لم تنجح الجهود التي بذلتها قوى دولية على مدار 3 سنوات تقريبًا في إخماد نيران النزاع المسلح في مناطق «الدونباس» بجنوب شرقي أوكرانيا، لا سيما في مقاطعتي لوغانسك ودونيتسك. ومنذ مطلع العام الحالي تصاعدت حدة التوتر، وفي النصف الأول من فبراير (شباط) تجددت المواجهات المسلحة هناك بين القوات الأوكرانية التي تحاول استعادة السيطرة الحكومية على المقاطعتين، والميليشيات المحلية المسلحة المدعومة من موسكو هناك، التي تصر على تسوية تضمن لسكان المنطقة حقوقهم السياسية والاقتصادية والثقافية والقومية. ومع أن الأطراف المنخرطة بصورة مباشرة في النزاع الأوكراني قوى أوكرانية، فإن العنوان العريض لما تشهده أوكرانيا من توتر منذ استقلالها عام 1991 وحتى اليوم هو «مواجهة بين روسيا والغرب على النفوذ في أوكرانيا».
تشكل المعارك العنيفة الدائرة حاليًا في مناطق جنوب شرقي أوكرانيا بين القوات الحكومية والميليشيات المحلية، نتيجة لمواجهة سياسية تكمن في جذورها عوامل تاريخية وأخرى قومية، تتصل بطبيعة البنية القومية داخل الدولة الأوكرانية.
في الشق السياسي يمكن القول إن بدايات النزاع المسلح الحالي نشأت منذ استقلال أوكرانيا عن الاتحاد السوفياتي عام 1991. ففي تلك المرحلة كانت النخب السياسية الحاكمة في أوكرانيا، كما في روسيا ذاتها، تعتقد أن «الحرب الباردة» قد ولت بلا رجعة، وأن المواجهة العالمية انتهت، ودخل العالم مرحلة الشراكة عوضًا عن المواجهة بين الأحلاف.
ضمن هذه الرؤية، أقر مجلس الرادا (البرلمان) الأوكراني عام 1993، وثيقة «التوجهات الرئيسية للسياسة الخارجية الأوكرانية» التي جاء فيها: «في ظل تلاشي المواجهة بين الأحلاف في أوروبا، تأخذ الأولوية مشكلة وضع بنى للأمن الأوروبي العام، على أرضية المؤسسات الدولية الموجودة، مثل مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا، ومجلس الشراكة الأوروبية الأطلسية، والناتو، واتحاد أوروبا الغربية». وتضيف تلك الوثيقة أن «إعلان أوكرانيا نيتها أن تصبح مستقبلاً دولة على الحياد خارج الأحلاف، يجب أن يتكيّف مع الظروف المستجدة، ولا يمكن اعتباره عقبة أمام مشاركتها التامة في بنى الأمن الأوروبي».
* سياسة قائمة على التوازن
حينذاك عكست وثيقة التوجهات الرئيسية للسياسة الخارجية الأوكرانية، رغبة النخب الحاكمة في تبني سياسة قائمة على التوازن في العلاقة بين روسيا والغرب، وبموازاة الحفاظ على العلاقات التاريخية مع «الجارة» روسيا، فتحت أوكرانيا، كما فعلت معظم الجمهوريات السوفياتية السابقة، الأبواب أمام تعاون نوعي مع البنى السياسية والعسكرية الأوروبية، باعتبار ذلك الانفتاح من متطلبات المرحلة، فضلاً عن ذلك لم تكن مسألة التعاون مع حلف شمال الأطلسي (ناتو) تشكل حساسية بالنسبة لروسيا، التي انطلقت في سياستها من تعهدات يقول الرئيس السوفياتي ميخائيل غورباتشوف إن قادة الغرب قدموها للوفد السوفياتي خلال المحادثات حول توحيد ألمانيا، بأن حلف «الناتو» لن يوسع انتشاره العسكري على أي متر من دول أوروبا الشرقية، التي كانت تابعة لحلف «وارسو».
على الرغم من ذلك، برز في تلك المرحلة العامل القومي بقوة على الساحة الأوكرانية، وبدت البلاد منقسمة بين غرب وشرق، حيث الأغلبية في مناطق غرب أوكرانيا أوكرانيون تاريخيًا، يتكلمون اللغة الأوكرانية، ومتعصبون قوميًا ينظرون بعداء نحو روسيا، وذلك كله تحت تأثير عوامل تاريخية عدة؛ منها أن تلك المناطق كانت في مراحل مختلفة جزءًا من بولندا، ومن ثم ليتوانيا، والإمبراطورية النمساوية - المجرية. وفي التاريخ الحديث يُتهم البعض من سكان تلك المناطق بالتعاون مع القوات النازية والمشاركة في حملات التنكيل بحق المواطنين. أما مناطق شرق أوكرانيا فغالبية سكانها من الروس تاريخيًا. وفي مطلع عقد التسعينات من القرن الماضي كانت النسبة السكانية 22 في المائة من المواطنين الأوكرانيين، بينما يشكل الناطقون بالروسية 31 في المائة من السكان. ويختلف الوضع بالنسبة لشبه جزيرة القرم، التي كانت حتى عام 1954 تابعة لروسيا الاتحادية، حيث يشكل المواطنون الروس أغلبية ساحقة هناك.
* شرق... وغرب
حالة الانقسام القومي هذه برزت سياسيًا على شكل انقسام بين تأييد واسع في مناطق غرب أوكرانيا لنهج الابتعاد عن الشراكة مع روسيا والتوجه نحو التكامل مع الغرب، وتأييد في مناطق الشرق للعكس تمامًا. وتظهر نتائج الانتخابات الرئاسية الأوكرانية عام 1994 ذلك الانقسام بوضوح، حين حصل الرئيس الأوكراني حينها ليونيد كرافتشوك، الذي قدم نفسه كشخصية قومية على أصوات الناخبين في 12 مقاطعة في غرب البلاد، بينما حصل ليونيد كوتشما، الذي تلقى دروس محادثة باللغة الأوكرانية، على تأييد 13 مقاطعة في شرق البلاد، وفاز حينها كوتشما بنسبة 52 في المائة من إجمالي أصوات الناخبين.
وتركت مواجهة النخب السياسية على نهج السياسة الخارجية الأوكرانية أثرًا مباشرًا على العلاقات بين شرق وغرب البلاد، وعززت حالة الانقسام القومي بينهما بانقسام سياسي وحالة احتقان، كانت تتصاعد تدريجيًا من عام لآخر، على ضوء خطوات الرئاسة الأوكرانية في مجال التقارب مع «الناتو».
وكان لافتًا أن التحولات الجذرية في هذا المجال شهدتها أوكرانيا في عهد الرئيس كوتشما (1994 - 2004)، إذ انضمت أوكرانيا إلى برنامج «الناتو» (شراكة من أجل السلام)، وأخذ التعاون يتوسع بين الجانبين، إلى أن تم تعديل الوثيقة «حول التوجهات الرئيسية للسياسة الخارجية الأوكرانية» عام 2013، وجاء فيها أن «أوكرانيا تمارس سياسة خارجية نشطة بهدف الحصول على عضوية في حلف شمال الأطلسي». وبعد عام تقريبًا، في صيف عام 2014، أدخل الرئيس كوتشما تعديلات على «العقيدة العسكرية الأوكرانية»، تضمنت الإعلان بوضوح عن رغبة أوكرانيا في الانضمام إلى «الناتو» باعتباره «ضمانة الأمن في أوروبا». إلا أن كوتشما، الذي كان يستعد لترك منصب الرئاسة، أدرك على ما يبدو أن مسألة العضوية في حلف شمال الأطلسي، قد تؤدي إلى نزاع داخلي، وفاجأ الجميع خلال قمة لـ«الناتو» في إسطنبول، بإعلانه أن أوكرانيا ليست مستعدة للعضوية في الحلف، ومن ثم أصدر مرسومًا ألغى فيه من العقيدة العسكرية للبلاد الفقرة التي تنص على أن هدف السياسة الخارجية الأوكرانية هو الحصول على عضوية في «الناتو».
* بين روسيا والغرب
إلا أن قرار كوتشما جاء متأخرًا على ما يبدو، حيث طفا على السطح بوضوح في أوكرانيا جدال حول «التوجه نحو الناتو أم نحو روسيا»، وبرز ذلك خلال الانتخابات الرئاسية عام 2004، التي تنافس فيها فيكتور يانوكوفيتش ممثلاً لنهج التقارب مع روسيا وفيكتور يوشينكو ممثلاً لنهج التكامل مع الغرب.
في الجولة الأولى من الانتخابات، حصل يوشينكو على 39.87 في المائة من الأصوات، وحصل يانوكوفيتش على 39.32 في المائة، ونظرًا لعدم تجاوز أي منهما نسبة 50 في المائة زائد صوت، أجريت جولة ثانية. ويمكن القول إن الانتخابات الرئاسية عام 2004 شكلت الشرارة الأولى للمواجهة السياسية الحادة في أوكرانيا، التي تفاقمت خلال 10 سنوات، إلى أن أخذت شكل نزاع مسلح جنوب شرقي البلاد. في تلك المرحلة، لم تُخفِ روسيا دعمها الكبير جدًا للمرشح يانوكوفيتش، زعيم حزب الأقاليم، ولقد عبر عن هذا الدعم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي أجرى عدة زيارات إلى أوكرانيا، وكان سباقًا في تهنئة يانوكوفيتش بعد الانتخابات وقبل الإعلان عن النتائج الرسمية للانتخابات.
تفجرت المواجهة السياسية في أوكرانيا حين أعلنت اللجنة المركزية للانتخابات عن فوز فيكتور يانوكوفيتش، بينما رفض فيكتور يوشينكو قبول النتائج، واتهم خصمه بالتلاعب بالأصوات، وشهدت العاصمة كييف حركة احتجاجية واسعة، أصبحت لاحقًا تُعرف باسم «الثورة البرتقالية».
إثر ذلك جرت إعادة للانتخابات الرئاسية، وفاز فيها يوشينكو، بينما ترأس يانوكوفيتش المعارضة البرلمانية ممثلة بحزبه «حزب الأقاليم» والحزب الشيوعي الأوكراني، وقوى أخرى. وفي عام 2006 أصبح يانوكوفيتش رئيسًا للحكومة الأوكرانية، كونه زعيم الأغلبية البرلمانية. وبعد أزمة برلمانية حادة، وقع كل من الرئيس ورئيس الحكومية ورئيس البرلمان، وقادة الكتل البرلمانية الكبرى وثيقة بعنوان «الوحدة الوطنية» حددت أن أوكرانيا ستواصل تعاونها مع «الناتو»، إلا أن مسألة عضويتها في الحلف يتم إقرارها بموجب استفتاء عام، يجري بعد أن تنفذ أوكرانيا كل الشروط المطلوبة للحصول على العضوية. ورغم ذلك، حاولت القوى الداعية إلى التكامل مع الغرب، الدفع نحو تفعيل العمل بموجب خطة العضوية في «الناتو»، وذلك حين تولت يوليا تيموشينكو رئاسة الحكومة عام 2007، إلا أن تلك المحاولات لم تأتِ بنتيجة.
* الضغط الروسي
طيلة تلك السنوات كانت روسيا تبذل محاولات للتأثير على الوضع في أوكرانيا، وانفتحت على الحوار مع يوليا تيموشينكو وقبلها مع فيكتور يوشينكو، وأكدت رغبتها بتوسيع التعاون بين البلدين، دون تدخل خارجي، لكن على أساس أخذ كل طرف لمصالح الآخر بالحسبان، في إشارة إلى أن عضوية أوكرانيا في «الناتو» تشكل تهديدًا مباشرًا لأمن روسيا ومصالحها. إلا أن تلك المحاولات لم تنجح في تغير الوضع.
وفي عام 2010، تجددت المواجهة عبر صناديق الاقتراع بين النهجين في أوكرانيا، وترشح فيكتور يانوكوفيتش للرئاسة، بينما كانت يوليا تيموشينكو المرشحة الأبرز عن تيار نهج التكامل مع الغرب، الذي شهدت صفوفه تصدعات، انعكست بصورة مباشرة على نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، حيث حصلت تيموشينكو على 25.05 في المائة من الأصوات، بينما حصل يانوكوفيتش على 35.32 في المائة من الأصوات. ومن جديد، جاءت نتائج الجولة الثانية لتعكس مدى الانقسام داخل أوكرانيا بين التيارين السياسيين، مع الخلفية القومية لذلك الانقسام، إذ فاز يانوكوفيتش بالرئاسة حاصلاً على 48.95 في المائة من الأصوات، أي بفارق ضئيل نسبيًا عن منافسته تيموشينكو التي منحها 45.47 في المائة من الناخبين أصواتهم. وكالعادة، كانت أصوات مقاطعات الشرق من حصة يانوكوفتيش، والغرب من حصة تيموشينكو.
