يسعى المرشحون للانتخابات الرئاسية الفرنسية، قبل نحو شهرين من موعدها، إلى إعطاء حيز لـ«البعد الدولي» في برامجهم الانتخابية التي تسيطر عليها الشؤون الداخلية، من خلال التركيز على ملفات منطقة الشرق الأوسط، وبالتحديد مصير المسيحيين والأقليات فيها، كما الملف السوري وتشعباته. ولهذه الغاية يتوافد هؤلاء إلى لبنان، حيث يجدون أنفسهم على تماس مع كل هذه الملفات التي تهم جزءًا كبيرًا من الناخبين الفرنسيين الذين يوجد عدد لا بأس به منهم في بيروت.
وأكدت مصادر رسمية لبنانية أنّه لم يتم توجيه دعوات للمرشحين الرئاسيين الفرنسيين الذين يتوافدون إلى بيروت، لافتة إلى أن الزيارات المتتالية لهؤلاء تندرج في إطار حملاتهم الانتخابية. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن ما يعنيهم، وبشكل أساسي، هو الملف السوري، فتراهم يسعون لاستثمار صورهم في مخيمات النازحين السوريين خلال معركتهم الانتخابية في الداخل الفرنسي، مؤكدة أن رئيسي الجمهورية والحكومة يستقبلان المرشحين على اعتبار أن معظمهم من الوزراء السابقين أو رؤساء أحزاب، وليس لدعم أحدهم بوجه الآخر، وأضافت: «تمامًا، كما أننا لا نرضى بأن تتدخل أي جهة خارجية بشؤوننا الداخلية، كذلك نتجنب التدخل بشؤون أي دولة أخرى».
ومن المتوقع أن تلتقي زعيمة حزب «الجبهة الوطنية الفرنسية»، المرشحة للانتخابات الرئاسية في فرنسا، مارين لوبان التي تصل إلى بيروت الأحد المقبل، كلاً من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ورئيس الحكومة سعد الحريري، وذلك بعد نحو 3 أسابيع على زيارة مماثلة قام بها منافسها على الرئاسة، وزير الاقتصاد السابق إيمانويل ماكرون. ولا يبدو أن الحركة الفرنسية في بيروت ستقتصر على لوبان وماكرون، إذ يُرجح أن يحدد مرشح الحزب الجمهوري فرنسوا فيون موعدًا جديدًا لزيارة بيروت، التي كانت مقررة مطلع الشهر الحالي، وتم تأجيلها على خلفية اتهام زوجته بينيلوب فيون بالاستفادة من وظائف وهمية.
وكان رئيس «اللقاء الديمقراطي»، النيابي اللبناني وليد جنبلاط، أول المنتقدين لزيارة لوبان إلى بيروت، فقال: «مرشحة اليمين في فرنسا مارين لوبان ستحط في ربوع لبنان... كم ستكون فرحة اللبنانيين (الأقحاح) كبيرة!».
واعتبر البروفسور باسكال مونان، أستاذ العلاقات الدولية والعلوم السياسية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن ما يسعى إليه المرشحون الفرنسيون من خلال زيارتهم لبنان هو إعطاء «بُعد دولي ودبلوماسي» لحملاتهم الانتخابية التي تركز في معظمها على الشؤون الداخلية الفرنسية، ومحاولة إظهار حجم علاقاتهم الخارجية واهتمامهم بالشؤون الدولية، خصوصًا ملفات منطقة الشرق الأوسط.
وأضاف مونان: «أبرز الملفات التي تعني هؤلاء المرشحين مصير مسيحيي وأقليات المنطقة، وموضوع الإرهاب، ومصير الرئيس السوري بشار الأسد. وهم حين يوجدون في بيروت يشعرون أنّهم على تماس مع كل هذه الملفات، وكيف لا ولبنان يستضيف أكثر من مليون ونصف المليون سوري؟».
ورأى مونان أن أهمية جولة ماكرون أو لوبان، أو حتى الزيارة المرتقبة لفيون إلى بيروت، تكمن في «رمزيتها» بشكل أساسي، لافتًا إلى أنّه «في مقابل المكتسبات التي يسعى هؤلاء لتحقيقها من خلالها، فإن المسؤولين اللبنانيين يجدون فرصة لفتح أكثر من ملف مع هؤلاء المرشحين الذين سيصبح أحدهم رئيسًا لفرنسا، وأبرز هذه الملفات موضوع اللجوء السوري، وطلب مساعدات دولية لتغطية حاجات اللاجئين والمجتمعات اللبنانية المضيفة».
وكان ماكرون الذي زار بيروت في الرابع والعشرين من الشهر الماضي، قد دعا إلى «سياسة متوازنة» حيال النظام والفصائل المعارضة في سوريا، في تباين عن السياسة المؤيدة للمعارضة التي تتبعها باريس منذ بداية النزاع.
وقال ماكرون الذي استقال من الحكومة الفرنسية، في أغسطس (آب) 2016، لإدارة حركته (إلى الأمام)، إنه يعارض أن يكون تنحي رئيس النظام السوري بشار الأسد «شرطًا مسبقًا لأي شيء»، رافضًا في الوقت نفسه «التفاهم» معه.
لوبان تلتقي الأحد عون والحريري... «في زيارة انتخابية»
مصادر رسمية أكدت أنه لم يتم توجيه دعوات للمرشحين الرئاسيين الفرنسيين
لوبان تلتقي الأحد عون والحريري... «في زيارة انتخابية»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة