أستراليا تتحوط من تغول صيني في استثماراتها العقارية

أجبرت مستثمرين أجانب على بيع عقارات بقيمة 71 مليون يورو

مدينة سيدني إحدى أكثر مدن أستراليا غلاء من حيث العقارات (غيتي)
مدينة سيدني إحدى أكثر مدن أستراليا غلاء من حيث العقارات (غيتي)
TT

أستراليا تتحوط من تغول صيني في استثماراتها العقارية

مدينة سيدني إحدى أكثر مدن أستراليا غلاء من حيث العقارات (غيتي)
مدينة سيدني إحدى أكثر مدن أستراليا غلاء من حيث العقارات (غيتي)

بعد ظهور عدد من التقارير والتخوفات من تغول أجنبي، بخاصة من الصين، في قطاع العقارات الأسترالي، بما قد يشكل مخاطر على تحول القارة إلى مقر جديد لغسل الأموال، إضافة إلى ما يشكله الاستثمار الأجنبي في بعض الأحيان من منافسة غير عادلة مع مواطنيها، تتسبب جزئيا في فقاعة عقارية... أعلنت الحكومة الأسترالية الأسبوع الماضي أن السلطات أجبرت أجانب على بيع عقارات تبلغ قيمتها الإجمالية أكثر من مائة مليون دولار أسترالي (نحو 71 مليون يورو)، وذلك منذ تشديد القانون حول الاستثمارات الأجنبية.
وقال وزير المال سكوت موريسون، إن سلطاته أجبرت مستثمرين خالفوا القوانين على بيع 61 عقارًا، تبلغ قيمتها الإجمالية 107 ملايين دولار أسترالي، بينما تجري تحقيقات في شأن 36 عملية بيع أخرى.
وأضاف موريسون أن «الحكومة مصممة على تطبيق القوانين ليتم التعرف إلى الأجانب الذين يمتلكون عقارات بطريقة غير قانونية في أستراليا، ويجبرون على التخلي عنها». ويأتي الصينيون على رأس لائحة المخالفين بمعدل 25 عملية بيع، يليهم البريطانيون فالماليزيون والإندونيسيون.
والأجانب الذين يشترون عقارات بطريقة غير مشروعة في أستراليا يمكن أن يحكم عليهم بالسجن لثلاث سنوات، وغرامات تفوق 135 ألف دولار أسترالي. أما الشركات الأجنبية، فقد تفرض عليها غرامة قدرها 675 ألف دولار أسترالي. إضافة إلى ذلك، فإن الأرباح التي تتحقق من عمليات البيع الإلزامية لتلك العمليات، تتم مصادرتها، في الوقت نفسه، تم تعزيز إجراءات مراقبة الاستثمارات الأجنبية في قطاع الزراعة.
وكانت حكومة كانبيرا تبنت في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2015 قانونًا ينص على فرض غرامات وحتى عقوبات بالسجن على الأجانب الذين يخالفون القانون الذي يسمح لهم بشراء العقارات الجديدة؛ لكن ليس القديمة.
وارتفعت أسعار العقارات في أستراليا بشكل كبير في السنوات الأخيرة، خصوصًا في ملبورن وسيدني، إلى درجة أن مسألة القدرة على امتلاك عقار باتت موضوعًا أساسيًا في المناقشات السياسية في البلاد.
ويشعر البعض بالقلق من وجود فورة في قطاع العقارات الأسترالي، يسببها مستثمرون أجانب أثرياء، خصوصا الصينيين.
وتمارس الحكومة منذ مارس (آذار) عام 2015 رقابة مشددة على الاستثمارات الأجنبية في الشركات الأسترالية، بسبب قلق الرأي العام من طموحات الصين، وجدل نجم عن منح المجموعة الصينية «لاندبريدج» إدارة مرفأ داروين شمال البلاد لمدة 99 عامًا.
وبحسب تقرير حديث لمؤسسة «نايت فرنك» العقارية، بعنوان: «صعود شركات المقاولات الصينية في أستراليا»، فإن التقرير كشف شراء شركات البناء الصينية مواقع عقارية بقيمة 2.4 مليار دولار في العام الماضي، أو ما يوازي 38 في المائة من إجمالي الأراضي المبيعة. بينما في عام 2015، ابتاع المطورون الصينيون 12 في المائة من القيمة الإجمالية لمواقع البناء.
وتشير ميشيل سيسلسكي، رئيسة مركز البحوث السكانية في مؤسسة «نايت فرنك»، إلى أن «ذروة النشاط الصيني في القطاع العقاري الأسترالي حدثت عام 2014»، موضحة أنه كان العام الأكثر نشاطا بنسبة بلغت حدود 49 في المائة من إجمالي الأراضي المبيعة في أستراليا في ذلك العام.
وتقول سيسيلسكي إن الصينيين الذين يأتون إلى أستراليا يستهدفون بشكل أكبر الضواحي، نظرا لتشابه ظروف الضواحي مع بلدهم.
وبالتزامن مع تلك التقارير، صدر مطلع الأسبوع الحالي «مؤشر مديري المشتريات» الأسترالي، الذي أظهر ارتفاع المؤشر في القطاع العقاري إلى 47.7 نقطة في يناير (كانون الثاني) الماضي، من معدل سابق عند 47 نقطة في ديسمبر (كانون الأول) 2016. ورغم بقاء المؤشر في جهة الانكماش (أقل من 50 نقطة)، فإنه يظهر ثمة تحسنا ملحوظا في القطاع.
وفي مطلع عام 2015، أعلن رئيس الوزراء الأسترالي (آنذاك) توني آبوت، عن ضريبة جديدة لشراء عقارات في أستراليا من قبل أجانب. واتهم الأجانب بالتسبب في رفع الأسعار في أسواق العقارات في أستراليا، خصوصا في سيدني وملبورن، وحرمان السكان المحليين من هذه العقارات.
وقال آبوت في مؤتمر صحافي في سيدني إن «حلم بعض الأستراليين امتلاك منزل... ونريد لهذا الحلم أن يستمر»، وأضاف أن «القواعد الحالية لا تسمح للأجانب سوى بشراء عقارات جديدة وتمنعهم من شراء عقارات مبنية من قبل، لكنها لم تطبق في السنوات الأخيرة»، مشيرا إلى أنه «في عهد الحكومة السابقة؛ ولمدة ست سنوات، لم ترفع أي دعوى قانونية ضد أجنبي اشترى منزلا... وسنقوم بتطبيق هذه القواعد القديمة».



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».