تقرير: التكنولوجيا تغير شكل مساحات المباني في المستقبل

«جيه إل إل» تدعو المطورين والمستثمرين إلى نظرة تناسب الأعمال الجديدة

تقرير: التكنولوجيا تغير شكل مساحات المباني في المستقبل
TT

تقرير: التكنولوجيا تغير شكل مساحات المباني في المستقبل

تقرير: التكنولوجيا تغير شكل مساحات المباني في المستقبل

توقع تقرير حديث أن توثر التطورات التكنولوجية والتقنية والبيانات على إعادة تهيئة مساحات العمل في المباني العقارية المستقبلية، الأمر الذي يدعو المستأجرين والمستثمرين والمطورين إلى تغيير نظرتهم إلى العقارات والتكيف مع الواقع الجديد من أجل تعزيز عائدات الاستثمار، وخلق مساحات عمل تناسب الغرض المرجو منها في عالم سريع التغير وذي اتصال فعال.
وقال التقرير الصادر من شركة «جيه إل إل» للاستشارات والاستثمارات العقارية، إنه من المرجح أن تركز المحافظ العقارية على المراكز التجارية المحورية، وأن تضم أماكن أقل، نتيجة للتغير في شكل القوى العاملة المصحوب بزيادة في الاتصال، وظهور أنواع جديدة مثل المساحات «البلاتينية المميزة»، وهي المساحات المتميزة والقليلة من الفئة (أ) والمصممة لتناسب احتياجات الشركات العملاقة في عالم الأعمال الجديد.
وذلك إضافة إلى نمو شريحة جديدة من الأصول فائقة الديناميكية التي تستهدف في المقام الأول الشركات الناشئة، والتي تمتاز بمرونة التصميم والبناء لتتماشى مع دورات الأعمال المتقلبة. ومن المتوقع أن يصبح «إنترنت الأشياء» والجيل المقبل من المباني الذكية الأدوات اللازمة لإدارة الإنتاجية والاستدامة وتجربة المستخدمين.
وأشارت الدراسة إلى ظهور فئة أصول جديدة تدمج بين الشراكات التي تجمع بين القيمة المالية والخبرة، مما يسد الفجوة بين المساحات المؤجرة للشركات ومساحات العمل المشتركة.
وأشار التقرير الذي صدر بعنوان «إعادة تهيئة مساحات العمل: مواكبة موجة التغيير الناشئة عن التطورات التكنولوجية»، والذي يتناول أثر التقنية والبيانات والتغيير الرقمي على أماكن العمل واستراتيجيات الاستثمار العقاري، إلى أن الاتصال السريع والفعال يعتبر من العوامل المهمة التي ستحدد عمليات اتخاذ القرارات المتعلقة باختيار الأماكن. كما أن هناك تحولا ضخما في الطلب على مساحات العمل المشتركة؛ ولذلك فمن المتوقع أن تتضمن نحو 30 في المائة من المحافظ المؤسسية مساحات مرنة بحلول عام 2030.
وقال كريج بلامب، رئيس قسم البحوث في «جيه إل إل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»: «نشهد تغيرًا اجتماعيًا وثقافيًا ومؤسسيًا لا يمكن تخيله، إذ إن التغييرات التقنية والمؤسسية تبدل طريقة عملنا والأماكن التي نعمل فيها، وتتيح لنا تتبع أثرنا على البيئة الخارجية وقياس هذا الأثر وتحليله أكثر من أي وقت مضى».
وأضاف أن هناك تغييرات لشاغلي الوحدات والمطورين والمستثمرين حول مدى حاجتهم إلى تغيير نهجهم في التعامل مع سوق العقارات في المستقبل، وستظهر فرص جديدة؛ وسوف يجني ثمارها من يستطيع التجاوب مع هذا التغيير.
وتؤثر التغييرات الحاصلة في البنية التقنية والتنظيمية تأثيرًا بالغًا على أسواق العقارات حول العالم، فهي تهدد بتعطيل خطط المحافظ العقارية للمستثمرين، وخطط العقارات المؤسسية لشاغلي الوحدات، وأيضًا كيفية تصميم وإدارة وتشغيل المباني المنفردة والمدن بأكملها.
ورغم أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ليست في صدارة الكثير من هذه التغييرات العالمية في الوقت الحالي، تعني الطبيعة الشابة والإبداعية والديناميكية للمنطقة أن أسواقها العقارية من المرجح أن تتكيف مع هذه التغييرات بشكل سريع خلال العشرين سنة المقبلة.
