أعلن الائتلاف الوطني السوري أمس أن المعارضة تتجه لتشكيل وفدها إلى مفاوضات جنيف التي من المفترض أن تعقد في 20 فبراير (شباط) الحالي، رغم رفع الفصائل صوتها مكرّرة رفضها المشاركة في الجولة الرابعة من المفاوضات ما لم يتم تنفيذ الالتزام بالوعود التي حصلت عليها في محادثات آستانة الشهر الماضي كما أعلن رئيس الوفد إلى آستانة، القيادي في «جيش الإسلام» محمد علوش. في وقت تشير فيه مصادر مطلعة إلى أن التوجه هو لتعيين رئيس للوفد من غير العسكريين. ووضعت مصادر في الائتلاف، موقف علوش، في خانة «عرض الإرادات»، معتبرة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه ليس هناك أي خيار أمام المعارضة سوى المشاركة في المفاوضات، في وقت تبقى هذه المواقف ضرورية ومفيدة لحث الروس والإيرانيين لتنفيذ وعودهم، لافتة إلى أن الفصائل ستشارك في اجتماعات الرياض لحسم الموقف في هذا الأمر.
وفي حين تؤكد المعارضة رفضها الخضوع لأي ضغوط تحاول موسكو فرضها عبر إضافة ممثلين لما يعرف بـ«مجموعة حميميم» و«منصة آستانة»، بحسب ما أكد المتحدث باسم الهيئة، رياض نعسان آغا، أشارت معلومات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن التوجه هو لتعيين رئيس للوفد من غير العسكريين، ما لم يتم التصويت عكس ذلك، تفاديًا لبعض المشكلات التي واجهتها في الوفد السابق الذي كان يرأسه العميد أسعد الزعبي ويتولى موقع كبير المفاوضين فيه القيادي محمد علوش.
ويلفت آغا إلى أنه لغاية الآن لا يوجد أي مؤشرات لغياب الهيئة عن جنيف، والتي تشكّل الفصائل جزءًا منها، على أن تقدم اقتراحات لأسماء ممثلين لها كما كل الجهات الأخرى. وأوضح أنه من حيث المبدأ، ستبقى طبيعة تشكيلة الوفد كما هي، لا سيما لجهة العدد، أي 17 شخصًا، والأطراف المعارضة الممثلة فيه، مع تأكيده على رفض الإملاءات الروسية التي تحاول فرض شخصيات من منصة آستانة ومجموعة حميميم اللتين لم يتم ذكرهما في القرار 2254، فيما كانت وستبقى منصتا موسكو والقاهرة ممثلتين في الوفد، مجددًا رفضه إشراك «الحزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي الذي تضع تركيا بدوره «فيتو» على حضوره إلى جانب المعارضة. مع العلم، أن قياديي أكراد كانوا قد أعلنوا أنهم حصلوا على تأكيدات من روسيا بأنهم سيشاركون في جنيف. من هنا، تقول مصادر في الائتلاف لـ«الشرق الأوسط» «سنعمل على تشكيل الوفد بالتوافق مع جميع مكونات المعارضة، أما إذا فرض علينا ما لا نريده، فيعني ذلك تعطيل مشاركتنا في المفاوضات وإيجاد حجج لإبعادنا واستبدال وفد الهيئة بوفد آخر».
وفي حديث لـ«وكالة الأناضول» قال محمد علوش إن الفصائل العسكرية تنتظر تطبيق الوعود التي حصلت عليها في آستانة، وقال: «لا يمكن أن نذهب إلى مكان آخر قبل تطبيق مطالبنا على الأرض، وهي: وقف إطلاق النار والإفراج عن المعتقلين والمعتقلات لا سيما النساء والأطفال، وفك الحصار عن المناطق المحاصرة باعتبار أن ذلك يساهم في إيجاد بيئة تفاوضية سليمة يمكن أن ننتقل بعدها إلى مسار آخر». وعن تشكيل وفد موحد للمعارضة إلى جنيف، أشار علوش إلى أن «الخطوات والفائدة على الأرض أهم من تشكيلة الوفد؛ فإذا أثمرت آستانة وصارت واقعًا على الأرض فسيكون إشراك باقي قوى الثورة الحقيقية بشكل صادق أمرًا واجبًا، والهيئة العليا للتفاوض (الممثلة للمعارضة) أخذت على عاتقها أن تفعل ذلك، ونحن مؤيدون للعمل إذا كان هناك حقيقة واقعة على الأرض». وأضاف: «الأمر الآن في يد روسيا، فالمعارضة وقعت الاتفاقية والتزمت بها وأوفت بالضمانة التركية، إلا أن الجانب الآخر المتمثل بإيران والنظام السوري والذي ضمنته روسيا لم يلتزم بالاتفاقية».
ولفت إلى أن «فشل روسيا في الإيفاء بما ضمنته هذه المرة يعني أنها ستفشل في المرات القادمة كما أن ذلك يدل على عدم وجود نية حسنة أو تمهيد لوجود حل».
وكان الائتلاف الوطني بحث في اجتماعات له، جهوزية المعارضة السورية للمشاركة في مفاوضات جنيف لبحث عملية الانتقال السياسي وفق ما نص عليه بيان جنيف والقرار 2254. وبحسب بيان صادر عن المكتب الإعلامي للائتلاف، ركّز الاجتماع على قضيتين رئيسيتين، الأولى وهي جدول أعمال مفاوضات جنيف القادمة، وتم التأكيد على ضرورة أن تنطلق المفاوضات بما انتهت إليه مفاوضات جنيف 3 الأخيرة، حيث ذكر المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا في إحاطته أمام مجلس الأمن والتي تحمل رقم 7774، أنه تم الاتفاق فيها على البدء بتطبيق عملية الانتقال السياسي. ولفت البيان إلى أن القضية التي تم البحث بها، هي عملية تشكيل الوفد المفاوض في جنيف، مشيرًا إلى أن الأسماء سيتم الإعلان عنها في نهاية اجتماع الهيئة العليا للمفاوضات المرتقبة في 10 و11 فبراير الحالي.
إلى ذلك، أكد سالم المسلط المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات السورية لـ«الشرق الأوسط»، أن العاصمة السعودية ستستضيف يومي 10 و11 فبراير الحالي اجتماعات الهيئة العليا للمفاوضات لبحث آخر مستجدات القضية السورية.
وأوضح العميد أسعد الزعبي رئيس الوفد المفاوض إلى جنيف، أن اجتماعات «هيئة المفاوضات»، ستتناول نتائج اجتماعات آستانة، ونتائج اجتماعات موسكو التي ضمت بعض فصائل المعارضة السورية، إضافة إلى التصريحات الأخيرة التي أطلقها ستيفان دي مستورا المبعوث الأممي إلى سوريا، بشأن تشكيل وفد للمعارضة.
واعتبر الزعبي أن موسكو شريك في التصعيد العسكري الأخير في سوريا، لافتًا إلى أنها لم تلتزم بإخراج كل الميليشيات التي وعدت بإخراجها سابقًا، كما أن النظام السوري بدأ حشد عناصره على الغوطة الشرقية مما ينذر باقتحامها.
وجدد التأكيد على أن مشاركة الهيئة العليا للمفاوضات تبدو معتمة في الوقت الراهن، بالنظر إلى مطالب الروس بإعداد وفد آخر يضم الأطياف السورية كافة، لافتًا إلى أن كل الوفود التي ذهبت إلى المفاوضات ممثلة لجميع أبناء الشعب السوري.
من جهته، أوضح الدكتور هشام مروة عضو اللجنة القانونية في الائتلاف الوطني السوري، أن اجتماعات الرياض ستركز بشكل أساسي على تشكيل الوفد التفاوضي إلى جنيف 4، مشددًا على أن الوفد سيكون واحدًا وسيضم الأطياف السورية كافة، وممثلين عن الفصائل السورية الثورية.
وأضاف مروة لـ«الشرق الأوسط» أن الهيئة انتبهت إلى محاولات إنشاء وفد آخر يضم الفصائل المسلحة خلال المفاوضات السابقة بآستانة، كي يكون مستقلاً بالمفاوضات، مفيدًا أن ذلك لم يمر على الوفد الذي مثّل الهيئة العليا للمفاوضات في آستانة.
وأشار إلى أن الهيئة لم تتلق حتى الآن أي رد على الوثائق التي قدمها وفد المعارضة حول تثبيت وقف إطلاق النار، موضحًا أن الضمان الروسي الذي قدم مع اتفاقية وقف إطلاق النار محل شك، لعدم الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار.
تباين بين سياسييّ المعارضة وعسكرييها حول المشاركة في «جنيف»
توجه لتعيين رئيس «مدني» لرئاسة الوفد المفاوض
تباين بين سياسييّ المعارضة وعسكرييها حول المشاركة في «جنيف»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة