احتياطيات السودان المؤكدة من الذهب 523 ألف طن

السماح للقطاع الخاص بالتصدير وإجراءات جاذبة لمنع التهريب

يأتي أغلب إنتاج الذهب السوداني من خلال التعدين التقليدي الأهلي ويعمل به نحو مليون شخص (رويترز)
يأتي أغلب إنتاج الذهب السوداني من خلال التعدين التقليدي الأهلي ويعمل به نحو مليون شخص (رويترز)
TT

احتياطيات السودان المؤكدة من الذهب 523 ألف طن

يأتي أغلب إنتاج الذهب السوداني من خلال التعدين التقليدي الأهلي ويعمل به نحو مليون شخص (رويترز)
يأتي أغلب إنتاج الذهب السوداني من خلال التعدين التقليدي الأهلي ويعمل به نحو مليون شخص (رويترز)

كشفت النتائج الأولية لخريطة المعادن في السودان التي سلمتها شركة روسية للخرطوم، الشهر الماضي، عن احتياطي مؤكد من الذهب يبلغ 523 ألف طن، واحتياطي تحت التقييم يصل إلى 1.117 مليون طن.
وأعلنت وزارة المعادن السودانية عن سياسات جديدة تمنع التهريب الواسع للذهب خلال السنين الماضية، إذ لم يتجاوز المصدر والمبيع والمشغول من الذهب نحو 26 طنًا، بينما المنتج قفز فوق 93 طنًا، ويتوقع أن يرتفع بنهاية العام الحالي إلى حدود 100 طن.
وزارة المعادن السودانية أفصحت عن سياساتها التي ذكرت أنها تتماشي مع تداعيات رفع الحظر الاقتصادي الأميركي على السودان، الشهر الماضي، والتوقعات بدخول استثمارات عالمية كبرى في هذا المجال، وشملت سياساتها جملة من الإجراءات المتعلقة بشراء وتصدير الذهب، أولها السماح للقطاع الخاص بالدخول في عمليات شراء وتصدير الذهب، كذلك السماح للبنوك التجارية بتمويل الشركات العاملة في الشراء، والسماح للمصدرين المسجلين بتصدير 50 في المائة.
كما سمحت السياسات الجديدة، التي أعلنها حازم عبد القادر محافظ البنك المركزي السوداني، والدكتور أحمد محمد محمد الصادق الكاروري وزير المعادن في لقاء موسع بالإعلام، لشركات الامتياز المنتجة للذهب بتصدير 70 في المائة من إنتاجها والاحتفاظ بعوائدها وتسليم بنك السودان بالسعر المعلن. كما سمحت السياسات الجديدة لشركات مخلفات التعدين التقليدي بتصدير 65 في المائة من إنتاجها، وبيع 35 في المائة لبنك السودان المركزي.
وكان عدد الشركات العاملة في الذهب في السودان يبلغ 349 شركة، منها 149 شركة امتياز و152 شركة تعدين صغيرة و48 شركة لمخلفات التعدين. وارتفع العدد إلى 434 شركة بعد دخول الشركات السعودية والإماراتية والقطرية والمصرية في سبتمبر (أيلول) الماضي في منظومة الاستثمارات العالمية في الذهب، بجانب 16 شركة دخلت مرحلة الإنتاج في الفترة ذاتها.
ووفقا لمصادر «الشرق الأوسط» في وزارة المعادن، فإن السياسات الجديدة، التي ترتكز على برامج بنك السودان المركزي لجذب التعدينيين التقليديين الذين يحققون 80 في المائة من إنتاج البلاد من الذهب، ستتيح للقطاع الخاص والتجار التقليديين القيام بعمليات الشراء وتصدير الذهب، بما سيسهم في تقليل عمليات تهريب الذهب لخارج البلاد، وتقليل معدل تخزينه لأقصى حد ممكن.
وأضافت المصادر أن بنك السودان المركزي كان الجهة الوحيدة المسؤولة عن شراء الذهب من التعدينيين التقليديين بأسعار محددة من قبل البنك المركزي. أما بالنسبة لشركات التعدين، فسيظل الحال على ما كان عليه في شركات التعدين الخاصة التي تمتلك امتيازات من الوزارة تتيح لها بيع نسبتهم الجديدة إلى مصفاة الخرطوم للذهب، وهي الجهة المناط بها شراء المعدن الثمين من الشركات وغيرها، كما يحق لهذه الشركات التصرف في تصدير 70 في المائة لخارج السودان، كذلك سيبقى للشركات الحق في بيع 15 في المائة من المخلفات المعدنية لمصفاة الخرطوم، و85 في المائة لتصديرها بطرقها الخاصة.
وبلغ إنتاج السودان من الذهب العام الماضي 93.4 طن، معظمه لم يصدر بواسطة بنك السودان. ويأتي أغلب إنتاج الذهب من خلال التعدين التقليدي الأهلي، ويعمل به نحو مليون شخص يبيعون مقتنياتهم من الذهب في 44 مدينة في السودان و65 سوقا متخصصا.
من جهته، أوضح أحمد البشري، مساعد محافظ بنك السودان المركزي، لـ«الشرق الأوسط» عقب إعلان السياسات الجديدة قبل يومين في الخرطوم، أن السياسات تهدف لجذب الاستثمارات العالمية وجعل القطاع مربحًا، وسيتم الارتكاز فيها على بنك السودان المركزي، وستعمل على مكافحة التهريب الذي أحدث فجوة واسعة بين المنتج والمصدر. وأوضح أنه بموجب هذه السياسات الجديدة تم استثناء الذهب من شروط التصدير والتجارة، باعتباره أحد أهم مصادر القطاع المصرفي من العملات الصعبة، وسيتم التعامل معه بكل وسائل الدفع، والاتفاق على أسعار تأشيرية يصدرها بنك السودان بشكل يومي وفقًا لأسعار البورصات العالمية للذهب.
وأضاف البشري أن مجلس الذهب، المكوَّن من وزارة المعادن وبنك السودان المركزي والجمارك والمواصفات والمقاييس، سيجتمع بصورة مستمرة لتقييم السياسات والعمل على سد الثغرات، معبرًا عن أمله في أن تسهم هذه السياسات في دعم الاقتصاد السوداني لأنها تستهدف أهم القطاعات.
إلى ذلك، قال مدير هيئة الأبحاث الجيولوجية بوزارة المعادن محمد أبو فاطمة، إن المعلومات التي تسلمها الجانب السوداني من شركة «روس جيولوجيا» الروسية تمثل أكبر قاعدة بيانات للمعادن في السودان، وسيبني عليها العمل الجيولوجي السوداني لاستكمال قاعدة بيانات قديمة موجودة لدى هيئة الأبحاث، بجانب أخرى موجودة بالصين وألمانيا وبريطانيا.
وقال أبو فاطمة إن الوثائق بها أكثر من سبعة أنواع من البيانات الخاصة بالتعدين، خصوصًا أنها غطت 600 ألف كيلومتر من أرض السودان.
وأوضح ممثل شركة «روس جيولوجيا» أنهم سلموا هيئة الأبحاث الجيولوجية السودانية 42 وثيقة، تمثل العمل الجيولوجي الذي قام به الجانب الروسي في السودان، منذ عام 1973، لافتًا إلى أن تلك المعلومات سيستفاد منها في تحديث الخريطة الجيولوجية السودانية. في الوقت الذي تعتزم فيه الخرطوم رفع إنتاجية الذهب إلى أكثر من 100 طن في هذا العام، الذي سيشهد بعد رفع الحظر تدفق استثمارات عالمية في مجال الذهب في السودان.
يذكر أن الاتفاقية مع الشركة الروسية تأتي ضمن أعمال لجنة وزارية من البلدين اجتمعت في موسكو في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وشملت الاتفاقية سبعة بنود، أهمها التخريط الجيولوجي لكامل التراب السوداني خلال 20 شهرًا، بجانب دراسة خمسة مواقع يختارها السودان حتى مرحلة الدراسة البنكية، التي تمكن السودان من استخدام الاحتياطات التي تنجم عن الدراسة لهذه المواقع كضمان للتمويل.



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.