في الوقت الذي أغلقت فيه أبواب السفر في وجه السوريين، وبات التنقل خارج البلاد وداخلها واحدة من مشكلات معقدة وحتى خطيرة، بادرت الشركة السورية للنقل والسياحة بإطلاق ما وصفته بالخدمة «غير المسبوقة» لتنشيط السياحة، التي «تضررت كثيرًا خلال الحرب في سوريا» حسب تعبير صحيفة تابعة للنظام.
ونشرت صحيفة «تشرين»، خبرا مفاده أن المدير العام للشركة، ناصر قيدبان، نشر على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أن إطلاق خدمة «يا مرحبا» في مطار دمشق الدولي سيتم في القريب العاجل. وستتضمن الخدمة «حزمة من التسهيلات كتسريع إجراءات السفر، وخدمة الحراسة والحماية والحجز الفندقي، إضافة إلى خدمة نقل الأمتعة والحقائب مجانًا».
والمفارقة أن الصحيفة التي زفت الخبر لقرائها المحليين، لم تذكر أي شيء عن الوضع المتردي لمطار دمشق الدولي، من حيث عزوف غالبية المسافرين السوريين عن استخدامه للسفر خارج البلاد، أهمها الأسباب الأمنية وتعقيد إجراء التفتيش، وصعوبة السفر على متن الخطوط السورية التي أغلقت في وجهها معظم المطارات الدولية في العالم، بعد فرض العقوبات الأميركية والأوروبية على النظام السوري.
وتراجعت وجهات الخطوط السورية بنسبة تزيد على 70 في المائة، ويترتب على المسافر إلى أوروبا أو أميركا ودول آسيا، استبدال الطائرة السورية في المطارات القليلة المتاحة في بعض الدول العربية أو إيران وروسيا وبعض دول أوروبا الشرقية.
وخلال السنوات الأربع الماضية تحولت حركة السفر نحو مطار بيروت بالدرجة الأولى، وعلى نحو أقل إلى مطار عمان. ويتكبد المسافر من سوريا عبر مطار بيروت ضعفي التكاليف، حيث تضاف إلى التكاليف النقل البري الشاق. ويقول صاحب أحد مكاتب السفر والسياحة في دمشق، إن «السوريين يفضلون السفر عبر مطار دمشق؛ نظرا لصعوبة السفر إلى بيروت وعمان، ولارتفاع التكاليف، ولكن وضع الطيران السوري وفوضى المطار وارتباك مواعيد الإقلاع وسوء الخدمات تجعلهم يتجهون إلى مطار بيروت». وتعليقا على الخدمة الموعودة «يا مرحبا» يقول: «إذا صح الخبر، فإن الخدمة ستكون لصالح من يقصدون دمشق للسياحة الدينية من العراق وإيران وأفغانستان، إضافة إلى العاملين في سوريا من الميليشيات المسلحة الشيعية، فهؤلاء هم من يشغلون مطار دمشق الدولي، إضافة إلى الرحلات الداخلية المدنية والعسكرية من دمشق إلى القامشلي ودير الزور المحاصرة».
ويقوم النظام بنقل الجنود والمؤن وجثث قتلاه وجرحاه من دمشق إلى دير الزور والعكس عبر الطيران. وبحسب مصادر مطلعة، فقد تم تفريغ بعض الطائرات من مقاعدها لتتسع لكمية أكبر من الحمولات البشرية والمادية. وتقول المصادر أنهم ينقلون الأغنام والبشر الأموات والأحياء معا في تلك الطائرات، بعدما حاصر تنظيم داعش مدينة دير الزور بشكل كامل، وما زالت قوات النظام متواجدة داخلها.
يؤكد بشير، وهو تاجر سوري لديه أعمال في طهران، أن معظم المسافرين الذين يلتقيهم في مطار دمشق أثناء ذهابه وإيابه من الشيعة الإيرانيين والأفغان والعراقيين، ويلفت بشير إلى أن مطار دمشق الذي يفضل السفر من خلاله إلى طهران وموسكو تحول إلى ما يشبه محطات انطلاق حافلات النقل العام الشعبية في سوريا، مضيفا: «عدا فوضى المواعيد وانعدام النظافة والرشى، فإن موظفي المطار يشعرون المسافر بأنه شخصا غير مرغوب أن لم يوزع عليهم رشى».
ومطار دمشق الدولي هو أكبر مطار دولي في سوريا، 25 (كم شرق دمشق)، تم إنشاؤه عام 1970، ويعتبر المقر الرئيسي ومركز عمليات مؤسسة الطيران العربية السورية.
وتوقف نشاط الشركة السورية للنقل والسياحة التي تأسست عام 1952 في عام 2007، لتعود وتعمل من جديد في النصف الثاني من عام 2014، ويشارك في ملكيتها كل من وزارة السياحة بنسبة 67.1 في المائة ومصرف التوفير 32.7 في المائة، والقطاع الخاص بنسبة 0.2 في المائة.
ونشطت خلال السنوات الخمس الماضية شركات نقل جوي قطاع خاص مملوكة بمعظمها لرجال أعمال مقربين من عائلة رئيس النظام بشار الأسد، أهمها شركة «أجنحة الشام» لرامي مخلوف، ابن خال الرئيس، وقد ورثت هذه الشركات تركة المؤسسة العربية السورية للطيران من تجهيزات وموظفين، الذي باتوا عاطلين عن العمل بسبب العقوبات الاقتصادية.
خدمة «يا مرحبًا» في مطار دمشق المتهالك
تستفيد منها السياحة الدينية وعناصر الميليشيات الطائفية في سوريا
خدمة «يا مرحبًا» في مطار دمشق المتهالك
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة