البرلمان التونسي يصادق على تشكيل لجنة تحقيق في شبكات تجنيد الشباب

البرلمان التونسي يصادق على تشكيل لجنة تحقيق في شبكات تجنيد الشباب
TT

البرلمان التونسي يصادق على تشكيل لجنة تحقيق في شبكات تجنيد الشباب

البرلمان التونسي يصادق على تشكيل لجنة تحقيق في شبكات تجنيد الشباب

صادق 132 نائبًا في البرلمان التونسي أمس، على تشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في شبكات تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر، وذلك بعد فترة طويلة من الانتظار بين أروقة البرلمان التونسي، وشكوك متبادلة حول الأهداف غير المعلنة من وراء تشكيلها، والأطراف السياسية المستهدفة في حال توصلها إلى نتائج.
ويأتي قرار انعقاد جلسة أمس إثر تقدم نحو مائة نائب في البرلمان التونسي بطلب إلى رئاسة المجلس للتصويت على هذه اللجنة وللاتفاق على إحداثها. ومن بين النواب الذين تقدموا لإحداث هذه اللجنة نواب من حركة النهضة ومن أحزاب الائتلاف الحاكم بزعامة حزب النداء، وعدد مهم من نواب المعارضة داخل البرلمان.
ومن خلال تصريحات عدد من النواب إثر التصديق على إحداث هذه اللجنة البرلمانية، تتولى هذه اللجنة التحقيق «بمن سهل عمليات التسفير والتجنيد للشباب التونسي، ومن تولى دمجهم ودعمهم للتوجه إلى بؤر التوتر» خارج البلاد.
وحول صلاحيات هذه اللجنة، قالت هالة عمران النائبة عن حركة نداء تونس إنها «ستتولى مسؤولية سياسية بالأساس، وهي مدعوة لتحميل المسؤولية إلى مختلف الأطراف السياسية أو الأمنية التي سيكشف التحقيق عن تورطها في تسفير آلاف التونسيين إلى بؤر التوتر والتحاقهم بالتنظيمات الإرهابية خصوصا في سوريا والعراق وليبيا».
وأكدت عمران على أن «المسؤولية مضاعفة في هذا المجال، فمن تسبب في تسفير الشبان سيجد نفسه اليوم في مواجهة مشكلة أكبر تتمثل في ملف عودة الإرهابيين بالآلاف إلى التراب التونسي وما سيطرحه من تحديات أمنية واجتماعية».
بدوره، عبر مجلس شورى حركة النهضة المنعقد نهاية الأسبوع الماضي عن مساندته لموقف حكومة الشاهد فيما يتعلق بملف الإرهابيين العائدين من خارج تونس، وأكد على ضرورة معالجة الملف ودعا إلى حل هذا الملف بالاعتماد على ما ورد في الاستراتيجية الوطنية لمقاومة الإرهاب.
وشككت عدة أطراف سياسية وحقوقية في جدوى تشكيل هذه اللجنة وقالت إن مآلها سيكون مثل عدة لجان برلمانية أحدثت لمعالجة ملفات معينة؛ مثل الاعتداء على مقر نقابة العمال في ديسمبر (كانون الأول) 2013.
وحول ذلك، قال غازي الشواشي النائب عن حرب التيار الديمقراطي المعارض إن افتقار لجان التحقيق البرلمانية لإطار قانوني وتداخل عملها مع عمل السلطة القضائية سيعيق عملها لاحقا على حد تعبيره. وأشار الشواشي إلى صعوبة التحقيق في الجرائم الإرهابية مهما كانت طبيعتها، ناهيك وأنها تخضع لقانون مكافحة الإرهاب، وهذا من أهم الملفات التي تشتغل عليها السلطة القضائية خصوصا القطب القضائي لمكافحة الإرهاب.
ومن شأن هذه الوضعية الشائكة أن تجعل النتائج التي ستصل لها هذه اللجنة عسيرة للغاية وتتطلب دراية قانونية وأمنية، دون أن نغفل الهدف الأهم من وراء تشكيلها ألا وهو الكشف عمن وقف وراء تشجيع الشباب التونسي على الانضمام إلى الشبكات الإرهابية.
وتوجه عدة أحزاب تونسية يسارية بالأساس التهم إلى تحالف «الترويكا» الذي حكم خلال الفترة المتراوحة بين 2011 و2013 بزعامة حركة النهضة، بالوقوف وراء تسهيل جل عمليات تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر في الخارج وهو ما نفته قيادات الحركة في أكثر من مناسبة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.