تؤكد مصادر جامعة أكسفورد البريطانية، أنها أقدم جامعة في العالم الناطق باللغة الإنجليزية على الإطلاق، ولكنها مع ذلك لا تحتل المركز الأقدم بين الجامعات الأوروبية والذي تحتكره جامعة بولونيا الإيطالية، التي بدأ التدريس فيها في عام 1088، أي قبل جامعة أكسفورد بنحو 8 سنوات.
وكلا الجامعتين يعود تاريخهما إلى القرن الحادي عشر، أي أنهما أقدم من حضارة الأزتيك في قارة أميركا اللاتينية التي يعود تاريخها إلى عام 1325. كما أنهما أقدم من اكتشاف كرستوفر كولومبوس للقارة الأميركية في عام 1492. وأقدم كذلك من اكتشاف البحارة البرتغالي بارتولميو دياس لرأس الرجاء الصالح جنوب القارة الأفريقية في عام 1488.
ونشأت هذه الجامعات وغيرها فيما بعد في العصور التي تسمى «الوسطى» التي سبقت عصر النهضة، وهي مرحلة جاءت بعد تدهور الإمبراطورية البيزنطية وسيادة النورمانديين على كثير من أنحاء أوروبا. وتميزت هذه المرحلة بنمو السكان في المدن وتبلور فكرة الرأسمالية ونمو التجارة.
وكان القرن الحادي عشر فترة ازدهار إسلامي انعكس على تطور العلوم والفلسفة والأدب. وهو العصر الذي ازدهرت خلاله الدولة الفاطمية في مصر، وبلغت أوج قوتها وانتشارها. وفي آسيا الوسطى ازدهرت حضارة السلاجقة عقب تدهور الخلافة العباسية. وشهدت نهاية القرن الحادي عشر بداية الحملات الصليبية على بيت المقدس.
في مثل هذا الوقت، كانت نشأة أولى الجامعات الأوروبية التي لم يتوقف فيها التعليم منذ ذلك العصر وحتى الآن. وكان تعريف الجامعة تاريخيا هو أنها تتكون من مجموعة من الأساتذة الذين يعلمون الطلبة وفقا لقواعد محددة، وفي استقلال إداري تام عن السلطات في تقرير المواد الدراسية وأهداف الأبحاث العلمية ومنح الشهادات المعترف بها اجتماعيا. ومع ذلك كان العصر الأوروبي حينذاك يعيش في مناخ ديني يسيطر عليه الراعي الروحي للكاثوليكية، وهو بابا روما.
وفي القرون التالية، تطورت الجامعات الأوروبية وزاد استقلالها وتبلورت شخصيتها وحلت محل جميع معاهد التحصيل العلمي والديني الأخرى التي كانت سائدة قديما. ومن غرب أوروبا في القرنين الحادي والثاني عشر انتشرت الجامعات إلى شرق ووسط أوروبا في القرنين الرابع والخامس عشر، ثم إلى أميركا في القرن السادس عشر، وأستراليا في القرن التاسع عشر، ثم إلى أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا في القرنين التاسع عشر والعشرين.
* «بولونيا» من إيطاليا إلى الأرجنتين
ويمكن العودة إلى بداية نشأة الجامعات الأوروبية بلمحة عن جامعة بولونيا في إيطاليا التي نشأت في عام 1088، وسميت «الجامعة» (يونيفرسيتاس باللاتينية) منذ نشأتها الأولى. وتلقت هذه الجامعة في عام 1158 ميثاقا من الإمبراطور فردريك الأول، وضعت فيه الحقوق والامتيازات والقواعد التي يجب أن تسير عليها الجامعات العلمية. وضمت الجامعة في بدايتها نحو 85 ألف طالب في 11 مدرسة تضم 28 كلية مختلفة. وكان لها مقار في عدة مدن إيطالية، وافتتحت فيما بعد فرعا لها في بوينس آيرس في الأرجنتين. وكان نظام التعليم ينقسم إلى مرحلة أولى لمدة 3 سنوات تعقبها مرحلة متقدمة لمدة سنتين يتخرج بعدها الطالب. ويمكن دراسة دورات متخصصة فيما بعد يحصل بعدها الطالب على لقب «ماستر» أو ما يعادل درجة الماجستير الحديثة.
