بعد أن كتب ليستر سيتي «أروع رواية في تاريخ الرياضة» بإحراز لقب الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم في الموسم الماضي رغم أن نسبة الترشيحات بالنسبة له لم تكن تتجاوز «واحد إلى 5 آلاف» قبل انطلاق الموسم، بات الفريق يواجه الآن خطر تحول تلك الرواية الخيالية إلى كابوس.
وأكد الإيطالي كلاوديو رانييري، المدير الفني لفريق ليستر سيتي، أن فريقه بعيد تمامًا عن المستوى الذي ظهر به في الموسم الماضي والذي بسببه حصد لقب الدوري الممتاز. وخسر ليستر سيتي من مانشستر يونايتد صفر / 3 الأحد في المرحلة الرابعة والعشرين من الدوري.
فبعد تسعة أشهر فقط من تتويجه بأقل إمكانيات في المسابقة التي تعتمد بشكل كبير على حجم الاستثمارات في صفقات النجوم، يعاني الفريق في الوقت الحالي بمنافسات الدوري الممتاز، حيث يتفوق بفارق نقطة واحدة على مراكز الهبوط بجدول المسابقة. ويواجه ليستر سيتي بذلك شبح أن يصبح ثاني فريق في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز يهبط إلى دوري الدرجة الأولى في الموسم التالي لتتويجه. فقد سبقه لهذا التحول الكارثي فريق مانشستر سيتي، عندما توج باللقب في موسم 1936 / 1937 ثم هبط في الموسم التالي، وقد اعترف عدد من لاعبي ليستر سيتي بحقيقة أن الفريق يواجه بالفعل خطر الهبوط هذا الموسم. وقال كاسبر شمايكل حارس مرمى ليستر سيتي: «نحن حاملو اللقب، ولكننا بصراحة نعيش وضعًا حرجًا ومفزعًا... دعونا لا نتحدث عن الموسم الماضي. فهو قد انتهى. وكانت كثير من العوامل قد أثرت فيه، ولكن في هذا الموسم، لم تكن الأمور على ما يرام منذ البداية». وأضاف: «كل لاعب منا يتألم. إنه وضع ليس مريحًا. حان الوقت للصحوة وإلا سينتهي بنا الأمر بالهبوط»، وقال كريستيان فوكس مدافع ليستر سيتي إن على الفريق الحفاظ على تماسكه ووحدته خلال آخر 14 مباراة في الموسم، وأضاف: «سنبقي رؤوسنا مرفوعة، علينا الكفاح كفريق، ونقدم كل شيء حتى المباراة الأخيرة».
وباستثناء لاعب خط الوسط أنغولو كانتي، الذي انتقل إلى تشيلسي في الصيف الماضي، يتنافس الفريق هذا الموسم بنفس التشكيل الذي توج باللقب في مايو (أيار) الماضي. ولا يزال ليستر سيتي داخل إطار المنافسة ببطولة كأس الاتحاد الإنجليزي كما تأهل إلى دور الستة عشر بدوري أبطال أوروبا، وتنحصر أزمته في الدوري الإنجليزي حيث لم يحقق الفريق أي انتصار ولم يسجل أي هدف منذ بداية عام 2017. وفي ظل المستوى الذي يظهر عليه الفريق حاليًا، يتوقع أن يواجه مهمة صعبة في مبارياته الخمس المقبلة المقررة أمام سوانزي سيتي وليفربول وآرسنال وهال سيتي ووستهام.
وقال جيمي كاراغر مدافع ليفربول السابق، الذي يعمل الآن ناقدًا لدى شبكة «سكاي سبورتس» إن الخروج من هذه الأزمة يعد حاسمًا للاعبي ليستر سيتي من أجل تاريخهم. وقال كاراغر: «لا يفترض أن يسمحوا بإفساد واحدة من أروع القصص في الرياضة، بالهبوط... لا تفسدوا واحدة من أروع الأشياء التي شاهدناها». وأضاف «الموسم الماضي كان مبهرا، لذلك يتوقع من ليستر سيتي أن يكافح لتفادي الهبوط».
ورغم أن هناك توقعات تشير إلى أن رانييري هو المدرب الأقرب لفقدان منصبه بين أندية الدوري الإنجليزي، فإن المالكين التايلانديين لنادي ليستر سيتي طمأنوا رانييري ووعدوه بـ«دعمهم الثابت» رغم الوضع المعقد للفريق راهنًا في الدوري الممتاز. وأعلن المالكون في بيان نشر على موقع النادي الإلكتروني: «في ضوء التكهنات الأخيرة، يؤكد نادي ليستر سيتي لكرة القدم دعمه الثابت لمدربه كلاوديو رانييري».
وأضاف البيان: «رغم الإدراك الجماعي في النادي بالحاجة إلى تحسن مستوى الفريق الراهن، فإن النجاح غير المسبوق المكتسب في السنوات الأخيرة، كان مبنيًا على الاستقرار، التضامن والتصميم على تخطي أكبر التحديات». وتابع البيان: «النادي بأجمع سيظل خلف مدربه ولاعبيه، بشكل جماعي وبقوة نركز على التحديات المقبلة».
وقال رانييري إن البيان تم إصداره للإعلام وليس له. وقال: «أعرف تصورات الرئيس. ربما أراد إيقاف كل التكهنات. لم أطلب منه فعل ذلك - كنت أعلم فيما يفكر فيه الرئيس». وقال رانييري إن لديه ثقة كاملة في قدرات فريقه للخروج من الأزمة، حيث قال: «هذا النادي، هؤلاء اللاعبون جاءوا من أسفل الجدول وفازوا بلقب الدوري». وقال رانييري أيضًا إنه ليس لديه مشكلة مع كلمات بعض لاعبيه، خصوصًا شمايكل، الذي قال إن حملة الدفاع عن لقبهم «محرجة للغاية». وقال: «كاسبر أحد قادة الفريق وهو يريد تحفيز الجميع. الأجواء داخل غرفة خلع الملابس رائعة. نحاول أن نبذل أقصى ما في وسعنا، ولكن هذا الموسم كل شيء خطأ. العلاقة تظل مثلما كانت عليه في الموسم الماضي».
وأضاف رانييري: «عندما لا تفوز تفتقد الثقة وهذا طبيعي لكن لحسن الحظ فهؤلاء اللاعبون محاربون. إنهم اعتادوا على القتال واعتادوا على الوجود في مثل هذا الموقف». وقال رانييري: «لقد مروا بظروف جيدة وظروف سيئة أيضًا ولذلك سأبقى مع هؤلاء المحاربين الذين هم على دراية بالمشكلة». وفند رانييري تكهنات بأن لاعبيه فقدوا الثقة في أساليبه. وقال رانييري: «لم أقم بأي تغييرات جديدة. سنلعب منذ الآن بطريقة 4 - 4 - 2. قمت هذا العام بتغيير الأسلوب الخططي بعض الشيء لأنه عندما لا تسير الأمور بشكل جيد يجب البحث عن حل».
وكان البرتغالي جوزيه مورينيو المدير الفني لمانشستر يونايتد دافع عن المدرب الإيطالي قائلا إن رانييري مدرب يستحق الاحترام. وقال مورينيو: «الناس سيتذكرون لسنوات طويلة ما حققه (رانييري)... يرون أن الأمر صعب ولكننا نعرف جيدًا نقاط قوتهم. أنا واثق من أنهم سيحصدون النقاط الكافية للبقاء في الدوري الممتاز».
أما التساؤل الذي يأمل الجميع في العثور على إجابة له: متى ستبدأ صحوة ليستر سيتي؟ حقيقة الأمر، من الواضح أن ما حققه الفريق الموسم الماضي إنجاز يتعذر تكراره مرتين، خصوصًا في ضوء غياب التناغم أو التفاهم الذي بدا واضحًا بين جيمي فاردي وباقي أفراد الفريق على استاد تيرف مور، ولا يتوقع أحد أن يعاود ليستر سيتي التربع على القمة مجددًا.
ومع هذا، تظل الحقيقة أن ليستر سيتي يملك مجموعة جيدة من اللاعبين - لم يفقد منها سوى نيغولو كونتي - ويصعب تصديق أن رانيري استنزف كامل طاقات فريقه الموسم الماضي، بحيث أصبح يقود فريقًا خالي الوفاض الآن. ولننسَ أمر الدفاع عن اللقب قليلاً الآن، ولنتذكر أن الجميع أكد الموسم الماضي أن النجاح الذي حققه ليستر سيتي يعتمد على قوة روح الفريق التي بناها نايجل بيرسون. ولا يزال هذا الفريق قائمًا، حتى وإن بدا أن هذه الروح انحسرت. ولا يزال شمايكل حارس مرمى ممتازًا، ولا يزال ويس مورغان مدافعًا وقائدًا قديرًا، في الوقت الذي لا يزال يبدو رياض محرز كلاعب قادر على حسم نتائج المباريات لصالح فريقه. ولك أن تتخيل حجم الاهتمام الذي ستبديه أندية أخرى لشراء لاعبين من ليستر سيتي.
والمؤكد أن أندية النصف الأعلى من الدوري الممتاز ستسعى بجد لضم لاعبين من النادي، لما أبدوه من مهارات رفيعة. ومع ذلك، يبدو أن الفريق افتقر إلى الروح الحماسية المميزة له. وحتى الفوز الرائع على مانشستر سيتي بنتيجة 4 - 2 اتضح أنه ليس نقطة تحول في مسار الفريق على الإطلاق، وإنما مجرد ومضة مما كان عليه ليستر سيتي الموسم الماضي في مواجهة خصوم سيطر عليهم الاعتقاد بأن ليستر سيتي يشكل خطرًا حقيقيًا. يذكر أن ليستر سيتي فاز بـ39 نقطة من إجمالي 81 نقطة حصدها الموسم الماضي خارج أرضه.
وقد فاز الفريق في 11 مباراة خارج أرضه، وتعادل في ست أخرى. وبالتأكيد هذا إنجاز مذهل ولا عجب أنه قادهم لأن يتوجوا أبطالاً للدوري الممتاز، وإن كان التناقض مع النقاط الثلاث التي حصدها الفريق هذا الموسم من مواجهاته خارج أرضه يبدو هائلاً. ويبدو الفريق الآن في مستوى ينذر باحتمالات هبوطه، إلا إذا نجح في تحويل ملعبه إلى حصن منيع تتعذر هزيمته عليه. إلا أنه بالنظر إلى فوزه في خمس مباريات على أرضه من إجمالي 11 مباراة، يبدو أن ليستر سيتي عجز عن تحقيق ذلك أيضًا.
ليستر سيتي يواجه خطر إفساد أروع رواية في تاريخ الرياضة
نجاح رانييري الموسم الماضي جعله لا يرى الأسباب التي أدت إلى سقوط الفريق هذا الموسم
ليستر سيتي يواجه خطر إفساد أروع رواية في تاريخ الرياضة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة