«البريكست»... تراجع للجاذبية وإفادة قياسية للتشغيل في بريطانيا

الأجور ما زالت لا تناسب التضخم... وتزايد عدد طالبي الجنسية الألمانية

«البريكست»... تراجع للجاذبية وإفادة قياسية للتشغيل في بريطانيا
TT

«البريكست»... تراجع للجاذبية وإفادة قياسية للتشغيل في بريطانيا

«البريكست»... تراجع للجاذبية وإفادة قياسية للتشغيل في بريطانيا

أظهر الانخفاض الحاد في نمو الهجرة الأوروبية لبريطانيا في الربع الرابع من العام الماضي، الأثر السلبي للبريكست على جاذبية المملكة المتحدة كمكان للعيش والعمل، لكنه انعكس إيجابيًا على معدلات التوظيف؛ فكان مواطنو الاتحاد الأوروبي يسيطرون على نسبة كبيرة من الوظائف الشاغرة، فضلاً عن تقدم البريطانيين أنفسهم قاطني دولاً أوروبية أخرى بالتقدم للحصول على جنسياتها للاستفادة من مزايا الاتحاد.
وأظهرت بيانات وصول معدل التوظيف البريطاني إلى أعلى معدل له في حين تباطأت وتيرة نمو الأجور بشكل مفاجئ في نهاية 2016، وهو ما يمكن أن يزيد من قلق بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) من تأثير ارتفاع معدل التضخم على دخل المستهلكين خلال الشهور المقبلة.
وارتفع عدد البريطانيين العاملين بمقدار 37 ألف شخص خلال الشهور الثلاثة الأخيرة من العام الماضي إلى 31.83 مليون عامل، بحسب بيانات مكتب الإحصاء الوطني الصادرة الأسبوع الماضي، ووصل معدل التوظيف في بريطانيا بنهاية العام الماضي إلى 74.6 في المائة. وهذه الأرقام هي الأعلى منذ بدء تسجيل بيانات التوظيف في بريطانيا عام 1971.
في الوقت نفسه، ارتفع متوسط دخل العامل في بريطانيا بما في ذلك المكافآت خلال الربع الأخير من العام الماضي بنسبة 2.6 في المائة مقارنة بالربع الأخير من العام قبل الماضي.
وكان المحللون يتوقعون نمو الأجور بنسبة 2.8 في المائة خلال هذه الفترة.
في الوقت نفسه، زادت الأجور من دون حساب المكافآت بنسبة 2.6 في المائة، مقابل زيادتها بنسبة 2.7 في المائة خلال الربع الأخير من 2015، وجاء تراجع وتيرة الأجور خلال الربع الأخير من العام الماضي للمرة الأولى منذ يوليو (تموز) من العام نفسه.
وبحسب البيانات، فإن معدل نمو الأجور خلال الربع الأخير من العام الماضي يزيد عن معدل التضخم الذي وصل في يناير (كانون الثاني) الماضي إلى 1.8 في المائة، وهو أعلى مستوى له منذ عامين ونصف العام تقريبًا، ويستهدف البنك المركزي البريطاني الوصول بمعدل التضخم إلى 2 في المائة سنويًا، في الوقت الذي أدى فيه ضعف قيمة الجنيه الإسترليني إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة.
وقال جيمس سميث المحلل الاقتصادي في «آي إن جي بنك» إن بنك إنجلترا المركزي يقول إن هناك «حدودًا» لطريقة التعامل مع ارتفاع التضخم إلى أعلى من المعدل المستهدف، وأضاف: «لكننا نعتقد أنه سيكون هناك تأثير للتضخم المرتفع على دخول المستهلكين، والذي سيكون موضوعًا حقيقيًا في النهاية بالنسبة للجنة السياسة النقدية» في بنك إنجلترا المركزي.
ويتوقع سميث الإبقاء على سعر الفائدة في بريطانيا خلال العامين الحالي والمقبل. وقال محللو مكتب الإحصاء الوطني إن معدل نمو الأجور الحقيقية سواء الشاملة للمكافآت أو من دون المكافآت في بريطانيا يبلغ 1.4 في المائة بعد حساب معدل التضخم، وهو أقل معدل نمو لها منذ الربع الأخير من 2014.
في الوقت نفسه، تراجع عدد العاطلين في بريطانيا بنهاية العام الماضي بمقدار 7 آلاف عاطل إلى 1.6 مليون عاطل وهو أقل مستوى له منذ أوائل 2006. وبلغ معدل البطالة في الربع الأخير من العام الماضي 4.8 في المائة، وهو نفس مستواه في الربع الثالث من العام الماضي وجاء متفقًا مع توقعات المحللين.
من جهته، قال غرين دافيس محلل اقتصادي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن معدل التوظيف يعد خبرًا جيدًا، لكن ستظل هناك إشكالية انخفاض نمو الأجور الحقيقة خصوصًا في ظل ارتفاع التضخم.
وبالتزامن، ارتفع عدد البريطانيين الراغبين في الحصول على الجنسية الألمانية بشكل ملحوظ بعد التصويت بخروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي، وذلك وفقًا لما أعلنته السلطات المختصة بتلقي طلبات التجنيس في ألمانيا، وأوضحت هذه السلطات أن عدد الطلبات وعدد عمليات التجنيس ارتفعت بشكل ملموس في هامبورج على سبيل المثال وفي أجزاء من برلين، وتقدم في ميونيخ وحدها 144 بريطانيًا للحصول على الجنسية الألمانية، وذلك في الفترة بين الإعلان عن نتيجة التصويت في الاستفتاء البريطاني وحتى نهاية يناير الماضي، ويعادل هذا العدد ستة أضعاف عدد المتقدمين في الفترة نفسها من العام الماضي.
وفي مدينة هايدلبرغ بمقاطعة بادن فورتمبيرغ الألمانية التي تتسم بطابع دولي، تقدم 44 بريطانيًا في العام الماضي للحصول على الجنسية، فيما لم يتقدم أي بريطاني بهذا الطلب داخل المدينة في عام 2015.
وذكرت صحيفة بيلد الألمانية أن عدد البريطانيين الذين تقدموا في مقاطعة هيسن للحصول على الجنسية الألمانية في الفترة بين مطلع يناير حتى الثالث عشر من فبراير (شباط) الحالي بلغ 135 شخصًا، ويعادل هذا العدد تقريبًا مجموع أعداد المتقدمين في عامي 2014 و2015، ويسعى البريطانيون بهذه الطلبات إلى ضمان الاحتفاظ بمزايا عضوية الاتحاد الأوروبي من خلال حملهم لجواز السفر الألماني، ويعيش في ألمانيا نحو 106 ألف بريطاني.
ويذكر أن مجلس اللوردات البريطاني سيواصل غدًا الاثنين نقاشه حول قانون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وتتوقع وسائل إعلام بريطانية أن تقدم رئيسة الوزراء تيريزا ماي في غضون أسابيع قليلة إعلانًا بخروج بلادها من الاتحاد الأوروبي. فيما تجدر الإشارة إلى أن القانون الألماني لا يسمح بالجنسية المزدوجة، ويشترط على الراغب في الحصول على الجنسية الألمانية التنازل عن جنسيته الأصلية، إلا أنه يُستثنى مواطنو الاتحاد الأوروبي حيث يمكن لهؤلاء الاحتفاظ بجنسيتهم الأصلية في حالة الرغبة في الحصول على الجنسية الألمانية، وفي المقابل، يسمح القانون في المملكة المتحدة للبريطانيين دون قيود بحمل جنسية أخرى.
من ناحية أخرى، توقفت الزيادة المطردة في عدد المهاجرين القادمين من الاتحاد الأوروبي للعمل في بريطانيا نهاية العام الماضي (نفس فترة القياس) مما يرجح أن التصويت لصالح الخروج من عضوية الاتحاد، وما تلاه من انخفاض في قيمة الجنيه الإسترليني، ربما قلص من جاذبية البلاد كمكان للعمل.
وهبط عدد مواطني الاتحاد الأوروبي من غير البريطانيين العاملين في المملكة المتحدة بواقع 19 ألفًا في الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2016، مقارنة مع الربع السابق، إلى 2.24 مليون شخص.
وهذا أكبر انخفاض في جميع فترات أكتوبر (تشرين الأول) إلى ديسمبر (كانون الأول) منذ بداية رصد تلك البيانات قبل عشرين عامًا، ويقابله ارتفاع بواقع 12 ألفًا في الفترة ذاتها من 2015 و121 ألفًا في الربع الأخير من 2014.
وكانت 2009 آخر سنة تشهد انخفاضًا في عدد العمالة القادمة من الاتحاد الأوروبي في بريطانيا في الربع الأخير وذلك إبان الأزمة المالية العالمية. وكانت المرة السابقة التي يتراجع فيها عدد هذه العمالة في أي فترة في الربع الثالث من 2014.
ويقول كثير من أصحاب العمل إنهم يواجهون صعوبات متزايدة في إيجاد المرشحين الملائمين لشغل الوظائف لديهم، وإنهم يخشون من أن انخفاض عدد العمال الأجانب قد يؤدي إلى تفاقم المشكلة.



التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.