نيجيرفان بارزاني: بغداد تعامل إقليم كردستان وكأنه محافظة

توقع مزيدًا من الدعم في عهد الإدارة الأميركية الجديدة

نيجيرفان بارزاني
نيجيرفان بارزاني
TT

نيجيرفان بارزاني: بغداد تعامل إقليم كردستان وكأنه محافظة

نيجيرفان بارزاني
نيجيرفان بارزاني

اتهم نيجيرفان بارزاني، رئيس حكومة إقليم كردستان، الحكومة الاتحادية في بغداد بأنها لم تنفذ أيًا من التزاماتها الدستورية تجاه الإقليم، متوقعًا في الوقت نفسه مزيدًا من الدعم للإقليم في عهد الإدارة الأميركية الجديدة، برئاسة دونالد ترمب.
وقال بارزاني، في حديث لإذاعة صوت أميركا نشره موقع الحزب الديمقراطي الكردستاني، إن «الأكراد ينتظرون الكثير من أميركا، وإن المبادئ التي تسعى من أجلها الولايات المتحدة موجودة في كردستان»، وأضاف أن «الأكراد اليوم يقفون في المواضع الأمامية في الحرب ضد الإرهاب، وهذا معيار جد مهم بالنسبة لأميركا وإدارة ترمب»، متابعًا: «إن قيم التعايش متوفرة الآن في كردستان، حيث نرى جميع المكونات والطوائف العراقية متعايشة في الإقليم بسلام وأمان ووئام دون مشكلات»، ومؤكدًا أن «الأكراد ينظرون بعين الأمل إلى إدارة ترمب، ويأملون في تعزيز وتقوية العلاقات أكثر وأكثر مما كانت عليه في عهد أوباما».
وبشأن آخر تطورات الحرب ضد «داعش»، قال نيجيرفان بارزاني: «بعد أكثر من سنتين من الحرب والمقاومة ضد إرهابيي (داعش)، قدم فيها إقليم كردستان أكثر من 1600 شهيد من البيشمركة، وأكثر من 9 آلاف جريح، تمكنت قوات بيشمركة كردستان من تحرير كل المناطق التي احتلها (داعش) خلال بداية هجومه على كردستان، بالتعاون والتنسيق مع قوات التحالف الدولي، ولولا دعم التحالف، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة، لما تمكنت البيشمركة من استعادة هذه المناطق بسهولة».
وحول معركة الموصل، أكد نيجيرفان بارزاني «أن ما هو موجود الآن ليس مشكلة عسكرية، بل مشكلة سياسية، وفي اعتقادي أن القضاء على (داعش) عسكريًا لا يعني نهايته، حيث من الممكن أن يخسر الموصل والرقة أيضًا عسكريًا، لكن يبقى تنظيميًا وفكريًا». وأضاف أن «داعش» هو «ثمرة السياسة الخاطئة المتبعة في العراق، وإذا استمرت هذه السياسة، سيبقى (داعش) في العراق، ولن يزول».
وتابع: «لم نلمس خطوة واحدة من بغداد تهدف لمعالجة المشكلات القائمة، وتقويم الأخطاء السياسية السابقة. لذا، نحن متخوفون من بقاء الفكر الداعشي؛ الخطر ليس على إقليم كردستان كما هو على بقية مناطق العراق، كون التنظيم لا حواضن له في الإقليم، وفكره غير مقبول عندنا، وجماهير كردستان لا تدعم هذا الفكر المتطرف، لكنني أقول إن خطر هذا التنظيم ما زال قائمًا على جيراننا، لذلك فإن عراقًا غير مستقر سيكون له تأثيره على كردستان أيضًا».
