باتت الألغام المضادة للأفراد التي زرع الحوثيون الآلاف منها تزامنًا مع طردهم من المحافظات اليمنية، تشكل تحديًا كبيرًا أمام الحكومة اليمنية، خصوصا أن تلك الألغام قد أودت بحياة كثير من الأبرياء، وحالت دون عودة من شردوا على أيدي الانقلابيين من قراهم. وفي المقابل، يبذل مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، جهودًا كبيرة وناجعة لدعم وتأسيس مراكز تأهيل الإصابات والأطراف الصناعية، إضافة إلى الدعم النفسي للمصابين من ضحايا الألغام الذين في معظمهم من الأطفال والنساء.
ووفقًا لتقارير منظمات دولية ومحلية يمنية، فإن ميليشيات الحوثي وصالح، متورطة بشكل مباشر في انتهاك قوانين الحرب، عبر زرع ألغام مضادة للأفراد، تسببت في مقتل عشرات المدنيين، وحرمان كثير من الأهالي الذين شردتهم الصراعات الدامية مع الانقلاب، من العودة إلى قراهم بعد أن تعطلت الطرق المؤدية إليها بسبب انتشار ألغام الانقلابيين، التي لا تميز بين ضحاياها ولا يبطل مفعولها بمرور الوقت.
وفي هذا السياق، قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» إنها تحققت من خمس حالات لأشخاص أصيبوا بتشوهات بسبب ألغام مضادة للأفراد في تعز منذ مارس (آذار) 2016. منهم رجل كان عائدًا إلى منزله مع شقيقه بعد أشهر من النزوح من قريته التي كانت تسيطر عليها ميليشيات الحوثي.
بدوره، اعتبر عبد الله إسماعيل الكاتب السياسي والحقوقي اليمني لـ«الشرق الأوسط»، أن زراعة الألغام تعد واحدة من أكثر جرائم الحوثي وحشية في اليمن، فإضافة إلى التجريم الدولي لعملية زراعة الألغام الفردية، فإن هذه الألغام تتم زراعتها دون أي خرائط توضح وجودها، وبكميات كبيرة جدا وهو ما يشكل خطرًا مستقبليًا مميتًا وكارثة إنسانية مستمرة.
وإضافة إلى ذلك فإن جماعة الحوثي تستهدف مناطق مدنية غالبًا وبشكل عشوائي ما يجعل غالبية الضحايا من النساء والأطفال والمدنيين الذين يحاولون العودة إلى حياتهم ومدنهم وقراهم ومزارعهم، بل تستخدم الألغام جزءا من عملية حصار المدن وقطع سبل الحياة عنها. ولفت إسماعيل إلى أن الميليشيات الحوثية فخخت المنازل التي حاول سكانها العودة إليها بعد تحريرها وانفجرت ببعضهم كما حدث في بعض أحياء تعز، وذكرت تقارير أن أكثر من 1000 شخص خلال عام 2016 أصيبوا بسبب الألغام الفردية وجلهم من النساء والأطفال.
وتنتشر ألغام الحوثيين في المحافظات اليمنية الجنوبية والشرقية وهي عدن وأبين ومأرب ولحج وتعز، منذ بداية انقلابهم على الحكومة الشرعية، الأمر الذي تنظر إليه دول التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، ودول المنطقة والعالم، بعين الاهتمام البالغ، وتدعو المنظمات الدولية والإقليمية كافة، والمعنية بنزع الألغام، وعلاج ضحاياها وتأهيلهم، إلى تكثيف جهودها ومبادراتها في اليمن.
وتعمل قوات دعم الشرعية في اليمن، على مساعدة الجيش الوطني لتطهير المواقع التي استهدفها الحوثيون بزراعة الألغام مضادة للأفراد، وتأمين الطرق التي عمدوا إلى الانتقام من المستفيدين منها عبر زرعها بعشرات الألغام المضادة للأفراد.
وفي ظل افتقار اليمن إلى موظفين مجهزين ومدربين للقيام بمسح منهجي لإزالة الألغام والمتفجرات التي خلفتها ميليشيات الحوثي وصالح، رغم دعم التحالف المتمثل في توفير عدد من كاسحات الألغام، تبدو القضية واحدة من التحديات الكبرى التي تواجه اليمن حكومة وشعبًا.
وقالت منظمة حكومية إن الألغام الأرضية تسببت حتى الآن في مقتل 18 شخصا على الأقل، وإصابة أكثر من 39 آخرين في مناطق في محافظة تعز، بين مايو (أيار) 2015 وأبريل (نيسان) 2016.
وقال موظفون طبيون ويمنيون يعملون في إزالة الألغام - حسب تقرير هيومن رايتس ووتش إن «العدد الحقيقي لضحايا الألغام في تعز أعلى من ذلك بكثير». وفي يونيو (حزيران) 2016 قال طبيب إنه عالج أكثر من 50 شخصًا في تعز بترت إحدى أطرافهم منذ أبريل 2016، ويعتقد أنهم أصيبوا بألغام أرضية.
من جهته، توقع محافظ الجوف السابق حسين العواضي أن يكون الحوثيون زرعوا أكثر من 30 ألف لغم متنوعة الأحجام في المحافظة. وأكد في تصريحات صحافية أن حقول الألغام كان لها أثر في إبطاء عملية تحرك الجيش الوطني والمقاومة الشعبية لاستكمال استعادة السيطرة على مديريات المحافظة كافة. وأشار إلى أن السلطات المحلية تسعى حاليًا لفتح الطريق العام أمام السكان بسبب إرهاقهم من الطريق الترابية التي زرع فيها الحوثيون كميات كبيرة من الألغام.
ويواصل مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية تنفيذ مشاريعه لمساعدة الشعب اليمن على الخروج من هذه الأزمة، التي منها مشروع دعم مراكز تأهيل المصابين والأطراف الصناعية، الذي نفذته اللجنة الدولية للصليب الأحمر ICRC بأكثر من 10 ملايين دولار. ويولي مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية اهتمامًا خاصًا بضحايا الألغام من المدنيين الأبرياء، وفضلاً عن المساعدات الطبية والعلاجية، يقدم المركز مشروع دورات تثقيف حول مخاطر الألغام وخدمات الدعم النفسي للأطفال والأسر المتضررة، بهدف إنقاذ حياة اليمنيين، خصوصًا الأطفال دون سن الخامسة والنساء الحوامل والمرضعات، من خطر مزارع الموت التي يخلفها الحوثيون وأتباع صالح في كل مكان سيطروا عليه قبل أن يستعاد من سيطرتهم ويتم تحريره على يد قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، بإسناد من قوات التحالف العربي لدعم الشرعية بقيادة السعودية.
الحوثيون ينتقمون بالألغام من أهالي المناطق المحررة
«مركز الملك سلمان للإغاثة» يدعم تأسيس مراكز لتأهيل المصابين
الحوثيون ينتقمون بالألغام من أهالي المناطق المحررة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة