نصف التلاميذ النازحين من دون مدرسة

أطفال سوريون في مدرسة بطرابلس اللبنانية (نيويورك تايمز)
أطفال سوريون في مدرسة بطرابلس اللبنانية (نيويورك تايمز)
TT

نصف التلاميذ النازحين من دون مدرسة

أطفال سوريون في مدرسة بطرابلس اللبنانية (نيويورك تايمز)
أطفال سوريون في مدرسة بطرابلس اللبنانية (نيويورك تايمز)

نصف الأطفال السوريين النازحين إلى لبنان وتتراوح أعمارهم من 5 إلى 17 عامًا لا يزالون خارج المدارس حتى اليوم، والواقع يبدو أنه أصعب من أن يعالج سهولة.
يبلغ عدد الأطفال السوريين في عمر التعليم الإلزامي في لبنان 500 ألف طفل، ما يقارب 200 ألف منهم تم تسجيلهم هذا العام، لكن ماذا عن الآخرين؟، خصوصا أن بعض هؤلاء لم يتسن لهم دخول المدرسة أصلاً بسبب وجودهم في مخيمات بعيدة عن المؤسسات التعليمية، أو عدم توافر الأوراق اللازمة، أو تفضيل أهلهم تشغيلهم للتغلب على صعوباتهم المادية. ومع ذلك لا تزال الهيئات الدولية والجمعيات المعنية ترى الأمل كبيرا في خفض عدد التلاميذ السوريين الذين باتوا من دون مدرسة. الجهود التي بذلت منذ ما يقارب ثلاث سنوات أثمرت كثيرًا، وبخاصة أن وزارة التربية اللبنانية تعاونت بشكل وثيق ووضعت خططًا ووجدت لها دعمًا ماليًا ولو جزئيًا.
عام 2014 أطلقت وزارة التربية اللبنانية استراتيجية «توفير التعليم لجميع الأطفال في لبنان» دون تمييز بين جنسياتهم. وبدأ التطبيق بتمويل من الاتحاد الأوروبي ووزارة التنمية الدولية البريطانية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية، ووكالات تابعة للأمم المتحدة. وبنتيجة هذا المشروع أمكن تسجيل ما يقارب 50 في المائة من الأطفال السوريين، فيما يتم العمل مع المجتمع المدني والجمعيات لتوفير الدعم والمساعدة، ودروس التقوية، لأولئك الذين بقوا خارج أي نظام تعلمي لفترة تزيد على السنتين، أو أولئك الذين يحتاجون إلى دراسة لغة أجنبية، فيما يتم النظر في تأهيل التلاميذ الذين تجاوزت أعمارهم التعليم الأساسي، بمهارات تقنية ومهنية، إن أمكن. ويستعد لبنان لإطلاق المرحلة الثانية من مشروع «توفير التعليم لجميع الأطفال في لبنان» الذي يهدف إلى استيعاب 440 ألف طفل سوري في التعليم الرسمي بحلول العام الدراسي 2020 - 2021.
وتشيد الهيئات الأممية بجهود وزارة التربية اللبنانية التي سهلت انخراط الأطفال السوريين وتسجيلهم دون إبراز إقامة، كما تم إعفاء جميع التلاميذ من رسوم التسجيل، ووفرت فترات دراسة بعد الظهر في 238 مدرسة لاستيعاب الأعداد المتزايدة، لكن هذه التسهيلات تصطدم بواقع صعب أحيانًا، منها التسرب المدرسي، حيث يعاود الطفل السوري ترك المدرسة بعد تسجيله لصعوبات تعليمية، أو عدم قدرة الأهالي على دفع تكاليف نقل أطفالهم إلى المدارس التي تحتاج إلى أكثر من 30 دولارًا كل شهر للولد الواحد. وتشتكي بعض العائلات من أن بعض المديرين يصرّون على طلب بعض الأوراق التي قد لا تكون متوفرة لديهم، رغم أن الوزارة أعفتهم من توفيرها.
وصدر تقرير عن مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين منتصف العام الماضي، يشير إلى أن مدارس عدة أعلمت المعنيين أن أعداد الطلاب المسجلين لا تتطابق في كثير من الأحيان مع معدلات الحضور الفعلية، وذلك بسبب حراك الأسر اللاجئة وانعدام وسائل النقل أو ارتفاع تكلفتها، ومشكلات أخرى تتصل بالتكيف. كما أن بعض الأسر تضطر إلى إرسال أطفالها للعمل من أجل تلبية احتياجاتها. وبحسب تقرير آخر مشترك بين الوكالات، أجري بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم العالي، بلغ عدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس في لبنان في نهاية عام 2015 نحو 255.400 طفل من مختلف الجنسيات. وقد أوصى هذا التقرير ببذل مزيد من الجهود في مجال التوعية وتوفير مزيد من التمويل للوزارة من أجل زيادة عدد الصفوف.



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.