واستهل يانوكوفيتش رئاسته الثانية بقرار إلغاء كل اللجان الحكومية المتخصصة في مجال إعداد أوكرانيا للعضوية في «الناتو»، ومن ثم قام في عام 2013 بإلغاء البرنامج الوطني لتهيئة أوكرانيا للعضوية في الحلف. وتزامن هذا مع استمرار الصراع السياسي الحاد داخل البلاد. إلا أن الأزمة تفجرت عام 2014 حين رفض يانوكوفيتش توقيع اتفاقية «الشراكة الانتسابية» مع الاتحاد الأوروبي، وهي اتفاقية تمهيدية للحصول على عضوية في الاتحاد. واتخذ يانوكوفيتش قراره بعدما رفض الاتحاد الأوروبي منح أوكرانيا، التي يمر اقتصادها بأزمة خانقة، أي قروض في إطار خطوات إعادة بناء الاقتصاد الأوكراني وفق المعايير الأوروبية. بالمقابل منحته موسكو قرضًا بقدر 15 مليار دولار.
إثر ذلك القرار، نظم خصوم يانوكوفيتش احتجاجات واسعة في المدن الأوكرانية، وبصورة خاصة في العاصمة كييف. وتميزت احتجاجات فبراير عام 2014 عن سابقاتها بالعنف، حيث شهدت بعض الساحات مواجهات مسلحة قام خلالها قناصة ومسلحون بإطلاق النار على عناصر الأمن، كما سقط في تلك المواجهات أعداد كبيرة من المحتجين.
فضلاً عن ذلك، برزت مشاركة واضحة في الاحتجاجات من جانب تيارات قومية متطرفة جاءت من غرب البلاد، بما في ذلك جماعات يمينية مسلحة، ترفع شعارات معادية لروسيا ووجهت تهديدات لكل من يتكلمون اللغة الروسية في أوكرانيا. وقام هؤلاء بالسيطرة على المقار الحكومية في العاصمة، وفي مختلف المقاطعات والأقاليم، بقوة السلاح. ومع أن الرئيس يانوكوفيتش توصل إلى اتفاق لحل الأزمة مع المعارضة، فإن الأمور لم تستقر، وغادر الرئيس العاصمة كييف، بينما أعلنت قوى المعارضة عن تعيين ألكسندر تورشينوف قائمًا بأعمال الرئيس. وكانت أول خطوة أقدم عليها تورشينوف أن عرض على البرلمان الأوكراني مشروع قانون يلغي القانون حول «ضمان الحق باستخدام اللغات المحلية في الأقاليم»، مما يعني حظر استخدام اللغة الروسية.
وبينما كانت مناطق غرب ووسط أوكرانيا تعرب عن دعمها للسلطات الجديدة، لا سيما بعد تشكيل برلمان جديد قوامه من قوى «التكامل مع الغرب وأوروبا»، وقف سكان مناطق «الدونباس» - حوض نهر الدونيتس - ضد تلك السلطات، في الوقت الذي أعلنت فيه موسكو أن تلك السلطات ليست شرعية وسيطرت على السلطة عبر العنف. وشعر أبناء مناطق جنوب شرقي أوكرانيا بتهديد مباشر على خلفية صعود قوى يمينية متطرفة إلى واجهة المسرح السياسي في أوكرانيا، وعمت مدن تلك المناطق احتجاجات، حيث قام المحتجون بالسيطرة على المقار الحكومية في مدن خاركوف ودونيتسك ولوغانسك، ورفعوا على بعضها الأعلام الروسية. وسرعان ما أصبحت غالبية تلك المدن خارجة عن سيطرة كييف، بينما أعلنت القوى السياسية المحلية عن تشكيل قوات دفاع ذاتي، وأعلنت نفسها «جمهوريات» مثل «جمهورية لوغانسك» و«جمهورية دونيتسك».
* احتجاجات القرم
إلا أن أهم ما جرى في تلك المرحلة (فبراير – مارس/ آذار 2014) كانت الاحتجاجات في شبه جزيرة القرم، وسيطرة المحتجين على السلطة هناك، ورفضهم الاعتراف بشرعية السلطات الجديدة في كييف. ولم تكن موسكو بعيدة عن تلك الأحداث، ذلك أن المنطقة تشكل أهمية كبرى لروسيا، التي تشكل مدينة سيفاستوبل (سيباستوبول) مقرًا لأسطولها في البحر الأسود، وهو المخرج الوحيد للقوات البحرية الروسية القريب من المتوسط، فضلاً عن ذلك، يحمل غالبية سكان القرم جنسيات روسية، كما أن روسيا تعتبر القرم جزءًا منها تاريخيًا. لذلك لم يتوانَ الرئيس الروسي بوتين عن تلبية طلب سلطات القرم بالمساعدة، وعرض على المجلس الفيدرالي الروسي طلبًا للسماح باستخدام القوات الروسية على الأراضي الأوكرانية.
وبمساعدة روسية جرى تنظيم استفتاء في شبه الجزيرة في 16 مارس، أعرب فيه غالبية السكان عن رغبتهم في الانفصال عن أوكرانيا والانضمام إلى قوام الاتحاد الروسي. وفي 18 مارس، تم قبول القرم وسيفاستوبول كيانين جديدين في قوام الاتحاد الروسي. وجرى ذلك كله في ظل انتشار عسكري روسي واسع في شبه الجزيرة.
في تلك الأثناء، أخذت المواجهات جنوب شرقي أوكرانيا طابع التصعيد العسكري، وأعلنت سلطات كييف عملية خاصة لاستعادة السيطرة على مناطق «الدونباس»، فأرسلت القوات المسلحة، ومعها مجموعات قومية مقبلة من غرب البلاد، شاركت وما زالت تشارك في الهجمات على مدينتي لوغانسك ودونيتسك والمناطق التابعة لهما. وشهدت المنطقة بعض الهدوء إثر توصل قادة روسيا وأوكرانيا وفرنسا وألمانيا إلى اتفاق للتسوية يعرف باسم «اتفاق مينسك» (نسبة لعاصمة جمهورية بيلاروسيا/ روسيا البيضاء).
إلا أنه رغم ذلك تشهد المنطقة تفجرًا للعنف من حين لآخر، وسط تبادل اتهامات بين الطرفين بانتهاك «اتفاق مينسك». ومنذ 29 فبراير، تجددت مواجهات عنيفة على طول 50 كم من خطوط التماس بين الجانبين. وأصدرت لجنة المراقبين التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا تقريرًا حول تدهور الوضع هناك، طالبت فيه «القوات الانفصالية الروسية»، في إشارة إلى المسلحين في مناطق جنوب شرقي أوكرانيا، طالبتهم بالعودة إلى اتفاق وقف إطلاق النار. ولقد أثارت هذه العبارات استياء موسكو، التي رفضت على لسان دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين «تقديرات المنظمة حول مشاركة المقاومة في الدونباس بخرق وقف إطلاق النار»، ووصف ما يجري هناك بأنه «عمل استفزازي من جانب القوات الأوكرانية».
ولم تكن المواجهات المسلحة بعيدة عن المواجهة السياسية، إذ أعلن الرئيس الأوكراني الحالي بيوتر بوراشينكو عن نيته إجراء استفتاء عام حول عضوية بلاده في «الناتو»، متوعدًا باتخاذ كل الخطوات الضرورية لذلك. وفي أول رد فعل من مناطق جنوب شرقي أوكرانيا، حذر ألكسندر زاخارتشينكو، رئيس «جمهورية دونيتسك الشعبية»، التي أعلن قادة محليون عن تأسيسها، من أن «محاولات إجراء استفتاء حول عضوية أوكرانيا في الناتو، ستعني تخلي كييف نهائيًا عن مناطق الدونباس». أولاً لأن «الدونباس» لن تشارك في الاستفتاء، وثانيًا لأننا قلنا أكثر من مرة إن أحد أهم مطالب «الدونباس» هي أننا ندعو إلى علاقات صداقة وتحالف مع روسيا كحد أدنى، مما يعني ضد «الناتو»، حسب قوله.
أضواء على نزاع شرق أوكرانيا
مواجهة بين قوى دولية بأيدٍ محلية
أضواء على نزاع شرق أوكرانيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة