أزمة قانون الانتخاب تتفاعل مع توقيع المشنوق دعوة الهيئات الناخبة وفق «الستين»

بري وجنبلاط يدفعان باتجاه إنشاء «مجلس شيوخ» تطبيقًا لـ«الطائف»

مظاهرة نظمها مؤيدون لحزبي الكتائب اللبنانية والوطنيين الأحرار أمام مبنى البرلمان في العاصمة بيروت أمس ضد التمديد لمجلس النواب الحالي وضد «قانون الستين» الانتخابي (إ.ب.أ)
مظاهرة نظمها مؤيدون لحزبي الكتائب اللبنانية والوطنيين الأحرار أمام مبنى البرلمان في العاصمة بيروت أمس ضد التمديد لمجلس النواب الحالي وضد «قانون الستين» الانتخابي (إ.ب.أ)
TT

أزمة قانون الانتخاب تتفاعل مع توقيع المشنوق دعوة الهيئات الناخبة وفق «الستين»

مظاهرة نظمها مؤيدون لحزبي الكتائب اللبنانية والوطنيين الأحرار أمام مبنى البرلمان في العاصمة بيروت أمس ضد التمديد لمجلس النواب الحالي وضد «قانون الستين» الانتخابي (إ.ب.أ)
مظاهرة نظمها مؤيدون لحزبي الكتائب اللبنانية والوطنيين الأحرار أمام مبنى البرلمان في العاصمة بيروت أمس ضد التمديد لمجلس النواب الحالي وضد «قانون الستين» الانتخابي (إ.ب.أ)

