عودة المغرب وانتخاب رئيس للمفوضية يتصدران أجندة قمة الاتحاد الأفريقي

جنوب أفريقيا والجزائر متوجستان من رئاسة ألفا كوندي له

عودة المغرب وانتخاب رئيس للمفوضية يتصدران أجندة قمة الاتحاد الأفريقي
TT

عودة المغرب وانتخاب رئيس للمفوضية يتصدران أجندة قمة الاتحاد الأفريقي

عودة المغرب وانتخاب رئيس للمفوضية يتصدران أجندة قمة الاتحاد الأفريقي

رغم أن قمة الاتحاد الأفريقي الـ28، التي تحتضنها العاصمة الإثيوبية أديس أبابا يوم الاثنين المقبل، قمة عادية، فإن بعض المراقبين عدوها «قمة استثنائية» نظرا لطبيعة الملفات التي ستحسم فيها، ومن ضمنها ملف عودة المغرب إلى الاتحاد بعد غياب دام 32 عاما، ومراجعة هيكلة الاتحاد، وانتخاب مناصب قيادية حساسة لبعض هيئاته، من ضمنها رئاسة المفوضية الأفريقية.
ويسود اعتقاد في كواليس وأروقة الاتحاد الأفريقي هذه الأيام أن «رياح تغيير» بدأت تهب على المنظمة القارية، التي صارت منذ سنوات تلعب أدوارًا حاسمة في الصراعات التي تشهدها القارة، إلا أنها في المقابل لا تزال تعاني من مشكلات كبيرة وتحديات جمة.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن العاهل المغربي الملك محمد السادس سيحل في أديس أبابا غدا السبت. وعد مصدر دبلوماسي أفريقي زيارة العاهل المغربي لإثيوبيا حدثا استثنائيا، إذ لم يسبق له أن شارك في فعاليات القمة الأفريقية منذ توليه الحكم عام 1999، كما غابت بلاده عن جميع الأنشطة القارية منذ عام 1984 عندما انسحبت من منظمة الوحدة الأفريقية جراء قبولها عضوية «الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية»، التي أعلنتها جبهة البوليساريو من جانب واحد عام 1976، بدعم من الجزائر وليبيا.
وكان المغرب، الذي بدأ منذ سنوات في إعادة بناء سياساته تجاه القارة الأفريقية، أعلن بشكل رسمي في يوليو (تموز) الماضي رغبته في استعادة مقعده في الاتحاد الأفريقي ليكون بذلك العضو الـ55، وإن كان لا يعترف بعضوية «الجمهورية الصحراوية»، التي يعدها جمهورية وهمية. وحظيت الرغبة المغربية آنذاك بدعم 28 دولة أفريقية، وقعت جميعها عريضة تطالب بعودة المغرب، وتعليق عضوية «الجمهورية الصحراوية»، لكن يواجه المطلب الأخير معارضة من طرف جنوب أفريقيا والجزائر، حيث ترى جنوب أفريقيا والجزائر أن الأغلبية البسيطة (نصف عدد الدّول زائد دولة واحدة) تخول للمغرب أن يدرج طلبه في جدول أعمال القمة، وليس العودة الرسمية إلى الاتحاد، كما أنهما يريان أن العودة الرسمية للاتحاد تتطلب اللجوء إلى قواعد مسطرية، مفادها ضرورة الحصول على موافقة أغلبية تتكون من ثلثي دول القارة على الطلب المغربي، زد على ذلك أن الدولتين تركزان على مسألة الاعتراف بالحدود الموروثة عن الحقبة الاستعمارية. ومن أجل ترسيخ هذا الاعتراف تقترح جنوب أفريقيا والجزائر تشكيل لجنة، الغرض منها بحث الموضوع لأطول مدة ممكنة، لا لشيء سوى عدم الحسم في الموضوع إلى حين انتهاء ولاية الرئيس المقبل للاتحاد الأفريقي، رئيس غينيا، كوناكري ألفا كوندي، المعروف بعلاقته الوطيدة بالمغرب.
وقالت مصادر دبلوماسية أفريقية لـ«الشرق الأوسط» إن رئاسة كوندي للاتحاد الأفريقي تزعج جنوب أفريقيا والجزائر، مضيفة أن ما تطرحه جنوب أفريقيا والجزائر ما هي إلا عراقيل تختلقها للحيلولة دون عودة المغرب إلى عائلته الأفريقية، موضحة أنه إذا ما تحققت العودة فإنهما ترغبان في أن تكون مقيدة.
ورغم أن المغرب سيعود إلى الاتحاد الأفريقي، وسيجلس إلى جانب «الجمهورية الصحراوية»، فإنه سيحاول بعد عودته إلى حضن الاتحاد الأفريقي تدارك سنوات الغياب الطويلة، وتدارك أخطاء «سياسة المقعد الفارغ».
وفي إطار تحضيرات المغرب لعودته القوية إلى الاتحاد الأفريقي، صوت البرلمان قبل أسابيع على التشريعات الضرورية لذلك، في حين ينتظر أن يصوت قادة أفريقيا على هذه العودة خلال اجتماع مغلق في أديس أبابا يوم الاثنين المقبل، في ظل الحديث عن أغلبية مريحة تدعم القرار.
من جهة أخرى، أصدرت موريتانيا مذكرة أعلنت فيها أنها ستصوت لصالح عودة المغرب إلى مؤسسات الاتحاد الأفريقي، ولكنها تحفظت على مطالبة بعض الدول بسحب عضوية «الجمهورية الصحراوية» في الاتحاد، تماشيا مع موقف الحياد الذي تبنته السلطات الموريتانية خلال العقود الأخيرة إزاء نزاع الصحراء.
وإلى جانب ملف عودة المغرب الذي يهيمن بشكل قوي على مجريات التحضير للقمة الأفريقية، تبرز ملفات ساخنة أخرى، من أبرزها إعادة هيكلة الاتحاد الأفريقي، وانتخاب رؤساء وأعضاء بعض الهيئات التنفيذية الحساسة، في ظل تنافس محموم بين مرشحي بعض الدول.
وفي ظل استعداد الرئيس التشادي، إدريس ديبي، لتسليم الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي إلى الرئيس الغيني ألفا كوندي، يستعد قادة دول الاتحاد لاستعراض مقترح تعديلات قوية على هيكلته المؤسسية، أعده الرئيس الرواندي بول كاغامي بتكليف من الاتحاد خلال قمته في العاصمة الرواندية كيغالي، التي جرت في يوليو الماضي، إلا أن تعديل هيكلة الاتحاد الأفريقي يواجه صعوبات كبيرة في ظل الخلافات داخل أروقته.
وفي انتظار أن يرفع علم المغرب في مبنى الاتحاد الأفريقي، رفعت سلطات الدولة المضيفة العلم المغربي في شوارع العاصمة أديس أبابا، إلى جانب أعلام باقي الدول المشاركة في قمة الاتحاد الأفريقي.
من جهة أخرى، من المنتظر أن يتم انتخاب رئيس جديد لمفوضية الاتحاد الأفريقي، الهيئة التنفيذية للمنظمة القارية، ولعل السؤال الأبرز في أروقة الاتحاد الأفريقي هذه الأيام هو: من سيخلف الجنوب أفريقية نغوسازانا دلاميني - زوما على رأس المفوضية؟ في ظل الحديث وراء الكواليس عن سباق جزائري - نيجيري لوضع اليد على هذا المنصب، الذي ظل لسنوات كثيرة تحت الوصاية الجزائرية، وفق كثير من المراقبين.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.