«الهيئة العليا» و«الائتلاف» يرفضان لقاء لافروف في موسكو

«الاتحاد الديمقراطي» أعلن حسم مشاركة الأكراد في جنيف «بعد سقوط الفيتو التركي»

طفلة سورية تطل على الدمار الذي سببته غارات النظام على منزل عائلتها في عربين بالغوطة الشرقية (أ.ف.ب)
طفلة سورية تطل على الدمار الذي سببته غارات النظام على منزل عائلتها في عربين بالغوطة الشرقية (أ.ف.ب)
TT

«الهيئة العليا» و«الائتلاف» يرفضان لقاء لافروف في موسكو

طفلة سورية تطل على الدمار الذي سببته غارات النظام على منزل عائلتها في عربين بالغوطة الشرقية (أ.ف.ب)
طفلة سورية تطل على الدمار الذي سببته غارات النظام على منزل عائلتها في عربين بالغوطة الشرقية (أ.ف.ب)

بدأت شخصيات سورية تعتبر نفسها «معارضة» بالوصول إلى موسكو، حيث من المتوقع أن تبحث مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف نتائج مفاوضات «مؤتمر آستانة». وفي حين أعلن صاحب الدعوة، رفض أبرز تشكيلات المعارضة، أي «الهيئة العليا للمفاوضات» و«الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» المشاركة في اللقاء الروسي، حذر معارضون من محاولة موسكو تشكيل وفد بديل عن «الهيئة العليا» للمشاركة في مفاوضات جنيف المقبلة، تكون غالبية أعضائه من مؤيدي بقاء رئيس النظام السوري في السلطة.
حذر المعارضة الذي أدّى إلى اعتذار رئيس «الهيئة العليا» رياض حجاب وأعضاء «الائتلاف الوطني» عن تلبية الدعوة، يستند إلى ورود معلومات عن جهود روسية لتأليف وفد جديد لتمثيل المعارضة في مفاوضات جنيف المقبلة ستكون «منصات» موسكو والقاهرة وآستانة، و«مجموعة حميميم» وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ممثلة فيه، وكانت هذه الجهود قد تعثّرت من قبل لأسباب عدّة أهمها «الفيتو» التركي على مشاركة الانفصاليين الأكراد. هذا الواقع أكده خالد عيسى، القيادي الكردي وممثل «الإدارة الذاتية» في فرنسا الذي وصل إلى موسكو أمس، إلى جانب الرئيسة المشتركة لـ«الاتحاد الديمقراطي» آسيا العبد الله وأنور مسلم، كممثلين للأكراد. وفي لقاء لـ«الشرق الأوسط» مع عيسى قال: «نلتقي لافروف غدا (اليوم) للتحضير لـ(جنيف) وتلقينا تأكيدا من موسكو وعدد من الدول الكبرى بأنّنا سنكون جزءا من المفاوضات المزمع عقدها في 8 فبراير (شباط) المقبل، وأي حل في سوريا لن يتحقّق من دون مشاركتنا». وأردف «غيابنا سيؤدي إلى نتيجة مماثلة لنتائج المفاوضات السابقة». وردّا على سؤال عما إذا كان هذا الأمر يعني تراجع أنقرة عن إصرارها على رفض مشاركة «الاتحاد الديمقراطي»، قال عيسى «قد يكون التقارب التركي الروسي الأخير ساهم في هذا الأمر، وهي إشارة إيجابية للانطلاق في حوار جدي لحلّ الأزمة السورية». واستطرد «لا بد أن تكون كل القوى السورية ممثلة في أي حل سوري، خاصة، أن الأكراد يديرون اليوم نحو 20 في المائة من الأراضي السورية، وهذا الأمر يثبت أن إبعادنا سيعيق التوصل إلى حل».
من جهته، قال عبد السلام علي، القيادي في «الاتحاد الديمقراطي» الكردي لوكالة الأنباء الروسية «ريا نوفوستي» إن «ممثلنا سيأتي من فرنسا... ونحن نريد أن نناقش المحادثات التي جرت في آستانة ومشاركة ممثلين لحزب الاتحاد الديمقراطي في جنيف».
الجدير بالذكر أن الدعوات الروسية كانت قد وجّهت إلى كل من رئيس الهيئة، رياض حجاب ورئيس الائتلاف أنس العبدة ونائبه عبد الحكيم بشار وعضو الهيئة السياسية هادي البحرة، بصفة شخصية. وهو الأمر الذي وضعته مصادر في «الهيئة» ضمن الأسباب التي أدت أيضا إلى اعتذارهم، وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» في حوار معها «اعتماد هذه الصيغة يعني عدم اعتراف بالهيئات، وهذا أمر غير لائق وغير مقبول». ثم أضافت: «في آستانة تم تجاهل الهيئة على اعتبار أن دورها سيبقى كما هو وستمثل المعارضة في جنيف، لكن هذه المحاولات تؤكد أن هناك نوايا مغايرة لما يتم الإعلان عنه، ولن نقبل بالتهميش بعد الآن».
ورأت المصادر أن الدعوات التي شملت أيضا «منصات» موسكو والقاهرة وآستانة و«الحزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي، تظهر بوضوح وجود نية روسية لتشكيل وفد جديد يكون فيه الغالبية من مؤيدي بقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد في السلطة.
وفي الاتجاه نفسه، أكّد عضو «الائتلاف» نصر الحريري، لـ«موقع اورينت» المعارض، رفض «الائتلاف» و«الهيئة العليا للمفاوضات» الدعوة التي وجهها لافروف لحضور اجتماعات بموسكو. وأشار الحريري إلى أن روسيا دعت إلى اجتماع موسكو، المقرر عقده الجمعة، جماعات وشخصيات مقربة منها أو تابعة لنظام الأسد وأهمها «حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي وما تسمى «مجموعة حميميم» و«هيئة التنسيق الوطنية». واعتبر أن روسيا تعمل من خلال اجتماع موسكو إلى تشكيل وفد يُحسب على المعارضة السورية من أجل المشاركة في مفاوضات جنيف المقررة، مشددًا على أن أي مفاوضات تم فيها تغييب أو نزع الشرعية عن «الهيئة العليا» و«الائتلاف» مصيرها الفشل. كذلك اتهم الحريري روسيا بمحاولة تغيير مرجعيات الحل السياسي في سوريا، والالتفاف على قضية المرحلة الانتقالية، ولا سيما أنها نفذت عملية «مراوغة» في اجتماع آستانة، الذي كان مخصصًا لبحث القضايا العسكرية، لتطرح على وفد المعارضة مسودة دستور أعده خبراء روس.
أخيرًا، بالنسبة للأسماء التي تلقت دعوة وزارة الخارجية الروسية، فهي - إضافة إلى ممثلي «الائتلاف» و«الهيئة العليا» - جهاد مقدسي وجمال سليمان وأحمد الجربا ومعاذ الخطيب وحسن عبد العظيم وميس كريدي رندة قسيس وخالد عيسى وإليان مسعد ولؤي حسين ومنى غانم وهيثم منّاع وقدري جميل. وبينما أكّدت بعض المعلومات اعتذار كل من الجربا ومنّاع والخطيب، أشارت وسائل إعلام إلى وصول عدد كبير من الشخصيات المشاركة في لقاء لافروف إلى موسكو أمس.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».