ميشال عون: معركة حلب عدّلت موازين القوى في سوريا

الرئيس اللبناني قال إنه ليس مسكونًا بفكرة الموت ولا يفكر في ولاية ثانية

طائرة عسكرية تستعد للهبوط في مدينة حلب بشمال سوريا أمس (رويترز)
طائرة عسكرية تستعد للهبوط في مدينة حلب بشمال سوريا أمس (رويترز)
TT

ميشال عون: معركة حلب عدّلت موازين القوى في سوريا

طائرة عسكرية تستعد للهبوط في مدينة حلب بشمال سوريا أمس (رويترز)
طائرة عسكرية تستعد للهبوط في مدينة حلب بشمال سوريا أمس (رويترز)

أكد الرئيس اللبناني ميشال عون أن معركة حلب عدّلت موازين القوى، وشكلت بداية مسيرة تفاوض للوصول إلى حل سياسي للأزمة في سوريا. وجاء كلام عون في مقابلة تلفزيونية أجرتها معه محطة LCI الإخبارية الفرنسية، في القصر الجمهوري، وهي الإطلالة التلفزيونية الأولى له كرئيس للجمهورية على فرنسا والعالم الفرنكوفوني، وتناول فيها الأوضاع في لبنان والمنطقة والعالم. وأكد عون أن لبنان «لا يمكنه أن يستقبل النازحين السوريين إلى أجل غير مسمى على أراضيه وهو الذي استضافهم لأسباب إنسانية وعليهم أن يعودوا إلى بلادهم».
وتطرق عون إلى الملف السوري، حيث اعتبر أن معركة حلب «أدت إلى تعديل في توازن القوى، لصالح الحكومة السورية»، وأنها «شكّلت بداية مسيرة حوار وتفاوض للوصول إلى حل سياسي؛ لأنّ هذا النوع من الحروب لا ينتهي بانتصار فريق على آخر».
وإذ اعتبر عون أن رئيس النظام السوري بشار الأسد «سيبقى والذين طالبوا برحيله يجهلون سوريا»، فإنّه أعرب عن خشيته من «أننا كنا أمام ليبيا ثانية هنا لولا نظام الأسد حاليًا»، مضيفًا: «الأسد يشكّل القوة الوحيدة التي بإمكانها إعادة فرض النظام وإعادة لم شمل الجميع».
وفي الملف اللبناني، قال عون إن لبنان «أمام الفرصة الأخيرة لإعادة بناء دولة قوية فيه من خلال بناء مؤسسات تعمل لخير الوطن وأبنائه»، رافضًا أن يكون أحد أقوى من الدولة لأن بذلك نصل إلى الفوضى. واعتبر عون أنه للدفاع عن السيادة الوطنية «يجب أن تكون لدينا قوى أمنية جاهزة دائما ومتيقظة، والعمل على تقوية الجيش الذي يضم في صفوفه أبطالا أشداء يخاطرون بحياتهم في سبيل حماية لبنان من الإرهاب الذي يستهدفه وتأمين الاستقرار الدائم فيه».
وردا على سؤال عما إذا كان قلقًا من انتخاب دونالد ترمب رئيسا للولايات المتحدة الأميركية، على ضوء إعادة النظر بالاتفاق مع إيران ويتطلّع إلى نقل سفارته إلى القدس، أوضح عون «أنّ لبنان جزء من هذا العالم. والأمر يقلق أولا الأميركيين».
وحول ما إذا كان يعتقد «أن الانحدار إلى الجحيم الذي عرفه لبنان، البلد الديمقراطي والتعددي، هو مصير مأساوي يمكن أن يحصل في فرنسا أو أي دولة في الغرب»، قال عون: «لقد طرحت على نفسي هذا السؤال، مذ كنت في فرنسا»، مضيفًا: «بالنسبة إلى الدول الإسلامية، فلقد رأيت ذلك منذ عام 1994، حيث ذكرت في مقابلة صحافية بوضوح أن المتطرّفين سيصلون إلى الحكم لكنّهم سيفشلون لأن الحلول التي يحملونها هي من الماضي، في الوقت الذي تتطلّب فيه المسائل حلولا للحاضر والمستقبل». واعتبر «أن على العالم أن يعيد النظر بأنظمة الدفاع والأمن لديه، ومن ثم أن يعيد النظر في كل شيء».
ورأى رئيس الجمهورية أن لبنان الغد «سيكون المثال الذي سيعتمده العالم، على الرغم من كل التطرّف الموجود في هذا العالم اليوم. فأنظمة الأحزاب الأحادية والديانة الواحدة والعرق الأحادي... كلها لن تعود موجودة، وعالم التعددية هو الذي سينتصر».
وتناولت المقابلة نواحي شخصية بالنسبة إلى الرئيس عون، فأشار ردا على سؤال أنه ليس مسكونا بفكرة الموت، مثل حال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي قال إن «رئاسة الجمهورية مسكونة به»، وقال: «ربما توصّلت إلى حل للمسألة إذ قلت لنفسي سيأتي يوم وأموت فيه، فلماذا علي أن أفكّر الآن بهذا الموضوع؟». وسئل رئيس الجمهورية: متى ستفكّرون بولاية ثانية؟ فأجاب: «أنا لا أفكر بولاية ثانية. أحبّ أن تكون لدي خلافة جيّدة»، مشيرا إلى أنه يعد العدّة لخلافة جيدة و«عندها نشكّل مثالاً».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».