ومنحت جامعة بولونيا شهادات في الزراعة والطب البيطري والاقتصاد والإدارة والإحصاء والهندسة والمعمار واللغات والأدب والقانون والفنون والطب والجراحة والعلوم السياسية وعلم النفس. وتخرج في الجامعة على مر التاريخ كثير من المشاهير، منهم أكثر من «بابا» وعشرات من المسؤولين الكبار والدبلوماسيين في إيطاليا، بالإضافة إلى المخترع ماركوني، ومؤسس شركة فيراري، آينزو فيراري. وتقع الجامعة الآن في الترتيب 208 بين أفضل جامعات العالم، والأولى على المستوى الإيطالي.
* «أكسفورد» الأولى في العالم الناطق بالإنجليزية
أما جامعة أكسفورد، فهي تمثل الجامعة الأولى في العالم الناطق باللغة الإنجليزية، ونشأت في عام 1096، رغم أن عام نشأتها مختلف عليه، ويمكن أن يصل إلى عام 1167. وفي هذا العام بدأ النمو السريع للجامعة، خصوصا بعد أن منع الملك هنري الثاني توجه الطلبة البريطانيين للتعلم في جامعة باريس.
واستمرت الجامعة في تدريس العلوم والآداب بلا انقطاع منذ ذلك التاريخ، فيما عدا عامين، في 1209 احتجاجا على إعدام المدينة لاثنين من معلميها، ثم في عام 1355 بسبب احتجاجات ومظاهرات عامة شعبية. واستمرت الجامعة في تدريس المواد حتى أثناء فترة الحرب الأهلية بين عامي 1642 و1651. وتلقت الجامعة ميثاق اعتمادها من البابا أنوسينت الرابع في عام 1254.
وتضم جامعة أكسفورد 38 كلية تشمل معظم المواد الأكاديمية والعلمية، وتحكم الجامعة نفسها بنفسها عبر قوانينها الداخلية. وتتميز جامعة أكسفورد بأنها منحت أقدم منحة دراسية مجانية في العالم باسم «رودس سكولارشيب» كما أن بها أقدم متحف أكاديمي في العالم، وأكبر دار نشر أكاديمية أيضا. وتحتوي الجامعة على أكبر مكتبة أكاديمية في بريطانيا.
تخرج في جامعة أكسفورد على مر القرون كثير من العظماء، منهم 28 حاصلا على جائزة نوبل و27 رئيس وزارة بريطانيًا، وكثير من رؤساء الدول الأخرى. وهي ثاني أغنى الجامعات البريطانية بدخل سنوي يقدر الآن بنحو 1429 مليون إسترليني (1786 مليون دولار) مكونة من منح الأبحاث العلمية ومصروفات الطلبة. وهناك أوقاف للإنفاق على كليات أكسفورد تبلغ قيمتها 3.8 مليار إسترليني (4.75 مليار دولار). وهي تقع دوريا بين أول 10 جامعات في العالم، وتحتل حاليا المركز الأول عالميا، وفقا لتصنيف صحيفة «التايمز» ومطبوعة «فوربس».
ومن أشهر خريجي جامعة أكسفورد لورانس العرب، وسير والتر رالي، وروبرت مردوخ. ومن الزعماء السياسيين الذين درسوا في جامعة أكسفورد، كل من بيل كلينتون وبنازير بوتو وويليام غلادستون وهارولد ماكميلان وإدوارد هيث ومارغريت ثاتشر وتوني بلير وديفيد كاميرون ورئيسة الوزراء الحالية تيريزا ماي. وقد درس الملك الأردني عبد الله الثاني في جامعة أكسفورد، كما درس فيها كثير من الأدباء، مثل أوسكار وايلد وتي إس إيليوت.
