انتظر الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، يوم أمس لتجديد حماسة مؤيديه خلال تجمع كبير في أجواء مشابهة لأيام حملته الانتخابية في فلوريدا، فيما فتح النار من جديد على وسائل الإعلام «الكاذبة» على حد تعبيره.
وكتب ترمب في تغريدة على «تويتر» مساء الجمعة: «أتطلع إلى الوجود في التجمع بفلوريدا غدا. ننتظر حشدا كبيرا!». ويقضي الرئيس الجمهوري عطلته الأسبوعية الثالثة منذ توليه الرئاسة في منزله الفخم في مارا لاغو، في الولاية الواقعة في أقصى جنوب الولايات المتحدة والتي فاز فيها خلال الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني).
وبعيدا عن الرضوخ لانتقادات أولئك الذين يتهمون الملياردير بالتكلفة الأمنية الكبيرة لنشاطه في فلوريدا، حيث يتناول العشاء أحيانا وسط ضيوف آخرين مجهولين، وهم أعضاء في ناديه الخاص، أطلق ترمب على مكان إقامته اسم «البيت الأبيض الجنوبي»، في تغريدة جديدة.
وفي معرض تأكيده على تنظيم «اجتماعات عدة في نهاية الأسبوع الحالي»، أشار مجددا إلى تجمع منتظر بعد الظهر (العاشرة ليلا بتوقيت غرينتش)، قائلا: «خطاب كبير عند الساعة 17:00 في ملبورن، فلوريدا. هناك الكثير ليقال».
وإزاء التقارير الواردة عن الخلافات داخل فريقه، حمل ترمب مرة أخرى على الصحافة في تغريدة صباحية. وقال: «لا تصدقوا وسائل الإعلام (الكاذبة) العامة. البيت الأبيض يعمل بشكل جيد جدا. لقد ورثت الكثير من المشاكل وأنا أحاول إصلاح كل هذا». وأضاف: «وسائل الإعلام الكاذبة (نيويورك تايمز، إن بي سي نيوز، إيه بي سي، سي بي إس، سي إن إن) ليست عدوة لي، بل عدوة للشعب الأميركي».
وفيما لا يعدّ من النادر أن ينتقد الرؤساء الأميركيون وسائل الإعلام، إلا أن حدة الهجمات المتكررة لترمب غير مسبوقة. وقال بن رودس الذي كان من المستشارين المقربين للرئيس السابق باراك أوباما إن هذه الانتقادات لوسائل إعلام تشكل «هدية لكل المستبدين» و«ستضر بمصداقية أي محاولة أميركية لدعم حرية الصحافة في العالم».
وقبل ذلك، شارك ترمب في تجمع شعبي في أورلاندو بولاية فلوريدا بعدما «احتفى» الجمعة في أحد مصانع بوينغ بالوظائف التي كانت من أبرز القضايا التي سمحت بفوزه في الانتخابات، وفق وكالة الصحافة الفرنسية. ودشّن الرئيس الأميركي، أول من أمس، في مصنع «بوينغ» البدء بتصنيع «دريملاينر» النسخة الأحدث من الطائرة، وذلك غداة تصويت عمال المصنع بأكثرية كبيرة ضد الانضمام إلى نقابة لعمال القطاع.
ورغم أن شركة الطيران العملاقة تأمل بألا يواصل الرئيس خطابه الحمائي، فإن ترمب شدد على سياسة «صنع في أميركا» في مجال التصنيع. وخلال التجمع الذي تخلل زيارته في كارولينا الجنوبية، كرر ترمب وعده بمنع الشركات من نقل الوظائف إلى الخارج والانتقال إلى دول «تمارس الغش» في العلاقات التجارية. وقال أمام الحشود: «هذا هو شعارنا، اشتر أميركي الصنع، ووظف أميركيا. نريد منتجاتنا من صنع أميركي، مصنوعة بأيد أميركية».
وأضاف: «يجب أن يكون التصنيع في بلدنا أكثر سهولة، والمغادرة أكثر صعوبة. لا أريد شركات تغادر بلدنا». وتابع ترمب: «لن نسمح بحصول ذلك مجددا. صدقوني، ستكون هناك عقوبة كبيرة جدا يجب أن تدفع عندما يطردون ناسهم وينتقلون إلى بلد آخر».
وكرر الرئيس الأميركي تعهده خفض الضرائب على الشركات، و«الحد بشكل كبير من أنظمة العمل القاسية». وأضاف: «سنعزز، وبقوة، قواعد تجارتنا ونوقف غش الأجانب. الغش الهائل». وتم عرض أحدث طائرة لبوينغ من طراز 787 «دريملاينر». وهذه هي النسخة الأكبر من الطائرة الموجودة في السوق منذ العام 2011. وتتسع لـ330 راكبا وتحلق بسرعة تصل إلى 6430 ميلا بحريا. وسبق لبوينغ أن سلمت أكثر من 500 طائرة «دريملاينر»، وتلقت 149 طلبا لشراء 787 - 10.
