مشاريع تركية لإدماج الطلاب السوريين بدعم من البنك الدولي

مؤتمر دولي في إسطنبول الشهر المقبل لبحث مشكلات التعليم قبل الجامعي للاجئين

جانب من توقيع ممثلين عن وزارة التعليم التركية وبعثة البنك الدولي، البروتوكول المتعلق بتمويل تعليم اللاجئين السوريين
جانب من توقيع ممثلين عن وزارة التعليم التركية وبعثة البنك الدولي، البروتوكول المتعلق بتمويل تعليم اللاجئين السوريين
TT

مشاريع تركية لإدماج الطلاب السوريين بدعم من البنك الدولي

جانب من توقيع ممثلين عن وزارة التعليم التركية وبعثة البنك الدولي، البروتوكول المتعلق بتمويل تعليم اللاجئين السوريين
جانب من توقيع ممثلين عن وزارة التعليم التركية وبعثة البنك الدولي، البروتوكول المتعلق بتمويل تعليم اللاجئين السوريين

تواجه تركيا تحديًا كبيرًا يتعلق بتعليم السوريين وإدماجهم في النظام التعليمي بعد أن استقبلت أكبر عدد من اللاجئين السوريين من بين الدول الكثيرة التي توجهوا إليها ليصل عددهم فيها إلى نحو 2.7 مليون سوري يتوزعون بين مخيمات اللجوء والمدن.
ووقعت وزارة التعليم التركية مع بعثة البنك الدولي في أنقرة، يوم الجمعة الماضي، بروتوكولاً تتسلم بموجبه 150 مليون يورو لإنفاقها على تعليم أطفال اللاجئين السوريين. وجرى توقيع البرتوكول بمقر وزارة التعليم التركية في العاصمة أنقرة، بحضور كل من نائب مستشار وزارة التعليم التركية أرجان دميرجي ومدير البنك الدولي في تركيا يوهانس زوت ورئيسة إدارة التعاون في بعثة الاتحاد الأوروبي سيمونا غاتي.
وقال دميرجي خلال التوقيع إن السوريين يريدون أن يروا أن العالم لم ينسهم، وأن المسؤولية تجاههم تقع على عاتق العالم كله وليس تركيا وحدها، معتبرًا أن ما يتم تقديمه للسوريين في تركيا لا يختلف عن محاولة إنقاذ شخص من الغرق في البحر.
وأشار إلى أن قرابة 200 ألف طفل سوري يتلقون تعليمهم في نظام تركيا التعليمي ومدارسها، فيما هناك نحو 300 ألف آخرين يتلقون تعليمهم في مراكز الإيواء. وتابع دميرجي أنه تم الوصول إلى 500 ألف طفل من خلال بروتوكول تم توقيعه بين تركيا والاتحاد الأوروبي للمساعدة في تعليم أطفال اللاجئين السوريين.
ويقضي البرتوكول المشار إليه والموقع في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي باستخدام موارد مالية بقيمة 300 مليون يورو مخصصة من الاتحاد الأوروبي بهدف دعم عملية دمج الطلاب السوريين المشمولين بالحماية المؤقتة في نظام التعليم التركي. وتضمن البرتوكول أيضًا تزويد نحو 500 ألف طفل سوري بمواد مكتبية ووسائل تعليمية، ودعمًا لشراء الملابس، وتطوير وسائل خاصة لمتابعة المسيرة التعليمية للطلاب السوريين، وعملية دمجمهم في النظام التعليمي التركي خلال عامين.
وكشف رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في تركيا فرانسيس بيجيوت أن الاتحاد بصدد توفير مورد مالي يبلغ 200 مليون يورو إضافية مخصصة لبناء مدارس. وتعهد الاتحاد الأوروبي بموجب اتفاقية اللاجئين وإعادة القبول الموقعة مع تركيا في مارس (آذار) الماضي بتقديم 3 مليارات يورو لصالح اللاجئين السوريين في تركيا حتى نهاية 2017، إلى جانب 3 مليارات يورو إضافية تقدم حتى نهاية 2018 في حال نفاد الدفعة الأولى. وأشار دميرجي إلى أنه في وقت سابق، تم توقيع بروتوكول مماثل مع بنك التنمية الألماني، بقيمة 115 مليون يورو، من أجل دعم تعليم الطلاب السوريين.
من جانبه أعرب مدير البنك الدولي في تركيا يوهانس زوت عن شكره لوزارة التعليم التركية على دورها في تقديم الدعم لأبناء السوريين، وكذلك للاتحاد الأوروبي من أجل تمويله خطة التعليم، فيما قالت مديرة إدارة التعاون في بعثة الاتحاد الأوروبي، سيمونا غاتي، إن «تركيا أظهرت مدى سخائها من خلال استضافتها قرابة 3 ملايين سوري». وأضافت: «نؤيد كاتحاد أوروبي، وبكل إخلاص، هذه الخطة الطموح التي وضعتها الحكومة التركية لتفادي ظهور جيل ضائع».
وتسببت الأزمة السورية في لجوء ملايين المواطنين، بينهم نحو 2.7 مليون تستضيفهم تركيا، وهم يشكلون 15 في المائة من مجموع سكان سوريا قبل الحرب، بحسب بيانات رسمية تركية. وتستضيف مدينة إسطنبول التركية خلال شهر فبراير (شباط) المقبل المؤتمر الدولي للتعليم ما دون الجامعي للسوريين الذي يهدف إلى تذليل الصعوبات التي تواجه العملية التعليمية على أرض الواقع واقتراح أفضل السبل والآليات للتعامل مع دول الجوار فيما يخص تعليم السوريين. كما يهدف المؤتمر إلى الإسهام في تطوير المناهج التعليمية للطلاب السوريين ودعم القائمين عليها في الداخل السوري ودول الجوار مهنيًا وماديًا، وإيجاد حلول بديلة للمنقطعين عن التعليم ما قبل الجامعي، إضافة إلى تطوير التعليم الإلكتروني وتطبيقه في الداخل وفي دول اللجوء، وتفعيل دور المعاهد الفنية والمتوسطة ودعمها.
ويعقد المؤتمر يومي 18 و19 فبراير برعاية وزارة التربية والتعليم التركية وبدعم وتنظيم مؤسسة عيد الخيرية القطرية والصناديق الإنسانية في منظمة التعاون الإسلامي ومنظمة الحريات وحقوق الإنسان والإغاثة التركية. وكانت وزارة التربية والتعليم التركية عقدت دورات تأهيل للمعلمين السوريين للعمل في مراكز تعليم مؤقتة أقامتها تركيا في مخيمات اللاجئين قبل بداية العام الدراسي الحالي.
وقال قاسم طاهر أوغلو، منسق مركز إصلاحية المؤقت للتدريب والتأهيل في جنوب تركيا، إن وزارة التربية وبالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، نظمت دورات تأهيلية لـ460 معلمًا سوريًا، في منطقتي إصلاحية ونورداغي، بولاية غازي عنتاب. وأشار إلى أنه تم الانتهاء من دورتين خلال أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) الماضيين بإشراف 8 من إخصائيي تدريب وتأهيل، وباستخدام أحدث الوسائل التعليمية، ويخضع المعلمون لامتحانات في نهاية الدورة، ويمنح الناجحون شهادات تمكنهم من العمل ضمن مراكز التعليم المؤقتة في تركيا، مشددًا على أن المعلمين الذين لم يتمكنوا من الحصول على الشهادة لن يتمكنوا من التدريس في تلك المراكز.
وبحسب نائب رئيس الوزراء التركي ويسي كايناك فإن 58 في المائة من اللاجئين السوريين في العالم يواصلون حياتهم في المدن التركية، وأن بلاده توفر السكن والتعليم لجزء من اللاجئين الموجودين على أراضيها، لكنها توفّر الخدمات الصحية للجميع.
وتفيد مصادر تركية رسمية بأن هناك 60 ألف طفل سوري يتلقون حاليًا التعليم جنبًا إلى جنب مع الأطفال الأتراك، إضافة إلى وجود نحو 250 ألف طفل سوري يتلقون التعليم بلغتهم في مراكز التعليم المؤقتة و995 ألف سوري في سن الدراسة من بين نحو 2.7 مليون في تركيا. ومن بين اللاجئين السوريين في تركيا 50 في المائة تحت سن الـ19 عامًا، وتجري عملية دمج الطلاب السوريين في النظام التعليمي التركي بالتشاور مع الحكومة السورية المؤقتة، التي تمثل الشعب السوري في تركيا.
وقبل بدء العام الدراسي الحالي، أجرت وزارة التربية والتعليم التركية تعديلاً يتيح للطلاب السوريين الذين يمتلكون بطاقة الحماية المؤقتة، متابعة دراستهم للسنة الدراسية 2016 - 2017 في الثانويات المهنية التابعة للوزارة حسب الشواغر.
وأتاح التعديل للطلاب السوريين الذين أتموا دراسة المستوى الأول من برنامج تعليم اللغة التركية في مراكز التربية الشعبية بالمحافظات التركية، أو أولئك الذين تمكنوا من النجاح في اختبار المستوى الأول للقراءة والكتابة باللغة التركية، الالتحاق بالصف التاسع في ثانويات الأناضول المهنية والتقنية التابعة لوزارة التربية. كما يتيح التعديل للطلاب السوريين الذين لا يعرفون اللغة التركية الالتحاق بالصف التاسع في ثانويات الأناضول المهنية والتقنية، بشرط تعلم اللغة التركية خلال الفصل الأول من السنة الدراسية 2016 - 2017 في إطار برنامج لتعليم اللغة التركية ستعده الوزارة ضمن الثانويات.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».