مساع لدمج حفتر في حكومة السراج خلال اجتماع القاهرة

قوات الجيش تعلن اقتراب تحرير بنغازي نهائيًا من الإرهابيين

خليفة حفتر ...فائز السراج
خليفة حفتر ...فائز السراج
TT

مساع لدمج حفتر في حكومة السراج خلال اجتماع القاهرة

خليفة حفتر ...فائز السراج
خليفة حفتر ...فائز السراج

كشف فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية، والمدعومة من بعثة الأمم المتحدة، أمس، عن وجود ترتيبات مصرية للقاء ثنائي تحتضنه القاهرة، يجمعه مع المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الموالي لمجلس النواب الليبي، خلال الشهر المقبل.
وقالت مصادر ليبية لـ«الشرق الأوسط»، إن الاجتماع المنتظر سيبحث إمكانية دمج حفتر في حكومة السراج. لكن مسؤولا عسكريا في الجيش، الذي يقوده المشير حفتر قال إن حفتر قد يوافق على تشكيل مجلس عسكري للجيش يتم منحه كل الصلاحيات اللازمة، مشيرا إلى أن قيادة الجيش الحالية تسعى للحصول على ضمانات بقدرة السراج أولا على نزع أسلحة الميليشيات المسلحة، التي تسيطر منذ نحو عامين على العاصمة الليبية طرابلس.
وما زال حفتر يرفض الاعتراف بحكومة السراج، التي لم يمنحها البرلمان الموجود بمدينة طبرق ثقته، رغم مرور نحو عام على إبرام اتفاق سلام في منتجع الصخيرات بالمغرب.
وتحدث مسؤولون مصريون وتونسيون أمس عن إمكانية عقد اجتماع ثلاثي في أقرب وقت، يجمع كلا من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والتونسي الباجي قايد السبسي، والجزائري عبد العزيز بوتفليقة، لتدارس الوضع في ليبيا.
وسيعقد وزراء خارجية تونس ومصر والجزائر، اجتماعا بتونس خلال النصف الأوّل من الشهر المقبل، تحضيرا على ما يبدو لهذه القمة. كما تأجلت القمة التي كان يفترض أن يعقدها أمس رؤساء الدول والحكومات الأفارقة حول الأزمة الليبية إلى غد (الجمعة) في العاصمة الكونغولية برازافيل، وفقا لما أعلنته وزارة الخارجية والتعاون الكونغولية. وتأتي هذه التطورات فيما حققت قوات الجيش الليبي بقيادة حفتر انتصارات ضد الجماعات الإرهابية، التي ما زالت تتحصن بداخل مدينة بنغازي شرقا. واجتمع حفتر أمس بمقر القيادة العامة للجيش مع آمر غرفة العمليات المكلف الذي أبلغه بتحرير منطقة قنفودة غرب بنغازي من الجماعات الإرهابية، مؤكدا أنها أصبحت الآن تحت سيطرة قوات الجيش. كما أعلن بحسب بيان مقتضب أنه تم تحرير الرهائن من الأطفال والنساء وبعض العسكريين الذين كانوا محتجزين لدى الجماعات المتشددة.
وقال المكتب الإعلامي لكتيبة شهداء الزاوية، إنه تم أمس تحرير 62 أسيرًا من منطقة الاشتباكات في محور قنفودة غرب بنغازي، لافتا النظر إلى أن قوات الجيش تواصل التقدم في هذا المحور وتضيق الخناق على ما تبقى من الإرهابيين.
وأوضح مصدر عسكري لـ«الشرق الأوسط» أن المساحة المتبقية للجماعات المتطرفة في بنغازي تقلصت مؤخرا إلى أقل من 2 في المائة تقريبا، مؤكدا أن تحرير المدينة بشكل رسمي وكامل بات وشيكا للغاية، على حد تعبيره.
فيما قال مصدر في القوات الخاصة (الصاعقة) التابعة للجيش، إن 5 من عناصرها قتلوا في اشتباكات وقعت خلال اليومين الماضيين.
