80 قتيلاً بهجوم إرهابي في باكستان... و«داعش» يتبنى

بينهم عدد كبير من الأطفال

أقارب الضحايا الذين لقوا مصرعهم في هجوم انتحاري استهدف مزارًا صوفيًّا في جنوب باكستان (إ.ب.ا)
أقارب الضحايا الذين لقوا مصرعهم في هجوم انتحاري استهدف مزارًا صوفيًّا في جنوب باكستان (إ.ب.ا)
TT

80 قتيلاً بهجوم إرهابي في باكستان... و«داعش» يتبنى

أقارب الضحايا الذين لقوا مصرعهم في هجوم انتحاري استهدف مزارًا صوفيًّا في جنوب باكستان (إ.ب.ا)
أقارب الضحايا الذين لقوا مصرعهم في هجوم انتحاري استهدف مزارًا صوفيًّا في جنوب باكستان (إ.ب.ا)

بدأت باكستان عملية أمنية واسعة اليوم (الجمعة)، غداة هجوم انتحاري أسفر عن سقوط 80 قتيلا على الأقل بينهم عدد كبير من الأطفال في مزار صوفي بجنوب البلاد.
ووقع الهجوم الذي تبناه تنظيم داعش المتطرف، في مزار لال شهبز قلندر الصوفي في مدينة سيهون التي تبعد نحو مائتي كيلومتر شمال شرقي مدينة كراتشي الساحلية جنوب البلاد.
وقال مسؤول حكومي لوكالة الصحافة الفرنسية، طالبا عدم كشف هويته إنّ «قوات الأمن الاتحادية والمحلية والشرطة أطلقت فجرًا عملية في جميع أنحاء البلاد وأوقفت عددًا كبيرًا من المشتبه بهم في مدن عدة». وأضاف أنّ العملية ستستمر في الأيام المقبلة.
وقالت القوات الخاصة التابعة لوزارة الداخلية الباكستانية إنّ 18 «إرهابيا» على الأقل قتلوا ليل الخميس- الجمعة في ولاية السند. وقتل سبعة آخرون في شمال غربي البلاد، حسبما أفادت شرطة مدينة بيشاور.
وصرح ناطق باسم الجيش آصف غفور أنّ الهجمات الأخيرة نفذت انطلاقا من مخابئ للمتمردين في أفغانستان، وأعلن أنّه طلب من الحكومة الأفغانية التحرك في هذا الشأن. كما أعلن الجيش «إغلاق» الحدود الطويلة وغير المضبوطة التي تفصل بين البلدين.
ويتبادل البلدان باستمرار الاتهامات بإيواء معاقل للمتمردين المتطرفين الذين يرتكبون فظائع.
وتشهد باكستان حالة من التوتر الشديد، جاء فيها الهجوم على المزار الصوفي بعد سلسلة هجمات انتحارية في بداية الأسبوع شنتها حركة طالبان باكستان في عدد من مدن البلاد.
وسببت هذه الحوادث قلقا كبيرًا لدى السكان الذين كانوا قد بدأوا بالعودة إلى شعور نسبي بالأمان بعد سنوات من أعمال العنف.
وقالت صحيفة «ذي إكسبريس تريبيون» في افتتاحيتها اليوم: «يوم آخر قنبلة أخرى». وكتبت أنّ «وهم باكستان دولة آمنة وسلمية انفجر بدماء على الجدران وحواف الطرق والجمعيات العامة في البلاد».
وأكد قمر جاويد باجوا قائد الجيش الباكستاني الذي يتمتع بنفوذ كبير أنّ «قوات الأمن لن تسمح للقوى المعادية بالانتصار» و«سنثأر وسنثأر فورا لكل نقطة دم للأمة».
في سيهون، وصل أوائل خبراء الطب الشرعي اليوم إلى مكان التفجير المطوق من قبل الشرطة.
وما زالت بقع الدماء والأنقاض والأحذية وغيرها تغطي أرض المزار. وقال رئيس الوحدة الطبية في سيهون معين الدين صديقي إنّ 20 طفلا هم على الأرجح بين الضحايا.
وذكر مصدر في الشرطة أنّ الهجوم نفذه انتحاري فجر نفسه وسط مئات المصلين. وكان المكان مكتظا مساء الخميس يوم الصلاة المقدس لأتباع هذه الطريقة الصوفية التي تعتبرها بعض الجماعات المتطرفة كافرة.
وقال حق نواز خان سولانجي إنّ «بعض الجثث كانت رؤوسها أو أطرافها مقطوعة والجرحى كانوا يصرخون ألما ويستغيثون». وأضاف: «وكأنه يوم القيامة... الجثث غرقت في برك من الدماء».
لكن حارس المزار قرر عدم الاستسلام وكما يفعل كل يوم، قرع الجرس في الموقع عند الساعة 03:30 (22:30 ت غ الخميس). وقال لوكالة الصحافة الفرنسية إنه يرفض «الركوع أمام الإرهابيين».
وما زالت الحصيلة المؤقتة تتحدث عن سقوط سبعين قتيلا على الأقل و250 جريحا بينهم 40 في حالة حرجة.
وأعلن الحداد ثلاثة أيام في ولاية السند.
ودان عدد من الباكستانيين على شبكات التواصل الاجتماعي نقص البنى التحتية الطبية القادرة على استقبال مئات الجرحى.
ويقع أقرب مستشفى لمكان الهجوم على بعد نحو 130 كيلومترا. وقد تم نقل عدد كبير من الضحايا بمروحيات إلى كراتشي ومدن أخرى في السند.



إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
TT

إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)

كان بودي، وهو بائع فاكهة إندونيسي، يبحث عن مستقبل أفضل عندما استجاب لعرض عمل في مجال تكنولوجيا المعلومات في كمبوديا، لكنّه وجد نفسه في النهاية أسير شبكة إجرامية تقوم بعمليات احتيال رابحة عبر الإنترنت.

يقول الشاب البالغ 26 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مفضلاً عدم ذكر كنيته: «عندما وصلت إلى كمبوديا، طُلب مني أن أقرأ سيناريو، لكن في الواقع كنت أعد لعمليات احتيال».

داخل مبنى محاط بأسلاك شائكة وتحت مراقبة حراس مسلّحين، كانت أيام بودي طويلة جداً، إذ كان يقضي 14 ساعة متواصلة خلف شاشة، تتخللها تهديدات وأرق ليلي.

وبعد ستة أسابيع، لم يحصل سوى على 390 دولاراً، بينما كان وُعد براتب يبلغ 800 دولار.

وفي السنوات الأخيرة، اجتذب آلاف الإندونيسيين بعروض عمل مغرية في بلدان مختلفة بجنوب شرقي آسيا، ليقعوا في نهاية المطاف في فخ شبكات متخصصة في عمليات الاحتيال عبر الإنترنت.

أُنقذ عدد كبير منهم وأُعيدوا إلى وطنهم، لكنّ العشرات لا يزالون يعانون في مصانع الاحتيال السيبراني، ويُجبرون على البحث في مواقع وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها عن ضحايا.

تروي ناندا، وهي عاملة في كشك للأطعمة، كيف سافر زوجها إلى تايلاند في منتصف عام 2022 بعد إفلاس صاحب عمله، وانتهز فرصة كسب 20 مليون روبية (1255 دولاراً) شهرياً في وظيفة بمجال تكنولوجيا المعلومات نصحه بها أحد الأصدقاء.

لكن عندما وصل إلى بانكوك، اصطحبه ماليزي عبر الحدود إلى بورما المجاورة، مع خمسة آخرين، باتجاه بلدة هبا لو، حيث أُجبر على العمل أكثر من 15 ساعة يومياً، تحت التهديد بالضرب إذا نام على لوحة المفاتيح.

وتضيف المرأة البالغة 46 عاماً: «لقد تعرض للصعق بالكهرباء والضرب، لكنه لم يخبرني بالتفاصيل، حتى لا أفكر بالأمر كثيراً».

ثم تم «بيع» زوجها ونقله إلى موقع آخر، لكنه تمكن من نقل بعض المعلومات بشأن ظروفه إلى زوجته، خلال الدقائق المعدودة التي يُسمح له فيها باستخدام جواله، فيما يصادره منه مشغلوه طوال الوقت المتبقي.

غالباً ما تكون عمليات التواصل النادرة، وأحياناً بكلمات مشفرة، الأدلة الوحيدة التي تساعد مجموعات الناشطين والسلطات على تحديد المواقع قبل إطلاق عمليات الإنقاذ.

«أمر غير إنساني على الإطلاق»

بين عام 2020 وسبتمبر (أيلول) 2024 أعادت جاكرتا أكثر من 4700 إندونيسي أُجبروا على إجراء عمليات احتيال عبر الإنترنت من ثماني دول، بينها كمبوديا وبورما ولاوس وفيتنام، بحسب بيانات وزارة الخارجية.

لكن أكثر من 90 إندونيسياً ما زالوا أسرى لدى هذه الشبكات في منطقة مياوادي في بورما، على ما يقول مدير حماية المواطنين في وزارة الخارجية جودها نوغراها، مشيراً إلى أنّ هذا العدد قد يكون أعلى.

وتؤكد إندونيسية لا يزال زوجها عالقاً في بورما أنها توسلت إلى السلطات للمساعدة، لكنّ النتيجة لم تكن فعّالة.

وتقول المرأة البالغة 40 عاماً، التي طلبت إبقاء هويتها طي الكتمان: «إنه أمر غير إنساني على الإطلاق... العمل لمدة 16 إلى 20 ساعة يومياً من دون أجر... والخضوع بشكل متواصل للترهيب والعقوبات».

ويقول جودا: «ثمة ظروف عدة... من شأنها التأثير على سرعة معالجة الملفات»، مشيراً خصوصاً إلى شبكات مياوادي في بورما، حيث يدور نزاع في المنطقة يزيد من صعوبة عمليات الإنقاذ والإعادة إلى الوطن.

ولم تتمكن الوكالة من التواصل مع المجلس العسكري البورمي أو المتحدث باسم جيش كارين الوطني، وهي ميليشيا تسيطر على المنطقة المحيطة بهبا لو، بالقرب من مياوادي.

وتشير كمبوديا من جانبها إلى أنها ملتزمة باتخاذ إجراءات ضد هؤلاء المحتالين، لكنها تحض أيضاً إندونيسيا والدول الأخرى على إطلاق حملات توعية بشأن هذه المخاطر.

وتقول تشو بون إنغ، نائبة رئيس اللجنة الوطنية الكمبودية للتنمية، في حديث إلى الوكالة: «لا تنتظروا حتى وقوع مشكلة لتوجيه أصابع الاتهام إلى هذا البلد أو ذاك. هذا ليس بحلّ على الإطلاق».

وتضيف: «لن نسمح بانتشار مواقع الجرائم الإلكترونية هذه»، عادّة أن التعاون الدولي ضروري لوقف هذه المجموعات، لأنّ «المجرمين ليسوا جاهلين: ينتقلون من مكان إلى آخر بعد ارتكاب أنشطتهم الإجرامية».

«جحيم»

تقول هانيندا كريستي، العضو في منظمة «بيراندا ميغران» غير الحكومية التي تتلقى باستمرار اتصالات استغاثة من إندونيسيين عالقين في فخ هذه الشبكات: «الأمر أشبه بعبودية حديثة».

وتمكّن بودي من الفرار بعد نقله إلى موقع آخر في بلدة بويبيت الحدودية الكمبودية.

لكنه لا يزال يذكر عمليات الاحتيال التي أُجبر على ارتكابه. ويقول: «سيظل الشعور بالذنب يطاردني طوال حياتي».