إسرائيل تتخذ خطوات أولى على طريق تطبيق قانون مصادرة الأراضي الخاصة

بعد عاصفة الانتقادات التي واجهت شرعنة إقامة منازل على أراضي فلسطينيين

منظر عام لمستوطنة معاليه أدوميم قرب القدس في الضفة الغربية (إ.ب.أ)
منظر عام لمستوطنة معاليه أدوميم قرب القدس في الضفة الغربية (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تتخذ خطوات أولى على طريق تطبيق قانون مصادرة الأراضي الخاصة

منظر عام لمستوطنة معاليه أدوميم قرب القدس في الضفة الغربية (إ.ب.أ)
منظر عام لمستوطنة معاليه أدوميم قرب القدس في الضفة الغربية (إ.ب.أ)

طبقت الحكومة الإسرائيلية خطوة أولى نحو تطبيق القانون المثير للجدل، والمتعلق بمصادرة أراضي الفلسطينيين الخاصة، الذي أقر في الكنيست الأسبوع الماضي مخلفا عاصفة انتقادات واسعة. وأبلغت النيابة العامة الإسرائيلية، محكمة العدل العليا، بأن تأخذ «التشريع» الجديد بعين الاعتبار عند البت بمصير 7 منازل في بؤرة عادي عاد الاستيطانية، المقامة على أراض خاصة للفلسطينيين شرق رام الله، ويستأنف أصحابها منذ سنوات دعاواهم لإزالة منازل المستوطنين منها.
وقالت النيابة العامة: «إنه ينبغي دراسة الآثار المترتبة على هذا القانون وأخذه بالاعتبار، فيما يخص المباني في عادي عاد». والمقصود هو قانون أقره الكنيست الأسبوع الماضي، وعرف باسم قانون التسويات، ويشرعن بأثر رجعي وضع نحو أربعة آلاف وحدة سكنية استيطانية في أراض خاصة يملكها فلسطينيون، في الضفة الغربية المحتلة. وأيد القانون 60 عضوا في الكنيست مقابل اعتراض 52 نائبا.
وبإمكان المستوطنين، وفقا للقانون الجديد، أن يبقوا على الأرض إن كانوا قد بنوا عليها دون سابق معرفة بملكية فلسطينيين لها، أو إذا كانت البيوت قد أقيمت بناء على تعليمات من الدولة. وسيتلقى الملاك الفلسطينيون تعويضا ماليا.
ويقول أصحاب الأرض الفلسطينيين شرق رام الله، إن سبعة منازل لمستوطنين بنيت على أرضهم من ضمن مستوطنة عادي عاد التي أقيمت عام 1998، كبؤرة استيطانية عشوائية من دون مصادقة رسمية من الحكومة، وأنهم يريدون استعادة أرضهم.
وبحسب منظمة «يش دين» الحقوقية، التي تقدمت بالالتماس ضد «عادي عاد» نيابة عن أصحاب الأرض الفلسطينيين، فإن 7 منازل أقيمت على أراض هي ملك لسكان قرى ترمسعيا والمغير وقريوت وجالود.
وتقدمت «يش دين» بالالتماس ضد عادي عاد، عام 2014، مطالبة بإخلاء جميع المباني في البؤرة الاستيطانية وليس فقط تلك المبنية على أرض فلسطينية، مستندة إلى أن البؤرة الاستيطانية تحولت إلى نقطة محورية في النشاط الإجرامي والعنف وانتهاك حقوق الإنسان للفلسطينيين في المنطقة.
وبعد عام واحد، أبلغت النيابة العامة المحكمة العليا اعتزام الحكومة شرعنة البؤرة الاستيطانية.
واتهم مستوطنون في عادي عاد بشن هجمات على قرية دوما الفلسطينية، بما في ذلك التسبب بإحراق عائلة هناك، كما اتهموا في يناير (كانون الثاني) 2015 بإلقاء الحجارة على مسؤولين في القنصلية الأميركية كانوا في زيارة إلى الضفة الغربية، للتحقيق في اتهامات حول أضرار جرى إلحاقها بممتلكات زراعية فلسطينية.
واعتقلت إسرائيل مستوطنين متطرفين من القرية للتحقيق في اتهامات شتى مختلفة.
وفي الجلسة التي عقدت الاثنين أمس، قالت النيابة، إن على المحكمة الرجوع إلى قانون التسويات لشرعنة المنازل على الأراضي الفلسطيني الخاصة.
وقالت «يش دين»، في بيان، إن رد الدولة على المحكمة يشمل «جميع الممارسات غير المقبولة التي تقوم إسرائيل بتوظيفها في البناء غير القانوني في الضفة الغربية، بدلا من أن تقوم الدولة بفرض القانون وإخلاء البؤرة الاستيطانية، فهي تعمل على الإعلان عن مزيد من الأراضي كأراضي دولة».
وفي الوقت الذي تسعى فيه إسرائيل «لسرقة الأراضي» في الضفة الغربية، بحسب وصف مسؤولين فلسطينيين بينهم كبير المفاوضين صائب عريقات، تمنع أي نشاط فلسطيني رسمي في القدس الشرقية، التي ينادي بها الفلسطينيون عاصمة لدولتهم العتيدة، وتقول إسرائيل إنها ضمن العاصمة «الموحدة».
ومددت سلطات الاحتلال، أمس، قرار إغلاق «بيت الشرق» في القدس الشرقية، الذي يعد مقرا رمزيا لمنظمة التحرير، لمدة ستة أشهر جديدة. ووقع القرار وزير الأمن الداخلي، غلعاد أردان.
وكانت إسرائيل أغلقت مقر بيت الشرق وسط القدس المحتلة، في التاسع من شهر أغسطس (آب) عام 2001، بعد نحو شهرين من رحيل فيصل الحسيني عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الذي كان يدير البيت.
ويخالف القرار الإسرائيلي تعهدات إسرائيلية، بعد توقيع اتفاق أوسلو، بعدم المساس بمؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية في القدس.
وتعمل السلطة في القدس اليوم بطرق غير رسمية أو علنية، عبر ممثلين لها في مؤسسات غير رسمية كذلك، في محاولة لرعاية شؤون الفلسطينيين هناك، لكن إسرائيل تقول إنها مسؤولة عن كل كبيرة وصغيرة في القدس بشقيها الشرقي والغربي.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».