وستبرز أسئلة رئيسية حول حجم الطلب الكلي على المكاتب وأماكنها وتخطيطها، وستحتاج هذه الأسئلة إلى اهتمام المستثمرين وشاغلي الوحدات على مستوى المباني المنفردة ومخططي المدن والمسؤولين عن إدارتها أثناء سعيهم للمنافسة وتحقيق النجاح في بيئة عالمية تتزايد فيها التنافسية، وتتسارع فيها خطى التغيير.
وقالت أسماء الدقاق، مديرة أبحاث في «جونز لانغ لاسال» بمنطقة الشرق الأوسط، إن التقرير يركز على كيفية تأثير هذه التغيرات على العقارات في المستقبل، وأضافت: «نحن لا نتحدث عن العام الحالي أو ما بعده، ولكن نتحدث عن شكل العقارات ما بعد 2030، خاصة تأثيرها على فئة المساحات المكتبية».
وزادت الدقاق في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنه في المستقبل سيكون هناك طلب أقل من المساحات ولعدد موظفين أقل، وليس بالضرورة أن يكون العمل الأقل، ولكن سيكون هناك دقة أكثر في تحديد الاحتياجات من المساحات بناء على التقنيات التي ستساعد في الوصول إلى النتائج اللازمة لبناء المساحات وفقًا للاحتياجات الحقيقية.
وأوضحت أنه منذ عام 2005 وحتى 2015، شهدت المكاتب تغيرات كثيرة، حيث كان في السابق هناك كثير من المكاتب تعتمد على تقارير الأوراق، مما يتطلب إيجاد مساحة للأرشيف أو مواقع استخدام الورق، ولكن في الوقت الحالي كثير من الأعمال الورقية باتت تحت مظلة التقنية في الحاسب الآلي أو في الهواتف الذكية، وتم الاستغناء عن الورق. وقالت: «نلاحظ أن العالم بدأ في الاتجاه نحو الاستغناء عن تلك المساحات، ويتوقع أن يكون هناك تغيرات أكثر خلال الفترة المقبلة».
وأشارت الدقاق إلى أنه طالما كان هناك ارتباط بين المساحات المكتبية والقوى العاملة، في الوقت الذي يرتبط الجيل الجديد من الموظفين أو خريجي الجامعات بأجهزتهم الذكية، وبالتالي فعلى أصحاب العقارات أو مدراء الشركات العقارية من الضروري أن يوفروا مساحات إدارية أو مكاتب تجذب هذه الفئة الجديدة من القوى العاملة، بخلاف متطلبات التكنولوجيا التي تتوفر في تلك المساحات.
وزادت مديرة الأبحاث في «جونز لانغ لاسال الشرق الأوسط» أن ذلك يأتي «إضافة إلى التغير في الفكر الإداري، من خلال نزع العوازل بين الأفراد داخل المكاتب والعمل الجماعي بين الموظفين».
كما أوضحت أن «التقرير تطرق إلى ثلاث نقاط رئيسية، أولها أننا في عالم متغير، وكل عام يتغير عن العام الذي سبقه، وهو ما وضح خلال السنوات الماضية، والمتوقع أن يكون في السنوات المقبلة. ثانيًا أن كثيرا من المساحات الإدارية من الضروري أن تعمل على إعادة تهيئة لمكاتبها، وذلك لجذب القوى العاملة الجديدة. وثالثًا أن التغير الذي يحدث في بلد ليس بالضروري أن يحدث في بلد آخر، حيث هناك عادات وتقاليد تحكم البلدان، وهو ما يجعله أمرًا ضروريًا للأخذ بالحسبان».
وحول التصاميم الداخلية للمكاتب، قالت الدقاق إنه من الطبيعي أن يكون هناك تغير في التصاميم الداخلية، من خلال إيجاد بيئة تفاعلية أكثر لتشارك الأفكار بشكل أكبر، مما ينعكس بالإيجابية على العمل، وبالتالي أصبحت هذه المساحات تجذب القوى العاملة الجديدة.
وعن اختلاف التكلفة خلال الفترة المقبلة، قالت إن «التكلفة عامل متغير، وليس بالضرورة أن المباني الذكية ستكون تكلفتها أعلى. وحتى لو أن هناك زيادة بسيطة، فإن أصحاب الشركات والعقارات سيدفعون تلك الزيادة لإضافة القيمة للمباني الخاصة بهم، وبالتالي فإن النتائج التي سيحصل عليها مستخدمو المباني ستكون كبيرة، عطفًا على ما حصلوا عليه».



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».