أظهر المنتخب المصري عودته بقوة إلى نهائيات كأس الأمم الأفريقية التي يحمل الرقم القياسي في عدد ألقابها، بتأهله لنصف النهائي على حساب المغرب، وليصبح الممثل العربي الوحيد بالبطولة بعد خروج تونس وقبلها الجزائر.
وتلتقي مصر في نصف النهائي غدا مع بوركينا فاسو التي تأهلت على حساب تونس، بينما تتواجه في نصف النهائي الثاني الخميس الكاميرون وغانا، علما بأن البطولة المقامة في الغابون تختتم في الخامس من فبراير (شباط) بنهائي بين الفائزين في ليبرفيل.
وتشارك مصر، حاملة اللقب سبع مرات، ثلاث منها متتالية (2006، و2008، و2010)، في بطولة 2017 بعدما غابت عن النسخ الثلاث الأخيرة، وهي كانت آخر المتأهلين لنصف النهائي، بتغلبها على المغرب (1 - صفر) مساء أول من أمس، بهدف في الدقيقة 87 للبديل محمود كهربا. وهو الفوز الأول لمصر على المغرب منذ 31 عاما وتحديدا منذ نصف نهائي كأس الأمم الأفريقية 1986 في القاهرة، عندما انتصر الفراعنة بهدف طاهر أبو زيد في طريقهم إلى إحراز اللقب.
كما أنه الفوز الثالث فقط لمصر على المغرب في 26 مباراة بينهما، مقابل 12 خسارة و11 تعادلا.
وقدمت مصر مستوى لافتا، إذ رفعت سلسلة مبارياتها دون خسارة في النهائيات إلى 23 (18 فوزا و5 تعادلات)، وتمضي بثبات في سعيها للقب الثامن. كما حافظ حارس مرماها المخضرم عصام الحضري، 44 عاما، الذي بات هذه السنة أكبر لاعب يشارك في نهائيات الأمم الأفريقية، على نظافة شباكه في المباريات الأربع لهذه البطولة.
وقبل مواجهة نصف النهائي ستستعيد مصر ذكريات من 19 عاما، عندما توجه منتخبها إلى بوركينا فاسو لخوض فعاليات بطولة كأس الأمم الأفريقية 1998 وسط توقعات بخروج مبكر، لكن «الفراعنة» فجروا المفاجأة وقتها بالتغلب على أصحاب الأرض في نصف النهائي، قبل أن يسقطوا المنتخب الجنوب أفريقي حامل اللقب في النهائي ويتوجوا بلقبهم الرابع.
ومع تأهل المنتخب المصري للمربع الذهبي للبطولة الأفريقية الحالية، ظهر كثير من الملامح المشتركة بين الفريق في نسخة 1998 والفريق في مشاركته الحالية، ولكن سمة واحدة تظل هي العامل المشترك الأكبر بين المشاركتين حتى الآن، وهي الواقعية في الأداء والتعامل مع المباريات خطوة بخطوة.
وفي عام 1998، أثار المدرب الأسطورة الراحل محمود الجوهري، المدير الفني للمنتخب المصري آنذاك، موجة من الجدل عندما أشار إلى أن فرصة الفريق في المنافسة على اللقب تبدو هزيلة، وأنه قد يحتل المركز الثالث عشر، وربما الأخير من بين 16 منتخبا شاركت في البطولة.
ولكن الجوهري قاد الفريق من مباراة لأخرى بمنتهى الواقعية، حيث اجتاز الدور الأول عبر مجموعة ضمت معه منتخبات المغرب وزامبيا وموزمبيق بالفوز على موزمبيق (2 - صفر) ثم على زامبيا (4 - صفر) قبل الهزيمة من المغرب (صفر - 1).
كما تغلب المنتخب على المنتخب الإيفواري (5 - 4) بركلات الترجيح بعد التعادل السلبي في دور الثمانية، ثم أكمل الفراعنة طريقهم إلى منصة التتويج باللقب عبر الفوز (2 - صفر) على بوركينا فاسو في المربع الذهبي، و(2 - صفر) أيضا على جنوب أفريقيا في النهائي.
والآن، يبدو المنتخب المصري قريبا من تكرار السيناريو نفسه، بعدما اجتهد المدرب الأرجنتيني هيكتور كوبر في استغلال إمكانيات فريقه بشكل رائع في مواجهة فرق قد تتفوق عليها من حيث الإمكانيات الفنية والبدنية.
واستهل المنتخب المصري البطولة الحالية بتعادل سلبي ثمين مع منتخب مالي ثم حقق فوزا متأخرا (1 - صفر) على المنتخب الأوغندي العنيد قبل أن يحجز الفريق صدارة المجموعة بفوز رائع على منتخب غانا (1 - صفر).
وفي دور الثمانية، تغلب الفريق على النقص في صفوفه لإصابة حارس مرماه أحمد الشناوي ومحمد النني نجم آرسنال ومحمد عبد الشافي الظهير الأيسر، وحقق الفوز على نظيره المغربي (1 - صفر)، رغم خروج المهاجم المصري الأساسي مروان محسن مصابا أيضا في وسط المباراة.
وعلى مدار المباريات الثلاث التي خاضها المنتخب المصري في الدور الأول للبطولة، أحرز الفريق هدفين فقط، ثم سجل هدفا آخر في مباراة المغرب، ليصل إلى المربع الذهبي بثلاثة أهداف فقط.
ولكن شباك الفريق لم تهتز بأي هدف حتى الآن، مما يؤكد أن الفريق إلى جانب تمتعه بخبرة الحارس المخضرم عصام الحضري يتمتع أيضا بأداء دفاعي قوي.
وما يؤكد الأداء الخططي المتميز والواقعي للفريق بقيادة كوبر أن ثلاثا من المباريات الأربع كانت أمام منتخبات تتميز بخط هجومي متميز وهي مالي وغانا والمغرب.
والآن، سيصبح الفريق في أمس الحاجة إلى هذه الواقعية وهذا الأداء الخططي والصلابة الدفاعية عندما يلتقي منتخب بوركينا فاسو غدا في المربع الذهبي للبطولة.
وعقب التأهل لنصف النهائي أشاد الأرجنتيني هيكتور كوبر، المدير الفني للمنتخب المصري، بأداء نظيره المغربي، وعمل مديره الفني الفرنسي هيرفي رينار.
واعترف كوبر بأن فريقه عانى في التعامل مع الكرات العالية التي اعتمدها الفريق المغربي خلال المباراة التي أكد صعوبتها منذ البداية وحتى صافرة النهاية.
وعن اختياراته لتشكيلة الفريق، أكد كوبر أنه المسؤول الأول عن الأمر، مشيرا إلى أنه سيحاول منح اللاعبين فرصة للتعافي قبل مباراة المربع الذهبي.
وعن إصابة محمد النني، لاعب آرسنال الإنجليزي، قال كوبر: «الإصابة أنهت مشوار النني في البطولة على الأرجح... المنتخب بصدد إرسال تقرير طبي حول حالته، إلى النادي الإنجليزي، وسنرى ماذا سيحدث حال تأهلنا للنهائي».
في المقابل، أبدى الفرنسي هيرفي رينار مدرب المغرب رضاه عن أداء لاعبيه رغم الخسارة، وانتهاء أمله في أن يصبح أول مدرب يتوج باللقب الأفريقي مع ثلاثة منتخبات مختلفة، حيث سبق له قيادة زامبيا للقب 2012، وكوت ديفوار في 2015.
ورفض رينار الاستسلام لخيبة الأمل، مشيرا إلى أنه سيركز على الإيجابيات التي خرج بها من البطولة، لأن المنتخب المغربي كان استثنائيا ونجح في استعادة روح الإصرار على الفوز من جديد. وقال: «سنحت لنا فرص كثيرة لم ننجح في ترجمتها، وتمت معاقبتنا بكرة أحدثت دربكة أمام المرمى. هكذا نتعلم من أمور مشابهة».
وقدم رينار التهنئة إلى المنتخب المصري على التأهل وقال: «قدم أداء رائعا على أرضية صعبة».
وإذا كان التاريخ يميل لصالح مصر في مواجهاته أمام بوركينا فاسو، إلا أن المنافس في هذه النسخة أثبت أنه تطور كثيرا، وجدير بمكان في قبل النهائي. وتملك بوركينا فاسو طموحا كبيرا للفوز بأول لقب كبير في تاريخها.
وقبل أربع سنوات بلغت بوركينا فاسو النهائي على نحو مفاجئ في كأس الأمم بجنوب أفريقيا، وتتطلع الآن للتأهل للنهائي مرة أخرى على حساب مصر.
وقال باولو دوارتي، مدرب بوركينا فاسو: «نحلم بأن نحقق ما هو أفضل من 2013. لن يكون الأمر سهلا، لا يمكن أن نعلم المستقبل. الله فقط يعلم. الشيء المهم هو ألا يفقد اللاعبون تواضعهم».
وشقت بوركينا فاسو - التي هزمت تونس (2 - صفر) في دور الثمانية - طريقها رغم أن الإصابة كلفتها اثنين من لاعبيها الأساسيين في الدور الأول.
وحرمت إصابات في الركبة جوناثان بيترويبا - أفضل لاعب في بطولة 2013 - والمهاجم جوناثان زونغو الذي يلعب في إسبانيا، من الاستمرار مع الفريق في الأسبوع الأول.
وتابع دوارتي: «لكننا نملك لاعبين آخرين. هذا فريق بدأت أبنيه قبل سبع سنوات وأعرف قدراته، إنه فريق قادر على تقديم عرض مذهل. الجودة موجودة والثقة أيضا».
وتتمتع بوركينا فاسو بثبات في المستوى في العقود الماضية، ومنذ 1996 تأهلت لعشر من 12 نسخة لكأس الأمم. وتبلي أيضا بلاء حسنا في التصفيات الأفريقية المؤهلة لكأس العالم المقبلة.
لكن النجاح في كأس الأمم سيكون في غاية الصعوبة في الأدوار الأخيرة بالغابون.
وتتمتع المنتخبات الثلاثة في المربع الذهبي، مصر والكاميرون وغانا، بميزة الفوز باللقب من قبل، حيث حصدت مجتمعة نصف النسخ الثلاثين السابقة للبطولة القارية، فيما لم تتذوق بوركينا فاسو طعم التتويج.
وتريد مصر التي لا تزال تتحسس خطاها بعد الغياب لسبع سنوات عن النهائيات أن تواصل السير بنجاح حتى النهائي، وترى أن الجيل الجديد الحالي قادر على إعادة الانتصارات والألقاب.
مصر تضرب موعدًا مع بوركينا فاسو في نصف النهائي غدًا
رينار مدرب المغرب يركز على الإيجابيات رغم الهزيمة وتوديع كأس أمم أفريقيا
مصر تضرب موعدًا مع بوركينا فاسو في نصف النهائي غدًا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة