استعدادات لـ«حرب أزقة» في غرب الموصل

القوات العراقية تخطط لإنهاك «داعش» بمهاجمته على جميع الجبهات

استعدادات لـ«حرب أزقة» في غرب الموصل
TT

استعدادات لـ«حرب أزقة» في غرب الموصل

استعدادات لـ«حرب أزقة» في غرب الموصل

طور مسلحو تنظيم داعش شبكة من الممرات والأنفاق في أزقة غرب الموصل الضيقة التي ستمكنهم من الاختباء والقتال بين السكان المدنيين عندما تشن القوات العراقية هجومًا متوقعًا خلال الأيام المقبلة.
وقال سكان إن المقاتلين يفتحون ممرات في الجدران بين المنازل للسماح لهم بالتحرك من مبنى إلى مبنى دون أن يرصدهم أحد والاختفاء بعد عمليات الكر والفر ورصد تحركات القوات الحكومية. كما فتحوا أيضًا فتحات للقناصة في المباني المطلة على نهر دجلة الذي يشطر المدينة إلى قسمين؛ أحدهما شرق النهر والآخر غربه. وقال ساكن لوكالة «رويترز» عبر الهاتف: «قاموا بفتح هذه الفتحات وهددونا بعدم غلقها».
ويخضع مسلحو التنظيم لحصار فعلي في غرب الموصل مع ما يقدر بنحو 650 ألف مدني بعدما طردتهم القوات المدعومة من الولايات المتحدة التي تطوق المدينة من نصفها الشرقي في المرحلة الأولى من هجوم انتهى قبل 4 أسابيع.
وقُطع الطريق المتجه غربًا، الذي يربط المدينة بسوريا في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني). بيد أن المتشددين يتحكمون في الطريق الذي يصل الموصل ببلدة تلعفر الخاضعة لسيطرتهم على بعد 60 كيلومترًا إلى الغرب. وقصفت طائرات التحالف ومدفعيته أهدافًا منتقاة في الغرب، ومنها ورش في المنطقة الصناعية الشرقية، حيث يعتقد أن «داعش» يجهز سيارات ملغومة وشراكًا خداعية.
وتوقفت القوات البرية لإعادة تنظيم صفوفها وبناء تحصينات جديدة ومواقع انطلاق على طول الضفة الغربية للموصل، وكذلك لالتقاط الأنفاس وإصلاح العتاد الذي تعرض للضرر. وقال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في اجتماع لقادة القوات المسلحة أول من أمس إن الهجوم قد يبدأ قريبًا جدًا.
ويتوقع قادة عسكريون أن تكون المعركة في الغرب أكثر صعوبة مما كانت عليه في الشرق لأسباب، من بينها عدم قدرة الدبابات والمركبات المدرعة على عبور شوارعها وأزقتها الضيقة. ويضم غرب الموصل المدينة القديمة بأسواقها العتيقة ومسجدها الكبير ومعظم المباني الإدارية للحكومة. ويوجد هناك أيضًا مطار المدينة.
وقال العقيد ستار كريم: «الأزقة الضيقة والمناطق المأهولة بالسكان وكذلك الأنفاق الدفاعية التي حفرها داعش... كل ذلك بالتأكيد سوف يجعل المعركة صعبة ومعقدة». ومن على منبر المسجد الكبير في الموصل، أعلن أبو بكر البغدادي زعيم التنظيم «خلافة» على أجزاء من سوريا والعراق في 2014. والمدينة هي ثاني كبرى مدن العراق وأكبر مركز حضري استولى عليه «داعش» في كلتا الدولتين وتعد معقلها الرئيسي في العراق.
وكان يُعتقد أن «داعش» لديه ما يصل إلى 6 آلاف مقاتل في الموصل عندما بدأ الهجوم الحكومي في منتصف أكتوبر (تشرين الأول). وتشير تقديرات عراقية إلى مقتل أكثر من ألف من هؤلاء. وتواجه البقية الآن قوة قوامها 100 ألف تتألف من قوات مسلحة عراقية تشمل مظليين من قوات النخبة وأفرادًا من الشرطة وقوات كردية وفصائل شيعية مسلحة دربتها إيران. وتقود الولايات المتحدة التي نشرت أكثر من 5 آلاف جندي في القتال تحالفًا دوليًا يقدم الدعم الجوي والبري الحاسم بما في ذلك نيران المدفعية للقوات العراقية والكردية.
وتقوم خطة الجيش العراقي في المرحلة التالية على إنهاك المقاتلين وقهرهم بالتحرك على جميع الجبهات. وقال النقيب بالشرطة الاتحادية حيدر راضي: «(داعش) لن يكون قادرًا على الوقوف بوجه الآلاف من القوات المهاجمة المصحوبة بغطاء جوي وقصف مدفعي». وأضاف أن هدف الشرطة سيكون السيطرة على المطار الواقع على الأطراف الجنوبية للموصل وتأمينه للمهندسين العسكريين الذين سيقومون على وجه السرعة بإصلاح وترميم المدرج والمنشآت الأخرى كي يتسنى استخدامها قاعدة دعم قريب للقوات. وقال المحلل والقائد العسكري السابق جاسم البهادلي المقيم في بغداد إن جمع معلومات المخابرات وتعاون السكان المدنيين سيكونان عاملين حاسمين في تقدم القوات لتجنب الشراك الخداعية وللعثور على مخابئ أسلحة منتشرة في أنحاء المدينة، في إطار خطة «داعش» لحرب المدن.
بيد أن ضيق الشوارع سيحد من قدرة المسلحين على مهاجمة القوات المتقدمة بالسيارات الملغومة، وهي إحدى أكثر أسلحة التنظيم فاعلية إلى جانب قذائف الهاون ونيران القناصة. وقال البهادلي: «سيكون من الممكن استخدام السيارات المفخخة في بعض المناطق في الجانب الغربي للموصل، حيث تكون الشوارع واسعة». وأضاف: «في الأزقة الضيقة نستطيع أن نتوقع بأن يقوم التنظيم بإرسال انتحاريين راجلين» سيركضون أو سيسيرون باتجاه القوات لتفجير أحزمة ناسفة. وتابع: «لن تكون المهمة سهلة للتمييز بين العدو والصديق».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».