* سالامانكا الإسبانية خرّجت كاتب «دون كيشوت»
في المركز الثالث من حيث أقدمية التأسيس تقع جامعة سالامانكا الإسبانية، التي تقع في مدينة تحمل الاسم نفسه إلى الغرب من العاصمة مدريد، وتأسست في عام 1134. وهي أقدم جامعة في إسبانيا، وتلقت ميثاق الاعتراف بها جامعةً، من ألفونسو العاشر ملك كاستيل وليون في عام 1254.
كثير من خريجي جامعة سالامانكا عملوا في الحكومة والمجالس الحكومية في فترات محاكم التفتيش الإسبانية واضطهاد اليهود والمسلمين في إسبانيا وغزو غرناطة. كما أن كولومبوس طلب من مجلس حكومي ملكي مكون في معظمه من خريجي سالامانكا، الإذن له بالبحث عن طريق بحري غربي إلى الهند، والذي أدى في النهاية إلى اكتشاف الأميركتين. من أشهر خريجيها ميغيل دي سيرفانتيس مؤلف رواية «دون كيشوت»، أهم رواية كلاسيكية في الأدب الإسباني.
* خلاف أكاديمي وراء تأسيس «كمبردج»
في المركز الرابع تقع جامعة كمبردج البريطانية التي تأسست عام 1209. وأسسها مجموعة من الأكاديميين انشقوا على جامعة أكسفورد، بعد خلاف نشأ عقب إعدام اثنين من معلمي الجامعة في عام 1209. وهي الجامعة الوحيدة التي تأسست مدينة أميركية على اسمها، هي كمبردج ماساشوسيتس. كما أن جامعة هارفارد الأميركية تحمل اسم جون هارفارد، وهو أحد خريجي جامعة كمبردج. من أشهر خريجيها السير إسحاق نيوتن مكتشف الجاذبية الأرضية، وتشارلز داروين صاحب نظرية النشوء والتطور. وهي أثرى جامعة بريطانية بموارد يصل حجمها إلى 5.9 مليار إسترليني (7.3 مليار دولار). وهي تقع الآن في الترتيب الخامس عالميا والثاني بريطانيًا بعد أكسفورد.
* إيطاليا تتألق ثانية
في المركز الخامس أوروبيًا، تقع جامعة بادوا الإيطالية في مدينة بادوا، التي تقع شمال إيطاليا بالقرب من البندقية. ومثل كمبردج، تم تأسيس جامعة بادوا من مجموعة من الأكاديميين المنشقين عن جامعة بولونيا، وذلك في عام 1222. وتأسست الجامعة للتخصص في القانون، وهي تعد الآن الجامعة الثانية في إيطاليا من حيث الترتيب الأكاديمي. وبلغ عدد طلاب الجامعة في عام 2010 نحو 65 ألف طالب يدرسون فيها العلوم الزراعية والاقتصاد والعلوم السياسية والهندسة والعلوم الاجتماعية والقانون والطب وعلم النفس.
7:57 دقيقة
أقدم وأعرق جامعات أوروبا تسبق اكتشاف أميركا
https://aawsat.com/home/article/847436/%D8%A3%D9%82%D8%AF%D9%85-%D9%88%D8%A3%D8%B9%D8%B1%D9%82-%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D8%A7-%D8%AA%D8%B3%D8%A8%D9%82-%D8%A7%D9%83%D8%AA%D8%B4%D8%A7%D9%81-%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%83%D8%A7
أقدم وأعرق جامعات أوروبا تسبق اكتشاف أميركا
«بولونيا» و«أكسفورد» تأسستا قبل حضارة الأزتيك اللاتينية
أقدم وأعرق جامعات أوروبا تسبق اكتشاف أميركا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة