حكومة النظام تعلن عجزها عن تأمين الكهرباء في مناطق سيطرتها

وسط أزمة وقود خانقة في سوريا

حكومة النظام تعلن عجزها عن تأمين الكهرباء في مناطق سيطرتها
TT

حكومة النظام تعلن عجزها عن تأمين الكهرباء في مناطق سيطرتها

حكومة النظام تعلن عجزها عن تأمين الكهرباء في مناطق سيطرتها

أدت أزمة الوقود في سوريا إلى زيادة ساعات تقنين الكهرباء في مناطق سيطرة النظام، وبدت حكومة النظام شبه عاجزة عن إيجاد حلول لمعالجة الأزمات المتلاحقة في قطاع الخدمات. وفيما تجاوزت ساعات التقنين في مدينة دمشق الخمس ساعات قطع مقابل ساعتين تشغيل، فإن الكهرباء في ريف دمشق وغالبية المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام تكاد تغيب تمامًا. وبحسب الأهالي في ريف دمشق أن ساعات قطع الكهرباء تتجاوز في بعض الأيام الـ22 ساعة، بينما كشف رئيس مجلس وزراء في النظام السوري عماد خميس، أمس الجمعة، بأن تقنين الكهرباء سيستمر إلى حين «انتهاء الحرب» في إعلان غير مباشر عن عجز حكومته عن تلبية الاحتياجات الضرورية للكهرباء.
هذا، وفاقم شح مادتي المازوت والبنزين اللازمين لتشغيل المولدات الصناعية والمنزلية من حدة أزمة الكهرباء، مما أدى إلى شلل عدد من قطاعات العمل المعتمدة على الكهرباء. ولقد أمضى باسم - صاحب صالون حلاقة نسائي بمحافظة ريف دمشق - يومًا كاملاً لتأمين لتر مازوت واحد وبسعر مضاعف من أجل تشغيل المولدة وتعويض انقطاع الكهرباء وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» قال: «زاد إقبال النساء على الصالون مع تنامي أزمتي المياه والكهرباء، وذلك بهدف غسيل الرأس، وكنا نتجبر الأمور عبر شراء مياه صهاريج وتشغيل المولدة، ولكن مع أزمة البنزين والمازوت وعدم القدرة على تشغيل المولدة توقفنا عن العمل. الصالون مغلق منذ أربعة أيام، ولدي خمسة عاملين أي خمس عائلات يعيشون من الصالون ولا أدري ماذا أفعل».
المفارقة في المشهد السوري أن رئيس حكومة النظام عماد خميس - الذي كان سابقًا وزيرًا للكهرباء وارتبط التقنين الجائر باسمه - طالب أعضاء حكومته «بتثبيت برنامج التقنين بمعدل 4 ساعات انقطاع مقابل ساعتين تشغيل»، متعهدًا في حال توفرت المحروقات والمواد النفطية في مخازنهم، بتحسن وضع الكهرباء خلال الشهر القادم ليصبح ثلاث ساعات بثلاث ساعات. ومن ثم فهم من كلام رئيس الحكومة أنه لا أمل في تحسن وضع الكهرباء. وعلقت آمال ن. على تصريحات رئيس الحكومة التي تداولها الشارع: «هذا يعني أن علينا أن ننسى وجود اختراع اسمه الكهرباء»، مضيفة أنها خلال الشهر الماضي عادت إلى الغسيل اليدوي للملابس والمفارش والمناشف: «نعم، عدت لأغسل باليد أسخن الماء على الحطب للحمام والغسيل بالطشت... يدي اهترأتا وظهري انكسر من حمل الماء والغسيل، ولا أعرف إلى متى يستمر هذا الوضع».
رئيس الحكومة شخصيًا لا يظهر أنه يعرف متى ستنتهي أزمة الكهرباء والمحروقات، إذ قال إن «أزمة الكهرباء والمحروقات ستتواصل»، بعد أن ألمح بأن اهتمامهم بمواد المازوت والبنزين سيكون في المرتبة الثانية بعد الكهرباء، كما ألمح بأن الباخرة الواحدة التي توفدها الدول الداعمة للنظام تبلغ قيمتها 50 مليون دولار أميركي. وللعلم، ومعظم المناطق الخاضعة لسيطرة النظام تعاني من تفاوت في ساعات التقنين الكهربائية، بالإضافة إلى الأعطال الفجائية التي تتعرض لها الشبكة خلال ساعات التشغيل القليلة بسبب ضغط الاستهلاك، عدا مدينة حلب التي لا تتوفر فيها الكهرباء منذ نحو السنتين وتعتمد بشكل أساسي على «مولدات الأمبيرات» فقط.
أما وزير النفط المهندس علي غانم، فقد ربط تحسن إنتاج سوريا من النفط بنسبة 65 ألف برميل يوميًا، بتمكن قوات النظام من استعادة السيطرة على حقول نفطية يسيطر عليها تنظيم داعش. إذ قال إن سوريا بحاجة ضمن الاحتياجات الحالية إلى 217 مليون دولار شهريًا لشراء الوقود بمختلف أنواعه، مما يعني أنها بحاجة إلى 3.4 مليار دولار سنويًا ودائمًا ضمن الظروف الحالية. ومن جانبه أوضح حاكم مصرف سوريا المركزي الدكتور دريد ضرغام أنّه «خلال ثلاثة أشهر ستبدأ مرحلة أفضل مع خطة تحرير الآبار الغازية والنفطية من قبل قوات النظام. وقال ضرغام إن احتياجات سوريا من المشتقات النفطية سنويًا تتجاوز الملياري دولار، مضيفًا: «لقد رسمنا السيناريو الأسوأ فيما يتعلق بتأمين المشتقات والوقود».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.