خريجو الجامعات في روسيا مجبرون على وظائف بعيدًا عن تخصصاتهم

العرض والطلب في سوق العمل متقلب ما يدفع البعض إلى هجرة البلاد

خريجو الجامعات في روسيا مجبرون على وظائف بعيدًا عن تخصصاتهم
TT

خريجو الجامعات في روسيا مجبرون على وظائف بعيدًا عن تخصصاتهم

خريجو الجامعات في روسيا مجبرون على وظائف بعيدًا عن تخصصاتهم

في ظل منافسة شديدة على فرص العمل، يضطر الخريجون الجامعيون في روسيا إلى بدء عملية البحث عن عمل في مجال تخصصهم العلمي منذ السنوات الأولى للدراسة الجامعية، الأمر الذي ينتهي غالبًا ببقاء عدد كبير منهم دون عمل وفق التخصص العلمي، ويضطرون لمزاولة أي عمل آخر لكسب قوتهم.
ولم يكن طلاب الجامعات يواجهون مشكلة تأمين عمل في الحقبة السوفياتية، ذلك أن الدولة حينها كانت تؤمن، بل وتفرض على كل جامعي موقعًا للعمل فور تخرجه، وذلك ضمن خطة حكومية يجري بموجبها توزيع الخريجين على المصانع والشركات الحكومية ومؤسسات الدولة، كل حسب تخصصه. ويتحمل موقع العمل المسؤولية عن تأمين مسكن مناسب للموظفين الجدد. إلا أن الأمور تغيرت بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، ولم يعد التعليم مجانيًا، كما لم تعد الدولة ملزمة بتأمين فرص عمل للخريجين.
وتشير دراسات إلى أن العرض والطلب في سوق العمل الروسية متقلب وغير مستقر بالنسبة للخريجين الجامعيين، نتيجة ذلك يضطر 25 في المائة من حملة الشهادات الجامعية إلى ممارسة أعمال لا تطلب تعليمًا عاليًا، وقرابة 30 في المائة من حملة الشهادات الذين حصلوا على فرصة عمل، يعملون خارج مجال تخصصهم العلمي، مع بقاء الفرصة متاحة بصورة أكبر أمام الذكور للحصول على عمل لا يتطلب تخصصًا جامعيًا، ولا يمت بأي صلة لتخصصهم الجامعي. وحسب معطيات الوكالة الفيدرالية الروسية للأصحاء، يشكل المهندسون من مختلف التخصصات 26.8 في المائة من حملة الشهادات الجامعية في روسيا، ويأتي في المرتبة الثانية الحاصلون على شهادات تخصص في مجال الاقتصاد 26.4 في المائة، وثالثًا الخريجون من كليات التربية بنسبة 19 في المائة، بينما لا تزيد نسبة حاملي شهادات الطب على 6 في المائة. ويحصل أكثر من نصف حملة الشهادات التخصصية العليا على عمل، ففي مجال الطب يحصل 85.3 في المائة من الخريجين على عمل، ويأتي في المرتبة الثانية يأتي الخريجون من حملة شهادات في مجال العلوم الطبيعية، والرياضيات، والتربية، والمحاماة، حيث يتمكن 56-61 في المائة منهم من تأمين فرص عمل.
وفي ظل محدودية فرص العمل في روسيا مقارنة بعدد الخريجين الجامعيين، يضطر كثيرون إلى البحث عن فرص عمل ضمن تخصصاتهم العلمية في دول أخرى. وللحد من هذه الظاهرة التي يطلق عليها «تسرب العقول»، دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى تأمين فرص عمل للخريجين في مؤسسات وأجهزة الدولة وشركاتها ومصانعها. وخلال اجتماع مؤخرًا مع أعضاء مجلس أمناء جامعة موسكو الحكومية دعا بوتين إلى «ضرورة توفير ظروف ملائمة، ليس في تعليم الجامعيين فحسب، بل وفي تأمين فرص عمل لاحقًا للطلاب المميزين، في أجهزة السلطة والشركات الوطنية»، مشددًا على أهمية «تحفيز أولئك الطلاب للعمل لصالح الاقتصاد الوطني، ولصالح تنمية وتطوير روسيا».
واقترح الرئيس الروسي «البحث في كيفية تأمين دعم إضافي لمجموعات الطلاب الجامعيين الذين يعملون منذ الآن على ابتكارات في المجالات ذات الأولوية بالنسبة لروسيا».
ويرى الرئيس الروسي أن المؤسسات التعليمية الروسية والجامعات مطالبة بالعمل لشغل مكانة مميزة عالميًا في مجال إعداد مختصين في مجال الابتكارات الرائدة، وتطوير العلوم بشكل عام، لافتًا إلى «وجود أعداد ليست قليلة من الطلاب المتفوقين ذوي القدرات المميزة، الذين يرغبون في الحصول على تعليم نوعي، ويشاركون حتى وهم على مقاعدهم الجامعية في الابتكارات والأبحاث الواعدة، والمشاريع العلمية المتقدمة جدًا»، مؤكدًا أن «الحكومة ستواصل تقديم الدعم لجميع الأطفال الذين يتمتعون بقدرات علمية مميزة»، داعيًا في الوقت ذاته إلى «العمل بموجب استراتيجية التطور التقني - العلمي لروسيا، وضرورة تنفيذ برنامج تطوير الجامعات الكبرى في روسيا، بما في ذلك جامعة موسكو الحكومية». وختم موضحًا أن الحديث يدور حول إنشاء ما يُسمى «المدن العلمية التقنية».
وأظهرت دراسة أعدها «معهد التربية» في المدرسة الروسية العليا للاقتصاد، أن روسيا تقف إلى جانب كندا، على قائمة الدول بأعلى نسبة من حملة الشهادات الجامعية، وتشير تلك الدراسة إلى أن 54 في المائة من المواطنين الروس بعمر ما بين 25- 64 عامًا يحملون شهادة «دبلوم جامعي». إلا أن هذه النسبة تتفاوت بين مدينة وأخرى وبين المقاطعات والأقاليم الروسية، نظرًا لعدم توفر مؤسسات تعليمية من فئة «تعليم جامعي» أو «تعليم عالٍ» في كل المدن. ووضعت المدرسة العليا للاقتصاد تصنيفًا حول الجامعات في روسيا، وكم هي متاحة أمام الطلاب وفق معايير عدة، أهمها: متاحة ماديًا، تتوفر فيها مقاعد جامعية، ومتاحة أمام الطلاب في مناطق إقامتهم.
وفي عرضها الجامعات التي يملك الطالب قدرة مالية كافية لتغطية نفقة التعليم فيها، أي الجامعات المتاحة ماديًا أمام الطلاب، تأخذ دراسة «معهد التربية» بالحسبان القسط السنوي الذي يجب على الطالب تسديده ليكمل تعليمه، ونفقات أخرى مثل الحاجة لاستئجار مسكن، وتأمين الطعام.
ووفق تلك المعاير خلصت الدراسة إلى أن جامعات مدينة بطرسبورغ ومحافظة ليننغراد هي الأفضل من ناحية «متاحة ماديًا»، حيث يتوفر هناك عدد كبير من المقاعد الجامعية الحكومية، أي التي يحصل عليها الطلاب مجانًا بموجب نتائج امتحانات القبول الجامعي، وتضمن للطالب راتبًا شهريًا عبارة عن مبلغ بسيط جدًا لا يتجاوز 25- 40 دولارًا. وبالنسبة للمقاعد الاقتصادية، فإن حجم القسط الجامعي السنوي، متوسط ومقبول مقارنة بحجمه في جامعات المدن الأخرى، هذا فضلا عن توفر السكن الجامعي المناسب في جامعات المدينة وجامعات محافظة ليننغراد. وتأتي في المرتبة الثانية على مستوى روسيا من حيث «متاحة ماديًا» الجامعات في مقاطعة آمور شمال شرقي روسيا. وثالثًا الجامعات في مقاطعة فولوغدا، شمال غربي روسيا.



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.