وحول العلاقات مع بغداد، خصوصًا فيما يتعلق بالخلافات حول الميزانية، قال نيجيرفان بارزاني: «في بداية عام 2014، واجهنا 3 صدمات كبيرة: الأولى قطع ميزانية إقليم كردستان في بداية فبراير (شباط) من ذلك العام دون إعلام الإقليم بذلك، وكانت ذريعتهم أننا نبيع النفط ونصدره، والحقيقة أننا بدأنا تصدير النفط في الشهر الخامس. والصدمة الثانية توجه نحو أكثر من مليون و800 ألف نازح ومهجر ولاجئ إلى الإقليم، ودخول الحرب مع الإرهابيين على جبهة طولها أكثر من ألف كيلومتر. وهذا كان يتطلب إمكانيات كبيرة جدًا خارجة عن طاقة الإقليم. أما الصدمة الثالثة، فكانت هبوط أسعار النفط عالميًا بشكل غير منتظر، ووصولها إلى أقل من 20 دولارًا؛ كل هذه (الصدمات) جعلت كردستان تعيش نحو 3 سنوات من القحط والمصاعب».
وحول التعاون بين أربيل وبغداد، قال رئيس حكومة الإقليم: «بصراحة، إلى الآن نرى أن أولوياتنا وطلبات إقليم كردستان، ومعالجة جميع مشكلاتنا، تكون عن طريق بغداد، ونعتقد أن من مصلحة الإقليم معالجة مشكلات النفط والمشكلات السياسية أيضًا مع بغداد. وقد قمنا بأعمال مشتركة جيدة إلى الآن، وتعاوننا وتنسيقنا مع بغداد في الحرب ضد (داعش) خير نموذج، فبعد 25 سنة، لم يكن السماح للجيش العراقي بالدخول إلى المناطق الكردستانية سهلاً؛ لقد كان قرارًا صعبًا، لكن كون عدونا مشتركًا، كان لزامًا علينا مواجهة هذا العدو مع بعضنا، وقد حققنا نصرًا كبيرًا في ذلك. وبشأن عمليات الموصل أيضًا، كان هناك تنسيق وتعاون عسكري واستخباري كبير بيننا».
وعرض نيجيرفان بارزاني رؤيته لحل المشكلات مع بغداد، وقال: «يجب تمهيد أرضية ملائمة للتفاوض والتفاهم وإنجاح الحوار، بهدف معالجة المشكلات والخلافات القائمة بيننا، وعقد اتفاق يصب في صالح الطرفين. نحن الآن نمر بأزمة مالية خانقة، وبغداد لم تخطُ خطوة واحدة لمساعدة الإقليم؛ قلتها وأكررها: لو قدمت بغداد دولارًا واحدًا زيادة عن سعر برميل النفط، سنعقد اتفاقًا معها»، مشيرًا إلى «أننا في العراق نملك دستورًا دائمًا منذ 12 عامًا، ونحن نتساءل هنا: ما الخطوات التي اتخذتها بغداد لتنفيذ بنود وفقرات هذا الدستور؟ الجواب: لا شيء، ألبتة»، وتابع: «لإقليم كردستان تجربة مريرة مع بغداد؛ بغداد ما زالت تعتبر نفسها المركز، ولم تفهم أن النظام في العراق تغير. النظام الجديد، حسب الدستور، نظام فيدرالي، لكن صيغة التفكير في بغداد مركزية بحتة، وبغداد لم تنفذ قانونًا أو قرارًا واحدًا متعلقًا بإدارة النفط والغاز والموارد النفطية المتعلقة بإقليم كردستان، وتتعامل مع الإقليم كتعاملها مع أي محافظة أخرى من محافظات العراق، وهذا غير مقبول بالنسبة لإقليم كردستان».
وبشأن مساعدة بغداد للبيشمركة، قال: «صحيح أن الحشد الشعبي لعب دورًا كبيرًا في الحرب ضد (داعش)، لكنهم أصدروا له قانونًا خاصًا، ويتم التعامل معه كقوة رسمية، ويقدمون له كل الدعم والتسهيلات كونه منهم، لكنهم غير مستعدين للقبول بأن للبيشمركة مكانًا في المنظومة الدفاعية للعراق. وهنا نتساءل: كيف لنا أن نعتبر أنفسنا مواطنين في هذا البلد؟ ما الدوافع التي تجعلنا نعمل من أجل هذا الوطن؟ الكرد والبيشمركة يوجهون هذه الأسئلة إلى أنفسهم».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».