خلافات في برلمان تونس حول مشاركة رجال الأمن في الانتخابات البلدية

أحزاب المعارضة تنتقد التحوير الحكومي على مستوى المسؤولين المحليين

خلافات في برلمان تونس حول مشاركة رجال الأمن في الانتخابات البلدية
TT

خلافات في برلمان تونس حول مشاركة رجال الأمن في الانتخابات البلدية

خلافات في برلمان تونس حول مشاركة رجال الأمن في الانتخابات البلدية

لم يحسم برلمان تونس بعد موقفه من منح حق التصويت لرجال الأمن والعسكريين في الانتخابات البلدية المقررة في وقت لاحق من العام الحالي.
وتعطل النقاش حول قانون الانتخابات البلدية لأشهر بسبب خلافات جوهرية بين مؤيدين ورافضين لحق التصويت للقوات الحاملة للسلاح، ليتحول الخلاف إلى أزمة سياسية.
والمعروف أن رجال الأمن والعسكر لا يتمتعون بحق التصويت في الانتخابات الرئاسية والتشريعية منذ عقود، وقد تم تكريس مبدأ الحياد للأمن والجيش، بعد صدور الدستور الجديد بعد الثورة في 2014، مع أنه لا ينص صراحة على هذا الاستثناء.
وتقف حركة النهضة الإسلامية، القوة الكبرى في البرلمان، معارضا أساسيا لتصويت رجال الأمن والعسكريين، على خلاف شركائها في الحكم، وأولهم حزب حركة نداء تونس، الذي يقود الائتلاف الحكومي، وعددا من الأحزاب المعارضة.
ويستند الرفض إلى وجود مخاوف من تهديد محتمل للقوات الأمنية والعسكرية على الانتقال السياسي والديمقراطي، الذي لم يكتمل بعد، والإخلال بمبدأ الحياد.
وتمتعت المؤسسة الأمنية، مرهوبة الجانب، قبل ثورة 2011 بنفوذ واسع في الحياة السياسية خلال فترة حكم الحزب الواحد لأكثر من نصف قرن، لكن تم تحجيم هذا الدور بعد سقوط حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي.
وبخصوص هذا الجدل الدائر، قال علي العريض، القيادي البارز في حركة النهضة، إن الحزب سيحسم موقفه من هذا الملف في اجتماع مجلس الشورى، وهو أعلى هيئة في الحركة.
وأوضح العريض أن الاتجاه العام للأحزاب هو التوافق بشأن مقترح الحكومة، الذي يسمح بترسيم الأمنيين والعسكريين في سجل الناخبين، لكن مع منعهم من المشاركة في الحملات الانتخابية أو الترشح للانتخابات بحكم وظائفهم، إلا أن اتحاد نقابات قوات الأمن الداخلي أوضح أنه يتمسك بحق الأمنيين في التصويت وممارسة مواطنتهم.
ويتعين على البرلمان التصويت على القانون الانتخابي خلال جلسة عامة تعقد يوم الثلاثاء.
وتفتقد تونس مجالس بلدية منذ 2011، ما عطل سير الإدارة في الجهات، وكان لذلك تداعيات سيئة على الوضع البيئي. وقد كانت الانتخابات مقررة في نهاية 2016، واضطرت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلى تأجيلها إلى مارس (آذار) المقبل، وليس واضحا بعد مدى إمكانية الالتزام بهذا التاريخ.
من جهة ثانية، عبر عدد من أحزاب المعارضة في تونس عن عدم رضاهم عن تعيين أكثر من مائة مسؤول محلي دفعة واحدة، وهو قرار اتخذه يوسف الشاهد رئيس حكومة الوحدة الوطنية مساء أول من أمس، وتم الإعلان عنه بصفة تفصيلية صباح أمس.
واتهمت الأحزاب المعارضة، حزب النداء (الحزب الحاكم) الذي كان له نصيب الأسد في تلك التعيينات بمحاولة تهيئة ظروف نجاحه في الانتخابات البلدية المقبلة من خلال تعين مسؤولين مقربين منه على المستويين المحلي والجهوي.