من جهته، توقع السراج أن يتم اجتماعه المرتقب مع حفتر «في أقل من شهر، وربما في غضون أيام قليلة»، حسبما نقلت عنه أمس صحيفة «كورييري ديلا سيرا» الإيطالية. وقال السراج إن اللقاء سيكون «ثنائيا مباشرا ودون وسطاء»، معلنا استعداده «للعمل معه (حفتر) للوصول إلى حل من أجل ليبيا».
وبعدما رأى أنه «لا يوجد حل عسكري للنزاع في ليبيا»، اعتبر أن «الإصرار فقط على قوة السلاح قد يجرنا إلى حرب أهلية دامية ومجازر وفوضى أكثر خطورة».
وبخصوص العلاقة مع مصر، أكد السراج أن «علاقاتنا مع مصر كبيرة، ونحن أصدقاء، ولدينا علاقات قديمة وقوية. أنا شخصيا التقيت الرئيس السيسي قبل أسابيع قليلة، وأكد لي اهتمامه بليبيا موحدة وقوية ومستقلة وذات سيادة»، مضيفا: «إنهم يعملون على عقد لقاء بيني وحفتر، وأعتقد أنه سيكون مباشرا وجها لوجه من دون وسطاء، أنا مستعد بالتأكيد للعمل معا للبحث عن حل، وبوسعنا سويا تحقيق ذلك».
وكان السراج التقى بعد تعيينه في يناير (كانون الثاني) العام الماضي، حفتر، بحضور مسؤول مصري بمقر حفتر الحصين في مدينة المرج بشرق البلاد. وأعلنت مصر التي استقبلت عدة وفود سياسية وإعلامية، تمثل كل الأطراف الليبية على مدى الأسابيع القليلة الماضية، عزمها تنظيم محادثات «مباشرة» بين أطراف النزاع في ليبيا في ختام اجتماع لوزراء خارجية دول الجوار الليبي.
وكان السراج قد استقبل سفير ألمانيا لدى ليبيا كريستيان بوك، أول من أمس، بالعاصمة طرابلس، حيث أعرب الأخير عن أمله في عودة البعثة الدبلوماسية الألمانية للعمل في طرابلس في وقت قريب، مجددًا دعم بلاده لحكومة السراج. وقال بيان لمكتب السراج إنه تم الاتفاق خلال اللقاء على دعم الحرس الرئاسي، وفق برنامج يعده الخبراء من البلدين، إضافة إلى تقديم ألمانيا الدعم اللازم لقطاعي الطاقة والكهرباء وتحديد آلية عمل لتحقيق ذلك.
إلى ذلك، أعلن مدير مكتب التحقيقات بمكتب النائب العام في طرابلس، أن منفذي عملية تفجير سيارة مفخخة بمنطقة الظهرة، بالقرب من السفارتين الإيطالية والمصرية في المدينة، هما عسكريان، وأنه لا علاقة لتنظيم داعش المتطرف بالتفجير بتاتًا، بل له ارتباطات سياسية، على حد قوله. وأضاف في مؤتمر صحافي، عقده أمس في طرابلس، أن أحد المراكز الأمنية تلقى بلاغا من أهالي المنفذين بفقدانهم يوم التفجير.
كما كشف عن قضايا فساد بالجملة ومحاولات للتلاعب بالمال العام، مشيرا إلى صدور أوامر بمنع سفر 4 من رؤساء مجالس إدارة شركات توزيع النفط الخاصة على ذمة التحقيق في تهريب الوقود، كما اتهم عصابات مافيا في إيطاليا ومالطا بالتورط في ذلك، عبر إرسال ناقلات نفط لتسلم الوقود المهرب من ليبيا، مشيرا إلى اعتقال بعض المتورطين من جنسيات مختلفة.
وتمارس حكومة السراج التي يوجد مقرها في طرابلس، إضافة إلى الحكومة التي تدعم المشير حفتر ومقرها في البيضاء في الشرق، سلطاتهما بشكل منفصل في البلد الذي تحكمه الفوضى، منذ انهيار نظام العقيد الراحل معمر القذافي في 2011.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».