عقد مجلس الأمن الدولي صباح أمس الخميس، جلسة حول الوضع الإنساني في سوريا، واستمع خلال الجلسة إلى 3 إحاطات من ستيفن أوبراين، رئيس الشؤون الإنسانية، وأمير عبد الله، نائب المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، وبيتر سلامة، المدير التنفيذي لبرامج الطوارئ في منظمة الصحة العالمية.
قدم أوبراين للمجلس، تقرير أمين عام الأمم المتحدة حول الوضع الإنساني برمته، وجاء فيه قوله، إنه «بعد استبعاد أحياء حلب الشرقية من قائمة المواقع المحاصرة، ما زال 700 ألف محاصرين، في جميع أنحاء سوريا». وحسب تقرير الأمين العام، اضطر أكثر من 116 ألف شخص إلى النزوح من المناطق المحاصرة سابقًا من أحياء حلب الشرقية. وتم تسجيل نحو 80 ألف شخص في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، منها مناطق كانت محاصرة سابقا، وتم إجلاء 36 ألف شخص من أحياء حلب الشرقية إلى ريف أحياء حلب الغربية ومحافظة إدلب، خلال الفترة من 15 إلى 22 ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وأشار إلى تصاعد شرس للقتال طوال الشهر، ولكن بدأ تنفيذ قرار وقف إطلاق النار على مستوى سوريا يوم 30 ديسمبر، وخفت على الأثر مستويات العنف، رغم وقوع بعض الخروق.
وتابع أوبراين أن الأمم المتحدة قدمت مساعدة منقذة للحياة إلى أولئك الذين اضطروا إلى النزوح من أحياء حلب الشرقية، أو الذين عادوا إليها منذ ذلك الحين. وجاء في التقرير الذي عرضه أن قافلة واحدة مشتركة فقط بين الوكالات المساعدة قدمت إلى 6 آلاف شخص من أصل العدد الكلي البالغ 930 ألفا و250 شخصا، المطلوب تقديم المساعدة إليهم بموجب خطة الشهر للقوافل المشتركة، وهو ما نسبته أقل من 1 في المائة.
أما بشأن منطقة وادي بردى، بمحافظة ريف دمشق، فقال التقرير إن القتال الذي أدى إلى مقتل مدنيين وتهجير 7 آلاف شخص في المنطقة، تسبب أيضا في قطع المياه عما يقدر بـ5.5 مليون شخص يعيشون في العاصمة دمشق والمناطق المحيطة بها. وأنه وردت إلى الأمم المتحدة والشركاء في المجال الصحي أنباء موثوقة تفيد بوقوع 12 هجوما على مرافق طبية، وتحققت الأمم المتحدة من 5 هجمات تعرضت لها مرافق تعليمية.
الأزمة الغذائية والمجاعة
أما أمير عبد الله، من برنامج الأغذية العالمي، فذكر أن الأزمة الإنسانية تتفاقم في سوريا في ظل ازدياد المصاعب التي تواجه السكان في المناطق المحاصرة، مشيرا إلى أن السكان يعانون من اليأس وسوء التغذية والمجاعة والموت. وأردف عبد الله بأنه على الرغم من «بعض بوادر التفاؤل، فإن الوضع ما زال مقلقًا». وتابع بأنه «بعد مرور 6 سنوات على هذه الأزمة، فإن الوضع الإنساني وانعدام الأمن الغذائي في سوريا يتدهوران، وأن 7 ملايين شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، ومليوني شخص معرضون للخطر». ومن ثم، طالب جميع الأفرقاء بالسماح للوكالات الإنسانية بالوصول إلى المحتاجين بشكل مستمر، مشددًا على أن «إمكانية الوصول إلى المناطق المحاصرة لا يمكن أن تكون عشوائية أو لمرة واحدة، أو بعد إلحاح في تقديم الطلبات. بل ينبغي أن تكون إمكانية الوصول إلى كل الأماكن التي تحتاج إلى مساعدات، آمنة منتظمة ومضمونة. لا يجوز أن تكون عملية الوصول إلى من يحتاجون للمساعدات عملية معقدة وطويلة أو غير معقولة». وتجدر الإشارة، إلى أن 9 ملايين شخص داخل سوريا - أي نحو نصف عدد السكان - يحتاجون إلى الطعام والمساعدة في سبل المعيشة والزراعة. وأن 4 من أصل كل 5 سوريين يعيشون في فقر، و80 في المائة من الأسر داخل البلد تعاني من صعوبة في التأقلم مع النقص الغذائي.
ونبه أمير عبد الله بأن الإنتاج الغذائي ينخفض بشكل قياسي مع زيادة انعدام الأمن الذي يعرقل الوصول إلى الأراضي والإمدادات الزراعية والأسواق، بالإضافة إلى النقص الكبير في الوقود.
الدعم الطبي
واختتم بيتر سلامة، المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ في منظمة الصحة العالمية، الجلسة بالتطرق إلى «التبعات غير المباشرة للصراع على صحة السوريين على المدى الطويل»، قائلا إنها «ربما ستكون أكبر أثرا من تلك الناشئة عن الرصاص والقذائف». وأعرب عن «قلق المنظمة، بوجه خاص، إزاء الوضع في مدينة دير الزور، حيث يصارع السكان للبقاء على قيد الحياة في المدينة المحاصرة». وأكد سلامة على استعداد المنظمة الكامل وشركائها لتقديم إمدادات طبية إلى دير الزور تكفي لمدة 3 أشهر، إذا ما مُنحوا حق الوصول، متقدمًا بأربعة مطالب محددة، كي يستطيع العاملون في المجال الطبي تقديم المساعدة وإنقاذ الأرواح في سوريا.
من ناحية أخرى، لفت سلامة إلى ضرورة أن «تسمح جميع أطراف النزاع بإجلاء الحالات الحرجة، والجرحى وعائلاتهم، من جميع المناطق التي يصعب الوصول إليها، والمحاصرة في سوريا. وكذلك ضمان منح الفرق الطبية الوصول المستدام وغير المشروط لجميع أنحاء سوريا، من أجل تقييم الاحتياجات ورصد البرامج، بما في ذلك توزيع الإمدادات وتدريب الموظفين وتقديم الرعاية الطبية المباشرة».
بعد ذلك طالب سلامة «بضمان وصول الإمدادات الصحية الأساسية بانتظام، بما في ذلك مستلزمات علاج الإصابات والجراحة، التي تنتزع بشكل منهجي من قوافل الأمم المتحدة، إلى المناطق التي يصعب الوصول إليها والمحاصرة». كما شدد على «ضرورة وقف الهجمات على العاملين في مجال الرعاية الصحية والعيادات ومحاسبة مرتكبيها».