دخل لبنان عمليا في أزمة سياسية مفتوحة على خلفية الصراع الحاصل على قانون الانتخاب قبل نحو 4 أشهر على انتهاء ولاية المجلس النيابي الحالي، وتوقيع وزير الداخلية نهاد المشنوق يوم أمس مشروع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة وفق قانون «الستين» الذي يرفض رئيس الجمهورية تمريره مصرًا على وجوب الدعوة على أساس قانون جديد.
الظاهر أن التفاهم على مشروع قانون تجري على أساسه الانتخابات النيابية الصيف المقبل بات «مستعصيا» نظرا لتمسك كل فريق بصيغة محددة تؤمن مصلحته إن كان من خلال الحفاظ على حجم كتلته النيابية أو السعي لتوسعتها. وكما كان متوقعا، والتزاما منه بنص المادة 66 من قانون الانتخاب الساري المفعول، والتي تفرض توجيه الدعوات قبل 90 يومًا من موعد الانتخابات،، أرسل وزير الداخلية مرسوم دعوة الهيئات الناخبة إلى رئيس الجمهورية كي يوقعه ويصبح نافذا، فتجري الانتخابات في 21 مايو (أيار) المقبل وفق «قانون الستين» (الذي أقر عام 1960) في حال تعذّر التفاهم على قانون جديد. إلا أن الرئيس ميشال عون، حسبما أكدت مصادره لـ«الشرق الأوسط» لن يوقّع المرسوم الذي أحاله المشنوق لرفضه بالمطلق إجراء الانتخابات على أساس القانون الحالي، ولاعتباره أنّه لا يزال هناك مهلة زمنية كافية حتى مارس (آذار) المقبل للاتفاق على قانون جديد، مشددة على أن «التهويل بالأزمة غير مفيد في الظروف الراهنة».
ولعل ما يفاقم المخاوف الفراغ البرلماني الذي لوّح به عون في وقت سابق، معتبرا أنّه يبقى أفضل من «الستين» و«التمديد». وهذه المراوحة لا تزال تطبع النقاشات الحاصلة بعيدا عن الأضواء بين ممثلين عن القوى السياسية الرئيسية. وبعد رفض معظم هذه القوى السير بمشروع قانون اقترحه وزير الخارجية جبران باسيل - صهر رئيس الجمهورية - في وقت سابق ينص على الاقتراع بالنظام الأكثري في المناطق التي يطغى عليها لون طائفي واحد، وبالنسبية حيث توجد الأقليات، يبدو أن اقتراح باسيل الجديد الذي كشف عن معالمه في الساعات القليلة الماضية سيكون مصيره كمصير الذي سبقه. وينص الاقتراح الجديد على إجراء الانتخابات على مرحلتين، أولى تأهيلية - طائفية في دوائر متوسطة وفق النظام الأكثري، وثانية وفق النسبية مع صوت تفضيلي.
وفي هذا السياق، اعتبر النائب بطرس حرب أن كل مشاريع القوانين التي يجري التداول بها حاليا «تخدم المصالح الحزبية للفريق الذي يطرحها ولا تلبي طموحات اللبنانيين بقانون يؤمن صحة التمثيل». وجدد حرب تمسكه بمشروع قانون «الدائرة الفردية» الذي يعتمد في رأيه معايير واحدة ويعزز الاستقرار كما أنه لا يؤثر على التوازنات الطائفية القائمة. ونبّه حرب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أننا «دخلنا عمليا في الأزمة في ظل إتمام المشنوق لواجباته ورفعه مشروع المرسوم إلى قصر بعبدا ورفض رئيس الجمهورية التوقيع عليه». وأردف: «الرئيس يتحمل مسؤولياته في هذا الإطار لأن النتائج ستكون خطيرة في حال لم يتم الاتفاق على قانون جديد قبل انتهاء ولاية المجلس النيابي الحالي»، معبّرا عن أمله في أن «يشكل موقف عون حافزا للقوى السياسية للإسراع بإتمام التفاهم المنشود، وإلا كنا نتجه لتعطيل غير مسبوق للنظام السياسي في لبنان من بوابة مجلس النواب هذه المرة».
وفي خضم النقاشات المفتوحة لإيجاد مخرج مناسب للأزمة، يدفع رئيس المجلس النيابي نبيه برّي ورئيس الحزب «التقدمي» الاشتراكي النائب وليد جنبلاط باتجاه إنشاء مجلس شيوخ «استكمالا لتطبيق اتفاق الطائف، ما يبدّد الهواجس الطائفية والمذهبية من مشاريع القوانين المطروحة حاليا». ويذكر أن الفقرة السابعة من قسم الإصلاحات السياسية في «وثيقة الوفاق الوطني» المعروفة بـ«اتفاق الطائف» نصّت على أنّه «مع انتخاب أول مجلس نواب على أساس وطني لا طائفي يستحدث مجلس للشيوخ تتمثل فيه جميع العائلات الروحية وتنحصر صلاحياته في القضايا المصيرية». ووفق الوزير السابق زياد بارود، فإن «الإشكالية الوحيدة التي تعترض السير مباشرة بإنشاء مجلس الشيوخ هي ربط العملية بانتخاب مجلس نواب خارج القيد الطائفي، وهو ما قد لا يرضى به عدد من الأفرقاء وسيسألون عن الضمانات، لذلك قد يكون من المناسب إتمام تعديل دستوري بسيط يقضي بأن تتزامن العمليتان أو أن يُنتخب مجلس الشيوخ قبل انتخاب مجلس النواب». واعتبر بارود في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن إنشاء مجلس الشيوخ «يريح الحياة السياسية ويعطي الضمانات المطلوبة لمختلف الأفرقاء، ونحن قادرون تماما على إنجاز هذا الموضوع في إطار سلة، إذا ما صفيت النوايا وكان هناك قرار حاسم بوضع البلد على سكة انتظام العمل المؤسساتي». وتابع: «من الناحية التقنية، إنشاء المجلس (مجلس الشيوخ) لا يستلزم إلا أسابيع معدودة، على ألا يكون فضفاضا كما هو مجلس النواب ويتم اعتماد القانون الأرثوذكسي لانتخاب الشيوخ، فتنتخب كل طائفة شيوخها».
وبإطار مواكبة الحراك السياسي الحاصل، وللضغط على القوى السياسية التي تبحث بصيغ قانون الانتخاب، نظّم قطاع الشباب والطلاب في حزبي «الكتائب» و«الوطنيين الأحرار» يوم أمس مظاهرة في وسط بيروت، شارك فيها حشد من المناصرين الذين طالبوا بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها وبإقرار قانون انتخابي عادل، رافعين الأعلام اللبنانية والحزبية، ولافتات رافضة للتمديد والفراغ.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.