وأعلنت الشركة الثلاثاء أن العاملين في أحد مصانعها في ولاية كارولينا الجنوبية صوتوا الأربعاء بأكثرية كبيرة ضد الانضمام إلى نقابة لعمال القطاع. ورحبت إدارة بوينغ في كارولينا الجنوبية في بيان بنتيجة التصويت، التي أظهرت أن 74 في المائة من العمال البالغ عددهم 2828 شخصا أيدوا موقف الشركة برفضهم الانضمام إلى الرابطة الدولية لميكانيكيي وعمال الطيران. وكارولينا الجنوبية معروفة تاريخيا بعدائها للعمل النقابي، وهو ما يعتبره كثير من المحللين أحد العوامل الأساسية التي دفعت بوينغ إلى إنشاء مصنعها في هذه الولاية.
ويتناقض الحماس الذي ساد خطابه في تشارلستون بكارولينا الجنوبية مع اللهجة الاتهامية التي تبناها قبل يوم في مؤتمر صحافي، مدافعا عن بداية ولايته الرئاسية. ولم تكن بدايات ترمب في البيت الأبيض مريحة، فقد تلقى ضربات كثيرة من ملايين الأشخاص الذين تظاهروا في الشوارع ضد تنصيبه، إلى تعطيل القضاء مرسومه الذي يحد من الهجرة، وكشف معلومات عن اتصالات بين مقربين منه ومسؤولين روس أدّت في نهاية المطاف إلى استقالة مستشاره للأمن القومي مايكل فلين.
وكانت آخر العراقيل التي واجهها ترمب هي رفض الأميرال السابق روبرت هارورد تولي هذا المنصب الاستراتيجي بدلا من فلين. وقد ذكرت وسائل إعلام أميركية أن هارورد لم يحصل على ضمانات كافية تؤكد أن مجلس الأمن القومي سيحدد سياسته، وليس مستشارو ترمب. وفي محاولة لتجاوز هذه العقبات، لمح ترمب على «تويتر» الجمعة إلى أنه يمكن أن يعين الجنرال كيث كيلوغ الذي يشغل المنصب بالوكالة حاليا، وتحدث عن ثلاثة مرشحين آخرين.
وخلال مؤتمره الصحافي الخميس، نفى ترمب بقوة أي تواطؤ مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وحمل بعنف على وسائل الإعلام والقضاء والديمقراطيين المتهمين بتقويض جهوده، وحتى «باختلاق» القضية الروسية. وخلافا لما هو واضح، قال الرئيس الجمهوري إن الإدارة الجديدة «تعمل مثل آلة مضبوطة بدقة».
وبعد نكستين قضائيتين لمرسومه حول الهجرة، أعلن ترمب أنه لن يستأنف قرار تعليقه بل سيصدر مرسوما جديدا الأسبوع المقبل.
أما على الصعيد الدبلوماسي، فقد أرسل ترمب هذا الأسبوع إلى أوروبا وزير الخارجية في إدارته ريكس تيلرسون ووزير الدفاع جيمس ماتيس ليحاولا طمأنة حلفاء الولايات المتحدة.
من جهته، أكد نائب الرئيس مايك بنس في خطاب السبت أن التزام الولايات المتحدة داخل حلف شمال الأطلسي «ثابت». وقال بنس أمام مؤتمر الأمن في ميونيخ، بهدف طمأنة حلفاء الولايات المتحدة القلقين إزاء تصريحات ترمب، إن «الرئيس طلب مني أن أكون هنا اليوم (....) لنقل هذه الرسالة التي تفيد أن الولايات المتحدة تدعم بقوة الحلف الأطلسي وأننا ثابتون في التزامنا حياله». كما أكّد بنس الذي تحدث للمرة الأولى أمام النخبة السياسية والعسكرية العالمية، مرارا في خطاب استغرق 20 دقيقة أنه تكلم باسم الرئيس الأميركي.
ويختتم نائب الرئيس السبت أسبوعا من الجهود الأميركية في أوروبا التي تهدف طمأنة حلفاء الولايات المتحدة بشأن نوايا ترمب.
ترمب: الإعلام الكاذب عدو الأميركيين
مخاوف من أن يضر خطابه بدفاع واشنطن عن حرية الصحافة
ترمب: الإعلام الكاذب عدو الأميركيين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة