جنوب شرقي الموصل، وكذلك هناك ما بين 8000 - 10000 خيمة أخرى في ناحية برطلة شرق الموصل»، كاشفا أن النزوح سيكون باتجاهين، الأول منهما باتجاه نهر دجلة وعبرها نحو الجانب الأيسر من المدينة، والثاني باتجاه مطار الموصل ومنها نحو المناطق المحررة جنوبا لكن عبور دجلة مرهون بنصب جسور عائمة بدل جسور المدينة الخمسة المدمرة.
ودعا الحديدي سكان الجانب الأيمن من الموصل إلى الابتعاد عن مواقع التنظيم في مناطقهم، والتعاون مع القوات الأمنية المقبلة لتحريرهم خاصة من خلال رفد هذه القوات بالمعلومات الاستخباراتية، والانتفاضة ضد مسلحي التنظيم للتسريع من حسم المعركة بأقل الخسائر، مضيفا: «نحن نطالبهم بالبقاء في مناطقهم، لكن هم الذين يقدرون بقاءهم من خروجهم من منازلهم ومناطقهم».
بدوره، قال مدير مخيم الحاج علي جنوب شرقي الموصل، فراس أحمد الجبوري، إنه «منذ أكثر من أربعة أيام أوقفنا استقبال النازحين من قضاء شرقاط وكذلك نازحي الحويجة، وذلك استعدادا لاستقبال نازحي الجانب الأيمن من الموصل»، متوقعا «قدوم نحو 45 ألف نازح إلى مخيمنا».
بدوره، سلط المتحدث الإعلامي باسم شبكة منظمات المجتمع المدني في نينوى، مهند الأومري، الضوء على الأوضاع الإنسانية للمدنيين في الجانب الأيمن من الموصل، محذرا من كارثة إنسانية فيما إذا لم تسرع القوات الأمنية في عملية التحرير، وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «الوضع الإنساني مأساوي جدا، هناك أطفال يموتون من الجوع يوميا، وبحسب المعلومات التي وصلتنا توفي حتى الآن أكثر من 25 طفلا من الجوع وانعدام الحليب والغذاء والدواء». وأشار الأومري إلى أن فرق المنظمات الدولية والمحلية توجد في الجانب الأيسر من الموصل استعدادا لاستقبال النازحين القادمين، مبينا أن هذه الفرق ستقدم للنازحين مياه الشرب والطعام والخدمات الطبية السريعة إلى حين إيوائهم في مخيمات النزوح». وشدد على أن «أكثر من مليون مدني محاصرون بين (داعش) ونهر دجلة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.