وفي هذا السياق، قال محسن مرزوق، رئيس حركة مشروع تونس (المنشق عن حزب النداء)، إن قائمة المعتمدين الجدد التي تم الإعلان عنها مبنية على المحاصصة الحزبية، ودعا رئاسة الحكومة إلى إطلاع التونسيين على أسماء المسؤولين الجدد، ونشر سيرهم الذاتية بعد أن جرى تعيينهم دون مشاورات سياسية سابقة حتى مع الأطراف المشاركة في الائتلاف الحاكم.
وعلى الرغم من أهمية الدور السياسي الذي تقوم به حركة النهضة بإعلانها التوافق السياسي مع حزب النداء، فقد أعلن علي العريض، رئيس الحكومة السابق والقيادي في النهضة، أنه لم يكن يعلم شيئا عن التحوير الحكومي الذي استهدف عددا كبيرا من المسؤولين المحليين، مضيفا أن الأمر يعود إلى ما أفرزه التشاور الذي جرى بين رئيس الحكومة يوسف الشاهد وهادي المجدوب وزير الداخلية، واعتبر المسألة عادية، وقال إنها تتم بصفة دورية لإضفاء دماء جديدة على العمل الحكومي.
وقرر يوسف الشاهد إجراء حركة واسعة على سلك المعتمدين، وشملت التعيينات ما لا يقل عن 114 معتمدية (منطقة محلية) بمختلف ولايات (محافظات) تونس. وقد تم لأول مرة تعيين 11 مسؤولة حكومية محلية. وبمقتضى هذا التحوير الحكومي تمت إقالة بعض المسؤولين في الجهات، ممن فشلوا في مهامهم أو من ثبتت ضدهم بعض التجاوزات.
ووفق مصادر حكومية، فقد عرفت ولايات العاصمة وبن عروس وأريانة ومدنين والقصرين وبنزرت وتطاوين وقابس، أكبر عدد من التغييرات، وهي مناطق تعاني من صعوبات على مستوى التنمية، وتعرف مستويات عالية على مستوى نسب البطالة.
وأكد بلاغ صادر عن الحكومة أن المسؤولين الذين شملهم التعيين تابعون لكل الأحزاب الستة المشاركة في الائتلاف الحاكم، المشكل لحكومة الوحدة الوطنية المنبثقة عن «وثيقة قرطاج».
وبشأن هذا التحوير الحكومي الجديد، أشار حسونة الناصفي، المتحدث باسم حركة مشروع تونس، إلى أن هذه التعيينات لا علاقة لها بالواقع السياسي والاجتماعي للبلاد، وقال إنها اعتمدت على مبدأ المحاباة وتوزيع الحصص بين الأحزاب الحاكمة في غياب تام للكفاءة العلمية والإدارية، وحذر من تداعيات هذه التعيينات وانعكاساتها السلبية على الوضع العام بالبلاد.
وفي السياق ذاته، قال رضا بلحاج، القيادي في الهيئة التسييرية لنداء تونس (منشقة عن حزب النداء الذي يقوده حافظ قايد السبسي)، إن التعيينات في سلك المعتمدين شابتها المحاصصة الحزبية، وحسمتها العلاقات الشخصية مع شخصيات نافذة في الحزب، مبرزا أنها لم تتم وفق معيار الكفاءة.
على صعيد آخر، تعقد حركة النهضة اليوم الدورة الثامنة لمجلس الشورى، ويتضمن جدول أعمال المجلس مجموعة من القضايا الوطنية والحزبية منها، وبخاصة القانون المنظم للانتخابات البلدية والجهوية، ومشروع الخطة العامة للحركة، وخطة عمل مجلس الشورى لسنة 2017، كما تناقش الدورة التي انطلقت أول من أمس الجمعة وتتواصل لمدة ثلاثة أيام، مجموعة من التقارير، من بينها تقرير حول نشاط المكتب التنفيذي، ومكتب مجلس الشورى واللجان والهيئات التابعة للحركة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».