تحركات شعبية لإعادة تشغيل «مطار القليعات» في الشمال اللبناني

تشغيله يتيح مساهمة لبنان في إعادة إعمار سوريا... والنظام يعرقل انطلاقة عمله

تحركات شعبية لإعادة تشغيل «مطار القليعات» في الشمال اللبناني
TT

تحركات شعبية لإعادة تشغيل «مطار القليعات» في الشمال اللبناني

تحركات شعبية لإعادة تشغيل «مطار القليعات» في الشمال اللبناني

تحت شعار «القليعات قلع» ينظم «تيار المستقبل» والمجتمع المدني اليوم حراكا شعبيا في عكار، شمال لبنان، للمطالبة بإعادة فتح مطار القليعات أو ما يعرف بـ«مطار الرئيس رينيه معوض»، بعد سنوات من وقف العمل به لأسباب عدة، منها سياسية.
وبعدما كان «تيار المستقبل» قد طالب بتشغيل مطار القليعات الذي «هو حق لعكار وأهلها، نظرا لأهميته الاقتصادية والاجتماعية والسياحية والأمنية»، رأى معين المرعبي، وزير الدولة لشؤون النازحين ونائب «المستقبل» في منطقة عكار، أن إعادة تشغيل هذا المطار بات ضرورة للبنان بشكل عام ومنطقة الشمال وعكار بشكل خاص، موضحا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكن أن يكون في لبنان مطار واحد في وقت تملك معظم الدول مطارين أو أكثر، لا سيما أن مطار رفيق الحريري مصمم لاستقبال 6 ملايين راكب، وبات اليوم يستقبل أكثر من 8 ملايين، كما أن العمل في مطار القليعات من شأنه أن يساعد في إنماء المنطقة وحل بعض المشكلات الاجتماعية والاقتصادية». وأضاف: «منطقة عكار البعيدة عن بيروت 105 كيلومترات، و25 كيلومترا شمال مدينة طرابلس، مهمّشة، وفرص العمل فيها معدومة بحيث تشكل استثمارات الدولة فيها صفرا في المائة، من هنا فإن هذا المطار من شأنه أن يساعد في حل هذه المشكلات الاجتماعية والاقتصادية». وفي حين لا ينفي المرعبي بعض العوائق التي قد تحول دون إمكانية عودة العمل سريعا في مطار القليعات، أهمها الحرب في سوريا، حيث يفترض أن يتم استخدام المجال الجوي السوري بنحو 6 كيلومترات، اعتبر «أن الأهم اليوم هو اتخاذ قرار إعادة تشغيله، وبالتالي بدء الدراسات الهندسية الخاصة به لمعرفة المتطلبات اللازمة، أهمها تلك المتعلقة بتوسعة موقف الطائرات ومبنى الإدارة والركاب وبناء مستودعات، إضافة إلى منشآت ضرورية أخرى»، مشيرا إلى أن شركات عدة كانت قد أبدت رغبتها في وقت سابق، وتحديدا قبل عام 2011 عند بدء الحرب السورية، في استثمار المطار لتعود بعد ذلك وتتسلمه الدولة اللبنانية، لكن لم يتم التجاوب معها. و«بعدما كانت عوامل عدة قد حالت دون إعادة العمل بالمطار، منها رفض السلطات السورية التي كانت تحكم لبنان على امتداد سنوات»، بحسب المرعبي، تبدي اليوم جميع الأطراف اللبنانية تجاوبا في هذا الإطار، لافتا إلى أن هذا الموضوع، كان قد طرح على طاولة مجلس الوزراء قبل أسابيع قليلة، عندما ظهرت مشكلة طيور النورس وخطرها على حركة الطيران في مطار بيروت، وكانت ردود الفعل إيجابية من قبل جميع الوزراء، مؤكدا: «بات العمل بهذا المطار أمرا ملحا وضروريا، وهو إضافة إلى أنه يؤمن أكثر من 5 آلاف فرصة عمل لأبناء المنطقة، فمن شأنه أن يلعب دورا فعالا في وقت لاحق عند البدء بإعمار سوريا».
ويقع مطار رينيه معوض في بلدة القليعات وسط عكار، وكانت تعود ملكيته في الأصل إلى شركة نفط العراق (الإنجليزية) قبل أن تتسلمه الدولة اللبنانية وتبدأ العمل على تطويره وتأهيله كمطار عسكري، بموجب معاهدة الدفاع العربي المشترك عام 1967. وفي الثمانينات، تمت الاستفادة منه عبر تسيير عدد من الرحلات بين بيروت وشمال لبنان، وذلك بعد قطع الطريق بين المنطقتين نتيجة ما يعرف بـ«حرب الإلغاء» بين قائد الجيش آنذاك، رئيس الجمهورية الحالي ميشال عون و«القوات اللبنانية» برئاسة سمير جعجع. وبعد اغتيال الرئيس اللبناني السابق رينيه معوض غداة عيد الاستقلال في 22 أكتوبر (تشرين الأول) 1989، قرر مجلس الوزراء تسمية المطار باسمه، وهو الذي كان قد تم انتخابه قبل أسبوعين على أرضه، واستمر بعدها تسيير الرحلات الداخلية حتى عام 1991.
وتبلغ مساحة مطار القليعات الذي يبعد 7 كيلومترات عن الحدود السورية اللبنانية شمالاً، نحو 5.5 مليون متر مربع، ويرتبط بشبكة طرق دولية ساحلية وداخلية. ويعتبر موقعه أهم من موقع مطار بيروت الدولي، لعدم تعرّضه للعواصف والتقلبات المناخية التي قد تؤثر في حركته، وكذلك لم تنشأ في محيطه الأبنية التي تعيق حركة الطيران. والمطار مجهز بمدرج طوله 3200 متر، قابل لتطويره إلى 400 متر، وعرضه 60 مترًا، وتتوافر فيه تجهيزات بنائية ومستودعات للوقود وهناجر للصيانة، وقطع غيار وأجهزة اتصال ورادار.
وكانت دراسة قد قامت بها «المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان» (إيدال) التابعة لرئاسة الحكومة، قد أشارت إلى أن مشروع تطوير مطار القليعات هو من ضمن توجه عام يهدف لتحقيق الإنماء المتوازن في المناطق اللبنانية، حيث يشمل المشروع منطقة حرة مساحتها 500 ألف متر مربع، ويوفر نموًا في مجالات التجارة والزراعة والصناعة والسياحة في لبنان والشمال وعكار خاصة، كما أن قربه من أماكن سياحية وأثرية وطبيعية يحقق فرصة كبرى لإنعاش المنطقة على الأصعدة كافة، لا سيما أنه يمكن أن يوجد 6 آلاف فرصة عمل في السنة الأولى لانطلاقته، وصولاً إلى 21 ألف فرصة عمل في عام 2018.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.